< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التسليم في الصَّلاة(2)

الثانية: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه (قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): افتتاح الصَّلاة الوضوء، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)(2)، وهي ضعيفة بالإرسال.

وذكرنا سابقاً أنَّه لا فرق في عدم العمل بمراسيل الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) بين أن يرويها بعنوان (روي) أو بعنوان (قال).

ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) ورواها الشَّيخ الصَّدوق ¬ في الهداية عن الصَّادق ’ بعنوان: ©قال الصَّادق ’®، وهي ضعيفة بالإرسال.

الثالثة: رواية الشَّيخ الصَّدوق ¬ في العِلل وعيون الأخبار بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرِّضا (عليه السلام) (قال: إنَّما جُعِل التسليم تحليل الصَّلاة، ولم يجعل بدلها تكبيراً، أو تسبيحاً، أو ضرباً آخر، لأنَّه لمَّا كان الدخول في الصَّلاة تحريم الكلام للمخلوقين، والتوجُّه إلى الخالق، كان تحليلها كلام المخلوقين، والانتقال عنها، وابتداء المخلوقين في الكلام أوَّلاً بالتسليم)(3).

وعبَّر صاحب الجواهر (رحمه الله) عن هذه الرِّواية بقوله: (بإسناده الذي قيل: إنَّه لا يقصر عن الصَحيح؛ وعبَّر عنها المحقِّق الهمداني (رحمه الله) بإسناده الحسن كالصَّحيح عن الفضل بن شاذان).

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ إسناده إلى الفضل بن شاذان فيما سمعه عن الرِّضا (عليه السلام) ضعيف بجهالة أكثر من شخص.

الرابعة: رواية الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) الأخرى في عيون الأخبار، بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرِّضا (عليه السلام)، في كتابه إلى المأمون (قال: تحليل الصَّلاة التسليم)(4)، وهي ضعيفة أيضاً بجهالة عبد الواحد بن محمَّد بن عبدوس النيشابوري العطَّار، وعليّ بن محمَّد بن قُتَيْبة.

الخامسة: رواية المفضَّل بن عمر المرويَّة في العِلل (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن العلَّة التي من أجلها وجب التسليم في الصَّلاة، قال: لأنَّه تحليل الصَّلاة -إلى أن قال:- قلتُ: فلمَ صار تحليل الصَّلاة التسليم؟ قال: لأنَّه تحيَّة الملكين، وفي إقامة الصَّلاة، بحدودها وركوعها وسجودها وتسليمها، سلامة للعبد من النَّار، وفي قبول صلاة العبد يوم القيامة قبول سائر أعماله، فإذا سلمت له صلاته سلمت جميع أعماله، وإن لم تسلم صلاته، وردَّت عليه، ردّ ما سواها من الأعمال الصَّالحة)(5)، وهي ضعيفة جدّاً بمحمَّد بن سنان، وعليّ بن العبّاس، وعدم وثاقة القاسم بن الربيع الصحَّاف، ووجوده في كامل الزِّيارات وتفسير عليّ بن إبراهيم غير نافع، لعدم كونه من مشايخهما المباشرين؛ كما أنَّ عليّاً بن أحمد الدقَّاق، شيخ الصَّدوق (رحمه الله)، لم يوثَّق.

ومع كلّ ذلك عبَّر صاحب الجواهر (رحمه الله) عن هذه الرِّواية بقوله: (وعن العِلل أيضاً بسندٍ يمكن أن يكون معتبراً إلى المفضل بن عمر)؛ ومن أين جاء هذا الاعتبار للسَّند فالعلم عند الله سبحانه وتعالى؟!

___________

(1و2و3و4و5) الوسائل باب1 من أبواب التسليم ح1و8و10و12و11.

السَّادسة: رواية الأعمش عن جعفر بن محمَّد (عليه السلام) -في حديث شرايع الدِّين المرويَّة في الخِصال للشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) - (قال: ويقال في افتتاح الصَّلاة -إلى أن قال:- لأنَّ تحليل الصَّلاة هو التسليم ...)(1)، وهي ضعيفة لأنَّ إسناد الصَّدوق (رحمه الله) إلى الأعمش، في حديث شرائع الدين، ضعيف بجهالة أكثر من شخص.

السَّابعة: رواية الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في معاني الأخبار عن عبد الله بن الفضل الهاشمي (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن معنى التسليم في الصَّلاة، فقال: التسليم علامة الأمن، وتحليل الصَّلاة، قلت: وكيف ذلك -جعلت فداك- ؟! قال: كان النَّاس فيما مضى إذا سلَّم عليهم وارد أمنوا شرَّه، وكانوا إذا ردّوا عليه أمن شرّهم، وإن لم يسلِّم لم يأمنوه، وإن لم يردوا على المسلِّم لم يأمنهم، وذلك خُلُق في العرب، فجُعِل التسليم علامةً للخروج من الصَّلاة، وتحليلاً للكلام، وأمناً من أن يدخل في الصَّلاة ما يفسدها، والسَّلام اسم من أسماء الله عزَّوجل، وهو واقع من المصلِّي على ملكي الله الموكلين)(2)، وهي ضعيفة جدّاً، بجهالة أحمد بن يحيى بن زكريا القطَّان، وتميم بن بهلول وأبيه.

وأمَّا بكر بن عبد الله بن حبيب، فقال عنه النجاشي: (أنَّه يُعرف ويُنكر) ، أي: إنَّ بعض أحاديثه منكرة، وهو إمَّا ضعيف أو مجهول.

وأمَّا أحمد بن الحسن القطَّان، والذي هو شيخ الصَّدوق (رحمه الله): قد ترضَّى عنه كثيراً، وقال عنه في إكمال الدِّين (وهو شيخ، كبير الأصحاب ...)، وهذا مدح لا بأس به.

الثامنة: رواية أبي حازم المرويَّة في مناقب ابن شهرآشوب (قال: سُئِل عليّ بن الحسين (عليه السلام): ما افتتاح الصَّلاة؟ قال (عليه السلام): التكبير، قال: ما تحريمها؟ قال: التكبير ، قال: ما تحليلها؟ قال (عليه السلام): التسليم)(3)، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة أبي حازم.

قال الهمداني (رحمه الله) : (واستفاضة هذه الأخبار مغنية عن البحث عن سندها، إذ لا مجال للتشكيك في صدور مضمونها، بل ربَّما يستشعر من إرسال الشَّيخ والصَّدوق وغيرهما من أعاظم الأصحاب -كالسَّيد، ونظرائه في كتبهم الاستدلاليَّة- الخبرَ الأوَّلَ إلى المعصوم، إرسالِ المسلمات، كونه لديهم قطعي الصَّدور -إلى أن قال:- والحاصل: أنَّ الخبر المزبور من الرِّوايات المشهورة التي كادت تكون ملحقةً بالمتواترات ...).

وقال العلَّامة (رحمه الله) في المنتهى: (أنَّ هذا الخبر -أي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم- تلقته الأمَّة بالقبول، ونقله الخاصّ والعامّ، ومثل هذا الحديث البالغ في الشُّهرة قد يجبر روايته الاعتماد).

___________

(1) الوسائل باب29 من أبواب قواطع الصَّلاة ح2.

(2) الوسائل باب1 من أبواب التسليم ح13.

(3) المستدرك باب1 من أبواب التسليم ح1.

 

قال صاحب الجواهر (رحمه الله): (وهو كذلك، فمن العجيب بعد ذلك كلّه المناقشة من الأردبيلي وأتباعه في السَّند بالإرسال، ونحوه -إلى أن قال: - على أنَّ هذه النصوص إن لم تكن متواترةً، أو مقطوعاً بها بالقرائن الكثيرة، ومعتضدةً بالعمل، والتظافر، ونحو ذلك، فلا ريب في استفاضتها، بحيث تستغني عن ملاحظة السَّند، كما هو واضح ...).

والإنصاف: أنَّ هذه الرِّوايات، وإن كانت ضعيفةً السَّند، إلَّا أنَّها مشهورة ومستفيضة جدّاً، وقد عمل بها الأصحاب قديماً وحديثاً، فالنفس تطمئنّ بصدور مضمونها ، فلا مجال للمكابرة في هذا الشَّأن.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo