< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: السُّجود في الصَّلاة(16)

قوله: (قيل: ويقول فيها: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، والأشهر: أن يُقال هذا في قيامه ، وفي رواية عبد الله بن سنان عن الصَّادق (عليه السلام): ربي بحولك وقوتك أقوم وأقعد؛ وإن شئت: وأركع وأسجد)

قال المصنف رحمه الله في الذكرى: (ومنها الدُّعاء في جِلسة الاستراحة، بقوله: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد، وأركع وأسجد، قاله في المعتبر، والذي ذكره عليّ بن بابويه وولده، والجعفي وابن الجنيد والمفيد وسلّار وأبو الصّلاح وابن حمزة، وهو ظاهر الشَّيخ رحمه الله، أنَّ هذا القول يقوله عند الأخذ في القِيام، وهو الأصحّ)؛ ثمَّ استدلَّ رحمه الله بجملة من الرِّوايات.

أقول: ما ذكره رحمه الله من كون الدُّعاء عند الأخذ في القيام هو الصّحيح؛ ويدلّ عليه جملة من الرّوايات:

منها: صحيحة أبي بصير، حيث ورد في ذيلها (فإذا نهضتَّ فقل: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد، فإنّ عليّاً عليه السلام هكذا كان يفعل)[1] .

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا قام الرَّجل من السُّجود قال: بحول الله وقوَّته أقوم وأقعد)[2]

ومنها: صحيحته الثانية عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا جلستَ الرِّكعتين الأُولتين، فتشهدتَ، ثمَّ قمتَ، فقل: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد)[3]

ومنها: صحيحة رفاعة بن موسى (قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان عليّ عليه السلام إذا نهض من الرّكعتين الأُولتين قال : بحولك وقوّتك أقوم وأقعد)[4]

ومنها: حسنة أبي بكر الحضرمي (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا قمت من الرّكعتين الأُولتين فاعتمد على كفَّيك، وقل: بحول الله أقوم وأقعد، فإنَّ عليًّا عليه السلام كان يفعل ذلك)[5]

ومنها: رواية سعد الجلَّاب عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يبرأ من القدريَّة في كلِّ ركعة، ويقول: بحول الله أقوم وأقعد)[6] ، وهي ضعيفة بمحمَّد بن الفضيل بن كثير الأزدي الكوفي الصَّيرفي، وبعدم وثاقة سعد الجلَّاب.

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا قمتَ من السُّجود قلتَ: اللهمَّ ربي بحولك وقوِّتك أقوم وأقعد، وإن شئت قلت: وأركع وأسجد)[7] .

ومنها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا قمتَ من السُّجود قلت: اللهمّ بحولك وقوّتك أقوم وأقعد وأركع وأسجد)[8] ، وهذه الرِّواية صحيحة، لأنَّ محمَّد بن إدريس رحمه الله نقلها في آخر كتاب السّرائر عن نوادر محمَّد بن عليّ بن محبوب؛ وذكر ابن إدريس رحمه الله أنَّ ذلك الكتاب - أي نوادر محمَّد بن علي بن محبوب- موجود عنده بخطّ الشَّيخ أبي جعفر الطّوسي رحمه الله، وهو يعرف خط الشَّيخ رحمه الله.

وعليه، فالطَّريق إلى الكتاب معتبر.

وأمَّا غير هذا الكتاب، فحيث لم يذكر طريقه إليه فتكون الرِّواية بحكم المرسلة.

ثمَّ إنَّه يجوز الدُّعاء بأيّ كيفيَّة تضمنتها الرِّواية المتقدّمة المعتبرة.

____________

قوله: (وإذا قام اعتمد على يديه مبسوطتَيْن)

كما هو المعروف بين الأعلام قديماً وحديثاً، وعن جماعة من الأعلام الإجماع عليه.

ويدلّ على استحباب الاعتماد على اليدين حسنة أبي بكر الحضرمي المتقدّمة (إذا قمتَ من الرِّكعة فاعتمد على كفَّيْك)(1).

وأمَّا استحباب أن تكون الأصابع مبسوطةً، لا مقبوضةً، فيدلّ عليه حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا سجد الرَّجل، ثمَّ أراد أن ينهض، فلا يعجن بيديه في الأرض، ولكن يبسط كفَّيْه من غير أن يضع مقعدته على الأرض)(2).

والمراد بالعجن: هو الاعتماد على ظهور الأصابع، حال كونها مضمومة إلى الكفّ.

وفي محكي الوافي: (لعلّ المراد بقوله عليه السلام: من غير أن يضع مقعدته على الأرض، ترك الإقعاء).

وقدِ استدلّ لذلك أيضاً بخبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمَّد عليه السلام (قال: إذا أردتَ القيام من السُّجود فلا تعجن بيديك - يعني تعتمد عليهما- وهي مقبوضة، ولكن ابسطهما بسطاً، واعتمد عليهما، وانهض قائماً)(3)، وهو كما يدلّ على استحباب كون الأصابع مبوسطةً، لا مقبوضة، يدلّ أيضاً على استحباب الاعتماد على اليدين، ولكنَّه ضعيف بالإرسال.

 

قوله: (سابقاً برفع ركبتَيْه)

كما هو المشهور بين الأعلام شهرةً عظيمةً، بل لا خلاف في ذلك بين جميع الأعلام المتقدِّمين منهم، والمتأخِّرين .

ويدلّ عليه -مضافاً لِمَا ذكر-: صحيحة محمَّد بن مسلم (قال: رأيتُ أبا عبد الله عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد، وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه)(4).

ويدلُّ عليه أيضاً: رواية زيد النُّرسي عن أبي الحسن موسى عليه السلام (أنَّه كان إذا رفع رأسه في صلاته من السَّجدة الأخيرة جلس جِلسةً، ثمَّ نهض للقيام، وبادر بركبتيه من الأرض قبل يديه، وإذا سجد بادر بهما الأرض قبل ركبتيه)(5)، وهي ضعيفة، لِمَا عرفت أنَّ زيد النُّرسي غير موثَّق.

وعليه، فتصلح هذه الرِّواية للتأييد فقط.

 

قوله: (ويُكره نفخ موضع السُّجود بما لا يؤدِّي إلى حرفَيْن)

تقدَّم الكلام بشكل مفصَّل حول هذه المسألة عند قول المصنِّف رحمه الله سابقاً في درس الثالث والثلاثين: (ويُكره نفخ موضع السُّجود)، فراجع ما ذكرناه(6).

 

قوله: (وترك قُصَّة المرأة على الجبهة، بل يستحبّ لها كشفها)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (أنَّه يستحبّ للمرأة أن ترفع شعرها عن جبهتها -وإن كانت تصيب الأرض ببعضها- لزيادة التمكين...)، وقال ابن الجنيد رحمه الله: (لا يستحبّ للمرأة أن تطوِّل قُصَّتها حتَّى يستر شعرها بعض جبهتها عن الأرض، أو ما تسجد عليه... ).

أقول: القُصَّة -بالضمّ-: شعر الناصية، تتخذها المرأة في مقدَّم رأسها، تقصّ ناحيتها، عدا جبينها.

..يتبــــــــــــــــــــع..


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo