< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: سَجْدةُ التِّلَاْوَةِ(9)* | *القواطع(1)*

*قوله: (والتكبير للرفع منها خاصَّة)*

قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: (ولا تكبير فيها إلَّا بعد الرّفع...) ،وقال في المدارك - تعليقاً على قول المحقّق (رحمه الله) في الشّرائع: وليس في شيء من السَّجدات تكبير-: (التكبير المنفي هو تكبيرة الافتتاح، وقد أجمع الأصحاب على عدم مشروعيَّته فيه، كما لا يشرع التشهُّد ولا التسليم...)، وفي الحدائق: (والمشهور بين الأصحاب عدم التكبير لها، وقال أكثر العامة: بوجوب التكبير قبلها؛ نعم، يستحبّ التكبير عند الرَّفع، وظاهر الشَّيخ في المبسوط والخلاف والشّهيد في الذكرى الوجوب...).

وفي الجواهر: (بل قيل: إنَّه محتمل الأمالي والخلاف وجامع الشّرائع والبيان، بل في الأوّل منها أنَّه من دين الإماميّة، وظنّي أنّ مراد الجميع الندب الذي صرّح به الفاضل وغيره ممّن تأخر عنه...).

*أقول:* قد يستدلّ للوجوب ببعض الرّوايات:

منها: صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قال: إذا قرأت شيئاً من العزائم التي يسجد فيها، فلا تكبّر قبل سجودك، ولكن تُكبِّر حين ترفع رأسك...)([1] ).*

ومنها: موثقة سماعة *(قال أبو عبد الله (عليه السَّلام): إذا قرأت السَّجدة فاسجد ولا تكبر حتّى ترفع رأسك)([2] ).*

ولكنَّها لا تدلّ على الوجوب، لأنَّ مفهوم الغاية هو ارتفاع النهي عند حصول الغاية وهي رفع الرأس، ومعنى ارتفاع النهي عند حصول الغاية هو جواز التكبير، لا وجوبه.

ومنها: ما رواه المحقِّق (رحمه الله) في المعتبر، نقلاً من جامع البزنطي، عن محمَّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السَّلام) *(فيمَنْ يقرأ السَّجدة من القرآن من العزائم: فلا يُكبِّر حين يسجد، ولكن يُكبِّر حين يرفع رأسه)([3] )،* وهي ضعيفة بالإرسال، لأنَّ المحقِّق (رحمه الله)لم يذكر طريقه إلى جامع البزنطي.

ومنها: مرسلة الفقيه *(قال: روي أنَّه يقول في سجدة العزائم -إلى أن قال:- ثمَّ يرفع رأسه، ثمَّ يكبّر)([4] )، وهي ضعيفة بالإرسال.

__________

 

وذكر جماعة من الأعلام أنَّ هذه الأوامر الظَّاهرة في الوجوب محمولة على الاستحباب جمعاً بينها وبين رواية عمَّار المتقدّمة *(قال: سُئل أبو عبد الله (عليه السَّلام) عن الرَّجل إذا قرأ العزائم كيف يصنع؟ قال: ليس فيها تكبير إذا سجدت، ولا إذا قمت، ولكن إذا سجدت قلت ما تقول في السُّجود)([5] ).*

ورواية دعائم الإسلام المتقدّمة *(وإذا سجد فلا يكبِّر، ولا يسلِّم إذا رفع، وليس في ذلك غير السُّجود، ويدعو في سجوده بما تيسّر من الدُّعاء)([6] ).*

ولكنّ رواية عمَّار ضعيفة -كما عرفت- بعدم وثاقة عليّ بن خالد، وليس الضعف من جهة رواية ابن إدريس (رحمه الله) عن كتاب محمَّد بن علي بن محبوب، لِما عرفت قريباً، فلا حاجة للإعادة.

وأمَّا رواية الدَّعائم فهي ضعيفة بالإرسال.

وعليه، فلا تصلح هذه الرِّوايات لحمل الأمر في الرِّوايات السَّابقة على الاستحباب.

*والإنصاف:* أنَّ الرِّوايات السَّابقة لا تدل على الوجوب:

أمَّا رواية الفقيه فلضعفها بالإرسال.

وأمَّا موثقة سماعة فلمَّا عرفت.

وأمَّا صحيحة بن سنان، ورواية ابن مسلم المرويَّة في المعتبر: فمضافاً لضعف الثانية بالإرسال، فإنَّ الأمر فيهما واقع عقيب النهي عنه قبل السَّجدة، وهو لا يظهر منه أزيد من مشروعيَّة التكبير بعده، فهاتان الرِّوايتان في حدِّ ذاتهما قاصرتان عن إفادة الوجوب.

*وعليه،* فمقتضى الأصل عدم الوجوب، والله العالم.

    

>> *الموضوع: القواطع(1)*

قوله: *(ويُبطِل الصَّلاة مُبطِل الطَّهارة وإن كان سهواً على الأصحّ)*

*يقع الكلام* في خمسة أمور:

*الأوَّل:* في بطلان الصَّلاة بالحدث في أثنائها عمداً.

*الثاني:* في بطلانها فيما لو كان سهواً، أي سها عن كونه في الصَّلاة، مع كون الحدث عمداً وباختياره، كمَنْ تكلَّم في الصَّلاة ساهياً، أي سها عن كونه في الصَّلاة، مع كون الكلام الآدمي عن عمد واختيار.

*الثالث:* في بطلانها في الحدث في الأثناء عن اضطرار، وبغير اختياره، وهو ما يعبَّر عنه : «بسبقه الحدث».

*الرَّابع:* المتيمّم الذي يسبقه الحدث في أثناء الصَّلاة ويجد الماء، فهل تبطل، أم أنَّه يتوضَّأ ويبني على ما أتى ويكمل الباقي؟

الخامس: ما حُكي عن الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) من القول: بعدم ناقضيَّة الحدث إذا كان بعد السَّجدة الثانية من الرِّكعة الأخيرة، سواء أكان الحدث عن عمد، أم لا.

*وأمَّا الأمر الأوَّل:* فالمعروف بين الأعلام هو بطلان الصَّلاة بصدور الحدث عمداً في أثناء الصَّلاة، سواء كان الحدث أكبر أو أصغر.

قال صاحب المدارك : (أجمع العلماء كافَّة على أنَّ من أحدث في الصَّلاة عامداً بطلت صلاته، سواء كان الحدث أصغر أم أكبر...).

وفي الحدائق : (لا خلاف في بطلانها)، ثمَّ قال بعد ذلك: (نقل الإجماع على ذلك جماعة من الأصحاب، منهم العلّامة، إلَّا أنَّ الظَّاهر من كلام ابن بابويه -كما سيأتي إن شاء الله تعالى-في مسألة: مَنْ ترك ركعتين من الصَّلاة ساهياً فإنَّه يأتي بهما وإن بلغ الصِّين- خلافه، ويمكن إلحاق هذا الفرد بالسّهو أيضاً على نحو مسألة مَنْ تكلّم في الصَّلاة عامداً بعد التسليم، بناءً على تمام صلاته، ثمَّ ظهر نقصانها، فإنَّه يتمّها وتكون صلاته صحيحة، فلا يخالف الإجماع المدّعى في المقام).

وفي الجواهر : (بلا خلاف أجده في حال العمل، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، بل لعلّ المنقول منه متواتر، بل قد أجاد من ادَّعى ضروريّته من المذهب، فمن الغريب ما يُحكى عن المجلسي (رحمه الله) من قوَّة ما عساه يظهر من إطلاق الصَّدوق عدم بطلان الصَّلاة بالحدث بعد الجلوس من السَّجدة الثانية من الرّكعة الرابعة، بل يتوضّأ ويرجع...).

أقول: هناك تسالم بين الأعلام على البطلان فيما لو كان الحدث أثناء الصَّلاة عمداً.

وأمَّا كلام الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) فليس صريحاً، ولا ظاهراً في إرادته على نحو العمد.

ويحتمل قويًّا إرادته حال عدم الاختيار، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

ويدلّ على ذلك -مضافا للتسالم بين الأعلام-: الرّوايات الكثيرة الواردة في الأبواب المختلفة، والموارد المتفرقة، فلسنا بحاجة لسردها، وإن كان سيأتي بعضها -إن شاء الله تعالى-.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo