< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/02/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التشهد والتسليم في الصَّلاة(1)

 

قوله: ((الدرس الرابع والأربعين)

وسابعها، وثامنها: التشهُّد والتسليم، ويجب التشهُّد في الثنائية مرَّة، وفي الثلاثيَّة والرباعيَّة مرتين، وليس ركناً)

المعروف بين الأعلام وجوب التشهُّد في الثنائيّة مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية.

وفي الثلاثية والرباعية مرتين:

الأُولى: كما ذكر.

والثانية: بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، في الركعة الأخيرة.

وفي المدارك: (هذا قول علمائنا أجمع...)، وفي الذّكرى: (هو واجب في الثنائيّة مرة، وفيما عداها مرتين، بإجماع علمائنا...)، وعن الأمالي: (أنَّه من دين الإماميّة ...)، وعن المنتهى (أنَّه مذهب أهل البيت عليهم السلام...)؛ وفي المستند: (هو واجب عندنا، بل الضّرورة من مذهبنا... )؛ وفي الجواهر: ( بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المحكي منهما متواتراً، وفي أعلى درجات الاستفاضة كالنصوص... ).

والإنصاف: أنّ هذه المسألة متسالم عليها جدّاً، فلم يعرف الخلاف فيها لأحد من الأعلام.

نعم، حكي الخلاف عن كثير من العامّة، كالشافعي وأهل العراق والأوزاعي ومالك، إذ يقولون: بعدم وجوب التشهّد الأوّل.

وقال بعدم وجوب الثاني أيضاً مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي، ورووه عن عليّ عليه السلام وسعيد بن المسيب والنخعي والزهري.

والخلاصة: أنّ العمدة في المقام هو التسالم بين الأعلام قديما وحديثا، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه.

وأما الأخبار الواردة في المقام فهي وإن كانت كثيرة إلَّا أنَّ الوجوب لا يستفاد إلَّا من بعضها:

منها: رواية سورة بن كليب (قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما يجزى من التشهد، قال: الشهادتان)[1] ، ولكنها ضعيفة بجهالة يحيى بن طلحة، وعدم وثاقة سورة بن كليب.

ووجوده في تفسير القمي لا ينفع لعدم كونه من المشايخ المباشرين.

ثمَّ إنَّ هذه الرِّواية لا تنافي وجوب الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد، لأنَّ الغرض بيان ما يجب من التشهد، وأنه يصدق حقيقة على الشهادتين.

ومنها: رواية عبد الملك بن عمرو الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: التشهد في الركعتين الأولتين الحمد لله أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمَّد وآل محمَّد، وتقبل شفاعته وارفع درجته)[2] ، وهي ضعيفة أيضاً لعدم وثاقة عبد الملك بن عمرو الأحول.

والرّواية الواردة في مدحه لا تنفع لكونه هو روايها.

وأمّا اشتمالها على بعض المستحبات فلا يضر بدلالتها على الوجوب، لأنَّ هذه المستحبات علمت من دليل خارجي.

ومنها: حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا قمت في الرّكعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس وتشهد وقم فأتم صلاتك ...).[3]

فقوله: (فاجلس وتشهد) ظاهر في الوجوب، كما لا يخفى.

____________

 

ومنها: صحيحة الفضلاء - الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم - عن أبي جعفر عليه السلام (قال: إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا [4] في أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه) ، فقوله عليه السلام ( إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته) يدل بوضوح على عدم مضي الصَّلاة ما لم يفرغ من الشهادتين؛ ومعنى ذلك أن التشهد واجب، وجزء من الصَّلاة.

ومنها: حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصَّلاة إذا كان الالتفات فاحشا، وإن كنت قد تشهدت فلا تعد)[5] ، حيث دلت بمفهوم الشرط على وجوب الإعادة إذا كان الالتفات الفاحش قبل التشهد.

وهذا يدل على جزئية التشهد، إذ لو لم يكن من أجزاء الصَّلاة وواجباتها لم يكن أي وجه للإعادة.

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: التشهد في الصلوات، قال: مرتين، قال: قلت: كيف مرتين؟ قال: إذا استويت جالساً فقل: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله، ثمَّ ينصرف، قال: قلت: قول العبد: التحيات لله ، والطيبات (والصلوات) لله، قال: هذه اللطف من الدُّعاء، يلطف العبد ربه)[6] .

ولا يخفى أن هذه الصحيحة وكذا ما قبلها من الروايات لا تنافي وجوب الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد، لأنَّ الغرض بيان ما يجب من التشهد فقط، والله العالم.

ثمَّ إنَّ هناك جملة من الروايات يفهم منها أنَّ التشهد مستحب ، وليس واجبا وجزءا من الصَّلاة:

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (في الرَّجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد، قال: ينصرف فيتوضأ فإن شاء رجع إلى المسجد، وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء قعد فيتشهد، ثمَّ يسلم، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته)[7]

ومنها: موثقة عبيد بن زرارة (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرَّجل يحدث بعدما يرفع رأسه من السُّجود الأخير، فقال: تمت صلاته؛ وأما التشهد سنة في الصَّلاة، فيتوضأ، ويجلس مكانه، أو مكانا نظيفا فيتشهد)[8] .

ومنها: رواية ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث، فقال: أما صلاتهم (صلاته)فقد مضت، وأما التشهد فسنة في الصَّلاة، فليتوضأ وليعد إلى مجلسه، أو مكان نظيف فيتشهد)[9] ، وهي ضعيفة بمحمد بن سنان.

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (في الرَّجل يفرغ من صلاته، وقد نسي التشهد حتَّى ينصرف فقال: إن كان قريبا يرجع إلى مكانه فتشهد، وإلا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه، وقال: إنما التشهد سنة في الصَّلاة).[10]

____________

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo