< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: سَجْدةُ التِّلَاْوَةِ(7)*

*>> هل يشترط فيها ما يشترط في سجود الصَّلاة؟*

= وقال العلَّامة (رحمه الله) في التحرير: *(الأقرب: اشتراط السُّجود على الأعضاء السَّبعة، وفي المحكي عن البيان: الأشبه اشتراط السُّجود على السَّبعة، وعلى ما يصحّ السُّجود عليه، فإنْ تعذّر فكسجود الصَّلاة، وفي الذكرى: في سجود فكسجود الصَّلاة)،* وفي الذِّكرى -في سجود الشُّكر-: القطع باعتبار السَّبعة، وفي المدارك: *(وفي اشتراط وضع الجبهة على ما يصحّ السُّجود عليه، والسُّجود على الأعضاء السبعة، واعتبار السمافة بين الموقف والمسجد، نظر، ولا ريب أنَّ اعتبار ذلك أحوط).*

وفي الجواهر: *(وبالجملة، لم يعضّ على العدم أحد بضرس قاطع، إلَّا المصنِّف في المعتبر، وتبعه بعض من تأخَّر...).*

*أقول:* أمَّا عدم اعتبار علوِّ المسجد بما يزيد على أربعة أصابع فلانصراف دليله إلى خصوص سجود الصَّلاة.

وأمَّا عدم اعتبار وضع المساجد السَّبعة، ووضع الجبهة على ما يصح السُّجود عليه، فلانصراف دليلهما أيضاً إلى خصوص الصَّلاة.

هذا، *وقد يستدلّ* لعدم اعتبار وضع سائر المساجد: برواية الحلبي المتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) *(قال: سألته عن الرَّجل يقرأ السَّجدة، وهو على ظهر دابَّته، قال: يسجد حيث توجَّهت به، فإنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلِّي على ناقته وهو مستقبل المدينة، يقول الله عزَّوجل ﴿{فأينما تولُّوا فثَمَّ وجه الله} [1] .*﴾

*ووجه الاستدلال* بها: هو أنَّ السُّجود على ظهر الدَّابَّة المستلزم للإخلال بسائر المحال يكشف عن عدم اعتبار وضع سائر المساجد.

ولكنَّك عرفت أنَّ الرِّواية ضعيفة سنداً ودلالةً، أمَّا سنداً فلِعدم وثاقة جعفر بن محمَّد بن مسرور، فالتعبير عنها بالصَّحيحة، كما عن جماعة من الأعلام في غير محلَّه.

وأمَّا دلالةً فلِما ذكرناه أيضاً من أنَّ المراد من السَّجدة هي المندوبة دون العزيمة، بدليل الاستشهاد بفعل النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في الصَّلاة على ناقته (صلى الله عليه وآله)، حيث إنَّ المراد منها هي الصَّلاة المندوبة لا الفريضة، إذ لا يصحّ إتيانها اختياراً على الناقة، وهي ماشية.

*أضف إلى ذلك:* أنَّه يستشعر من الجواب كون محطّ النَّظر في السُّؤال هو الاستقبال.

ومهمايكن، فلا يصحّ الاستدلال بهذه الرِّواية.

*والخلاصة إلى هنا:* أنَّ الأقوى عدم اعتبار شيء ممَّا ذُكِر، وإن كان هو الأحوط، والله العالم.

*قوله: (وتُقضَى لو فاتت، ووجوبها أو ندبها: فوري)*

يقع الكلام في أمرين:

*الأوَّل:* وجوب السَّجدة أو ندبها فوريّ، أم لا ؟

*الثاني:* فيما لو كان السُّجود واجباً لو فاتت نسياناً أو عصياناً، أو لعذر من الأعذار، هل يجب قضاؤها أم لا؟

*أمَّا الأمر الأوَّل:* فالمعروف بين الأعلام أنَّ وجوب السَّجدة أو ندبها فوري، قال صاحب المدارك: (أجمع الأصحاب على أنَّ سجود التلاوة واجب على الفور...).

و في الحدائق : *(أنَّه لا خلاف في فوريّتها، وقد نقلوا الإجماع على ذلك...).*

*أقول:* لا إشكال في الفوريَّة، بل المسالة متسالم عليها بين الأعلام قديماً وحديثاً، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه.

ومع ذلك يدلّ على الفوريَّة بعض الرِّوايات المانعة عن قراءة العزائم في الفريضة، معلّلاً في بعضها بأنَّ السُّجود زيادة في المكتوبة، كما في رواية زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) *(قال: لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم، فإنَّ السُّجود زيادة في المكتوبة)([2] )،* وهي دالَّة على الفوريَّة ، إذ لو جاز التأخير إلى ما بعد الصَّلاة لم يكن وجه للمنع، ولكن هذه الرِّواية ضعيفة، لعدم وثاقة القاسم بن عروة .

ويدل على الفوريَّة أيضاً صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه *(قال: وسألتُه عن الرَّجل يكون في صلاته، فيقرأ آخر السَّجدة، فقال: يسجد إذا سمع شيئاً من العزائم الأربع، ثمَّ يقوم فيتمّ صلاته، إلَّا أن يكون في فريضة فيُومِئ برأسه إيماءً)([3] )،* وهي واضحة الدَّلالة، إذ لو جاز التأخير إلى ما بعد الصَّلاة لم يكن وجه للانتقال إلى الإيماء الذي هو بدل عن السّجود عند التعذّر.

ثمَّ إنَّ مقتضى إطلاق الأدلَّة جواز فعلها في الأوقات كلّها وإن كان ممَّا تُكره فيه النوافل المبتدأة.

ولكن في موثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) *(قال: في الرَّجل يسمع السَّجدة في السَّاعة التي لا تستقيم الصَّلاة فيها، قبل غروب الشَّمس، وعند صلاة الفجر، فقال: لا يسجد؛ وعن الرَّجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال: إذا بلغ موضع السَّجدة فلا يقرأها، وإن أحبّ أن يرجع فيقرأ سورةً غيرها، ويدع التي فيها السجدة، فيرجع إلى غيره....).*

ولكنَّها تحمل على غير العزيمة لأمرَيْن:

الأوَّل: للتسالم بينهم على وجوب الفوريَّة في سجدة العزيمة.

*وثانيّاً:* لقوله في ذيل الموثقة: *(وعن الرجل، يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم...)،* فإنَّ التقييد بالمكتوبة في هذا السُّؤال يكشف عن أنَّ المراد بالسَّجدة في السُّؤال الأوَّل يقابل العزيمة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo