الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
38/08/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : الركوع في الصَّلاة(10)
ومنها : صحيحة معاوية بن عمَّار (قال : قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : أخفّ ما يكون من التسبيح في الصَّلاة ؟ قال : ثلاث تسبيحات مترسِّلاً ، تقول : سبحان الله , سبحان الله , سبحان الله)(1) ، المراد من الواحد والتامَّة التسبيحة الكبرى .
ومنها : رواية عقبة بن عامر الجهني (أنَّه قال : لمَّا نزلت {فسبِّح باسم ربِّك العظيم} قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اجعلوها في ركوعكم ، فلمَّا نزلت {سبِّح اسم ربك الأعلى} قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اجعلوها في سجودكم)(3) ، وهي ضعيفة بعدَّةٍ من المجاهيل .
ومنها : موثَّقة سماعة (قال : سألتُه عن الرُّكوع والسُّجود ، هل نزل في القرآن ؟ قال : نعم ، قول الله تعالى : {يا أيُّها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا} قلت : كيف حدّ الرُّكوع والسُّجود ؟ فقال : أمَّا ما يجزيك من الرُّكوع فثلاث تسبيحات ، تقول : سبحان الله , سبحان الله , سبحان الله ثلاثاً)(4) ، ومضمرات سماعة مقبولة ، كما عرفت في أكثر من مناسبة .
ومنها : حسنة مسمع أبي سيَّار عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : يجزيك من القول في الرُّكوع والسُجود ثلاث تسبيحات ، أو قدرهن مترسِّلاً ، وليس له ولا كرامة أنَّ يقول : سبِّح سبِّح سبِّح)(5) .
ومنها : حسنته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : لا يجزي الرَّجل في صلاته أقلّ من ثلاث تسبيحات ، أو قدرهن)(6) .
ومنها : رواية داود الأبزاري عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : أدنى التسبيح ثلاث مرات وأنت ساجد ، لا تعجل بهنَّ)(7) ، وهي ضعيفة بجهالة داود الأبزاري .
ومنها : رواية أبي بصير ( قال : سألته عن أدنى ما يجزي من التسبيح في الرُّكوع والسُّجود ؟ قال : ثلاث تسبيحات)(8) ، وهي ضعيفة بمحمَّد بن سنان .
ومنها : صحيحة عليّ بن يقطين عن أبي الحسن الأوَّل عليه السلام (قال : سألتُه عن الرُّكوع والسُّجود ، كم يجزي فيه من التسبيح ؟ فقال : ثلاثة ، وتجزيك واحدة إذا أمكنتَ ْجبهتك من الأرض)(9) .
قال في الوافي : (الظَّاهر أنَّ المراد بالتسبيح سبحان الله ، ويحتمل التامّ ، ولعلّ السرّ في اشتراط إمكان الجبهة من الأرض في الاجتزاء بالواحدة تعجيل أكثر الناس في ركوعهم وسجودهم , وعدم صبرهم على اللبث والمكث ، فمَنْ أتى منهم بواحدة فربَّما يصدر منه بعضها في الهوي أو الرفع , فلابدَّ لمَنْ هذه صفته أنَّ يأتي بالثلاث ليتحقَّق لبثه بمقدار واحدة ، والمقصود أنْ يأتي بثلاث تسبيحات كِبار ليتحقَّق لبثه بمقدار واحدة كبيرة .
ومنها : صحيحة الحسن بن عليّ بن يقطين عن أخيه الحسين بن عليّ بن يقطين عن أبيه عن أبي الحسن الأوَّل عليه السلام (قال : سألتُه عن الرَّجل يسجد ،كم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده ؟ فقال : ثلاث , وتجزيه واحدة)(10) ، وهي غير واضحة الدَّلالة من حيث الذِّكر الأكبر أو الأصغر .
_______________
(1) الوسائل باب5 من أبواب الركوع ح2 .
(2) الوسائل باب4 من أبواب الركوع ح2 .
(3) الوسائل باب21 من أبواب الركوع ح1 .
(4و5و6و7و8) الوسائل باب5 من أبواب الركوع ح3و1و4و5و6 .
(9و10) الوسائل باب5 من أبواب الركوع ح3و4 .
ومنها : رواية أبي بكر الحضرمي (قال : قال أبو جعفر عليه السلام : تدري أيّ شيء حدّ الرُّكوع والسُّجود ؟ فقلت : لا ، قال : سبِّح في الرُّكوع ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده ، وفي السُّجود سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات ، فمَن نقَّص واحدة نقص ثُلُث صلاته ، ومن نقَّص ثنتين نقص ثُلُثي صلاته ، ومن لم يسبِّح فلا صلاة له)(1) ، وهي ضعيفة بعدم وثاقة عثمان بن عبد الملك .
والمراد من نقص الثُلُث والثُلُثين : النقص بحسب الثواب ، لا في أصل أداء الواجب - كما هو في قوله عليه السلام : (ومِنْ لم يسبِّح فلا صلاة له) فتكون باطلة من أصل - كما لا يخفى .
ومنها : رواية هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى عليه السلام في حديث (قال : قلتُ له : لأيّ علَّة يُقال في الرُّكوع : سبحان ربي العظيم وبحمده ؟ ويُقال في السُّجود : سبحان ربي الأعلى وبحمده ؟ فقال : يا هشام ! إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أُسري به وصلَّى وذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائضه , فابترك على ركبتيه ، وأخذ يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، فلمَّا اعتدل من ركوعه قائماً نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضوع خرَّ على وجهه ، وهو يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده ، فلمَّا قالها سبع مرات سكن ذلك الرُّعب فلذلك جرت به السنَّة)(2) ، وهي ضعيفة أيضاً بجهالة عدَّة من الأشخاص ، وقوله عليه السلام (نظر إليه) يعني نظر إلى عظمة الله ، لا كما يذهب إليه المجسّمة .
ومنها : رواية عباية (قال : كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى محمَّد بن أبي بكر : انظر ركوعك وسجودك فإنَّ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) كان أتمّ النَّاس صلاةً وأحفظهم لها ، وكان إذا ركع قال : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات - إلى أنَّ قال : - فإذا سجد قال : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات)(3) ، وهي ضعيفة بجهالة أكثر من شخص .
أضف إلى ذلك أنَّه لا يوجد طريق معتبر إلى كتاب الغارات ، وإن كان صاحبه وهو إبراهيم بن محمَّد الثقفي ثقة .
ومنها : مرسلة الشَّيخ الصَّدوق عليه السلام في الهداية (قال : قال الصَّادق عليه السلام : سبِّح في ركوعك ثلاثاً , تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات ، وفي السُّجود سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات ، لأنَّ الله عزوجل لمَّا أنزل على نبيِّه (صلى الله عليه وآله) {فسبِّح باسم ربِّك العظيم } قال النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) : اجعلوها في ركوعكم ، فلمَّا أنزل الله {سبِّح اسم ربك الأعلى} قال : اجعلوها في سجودكم)(4) ، وهي ضعيفة بالإرسال .
إذا عرفت ذلك فنقول : أمَّا الرِّوايات الدَّالة على تسبيحة الكبرى ثلاث مرات فهي محمولة على الاستحباب , للرِّوايات الدَّالة على كفاية المرَّة الواحدة ، وهي كثيرة ، وقد تقدَّمت ، ومنها صحيحة زرارة .
كما أنَّ الرِّوايات التي هي ظاهرة في تعيُّن التسبيحة الكبرى يرفع اليد عن هذا الظُّهور , للرِّوايات الكثيرة الدَّالة على كفاية التسبيحة الصغرى ثلاث مرات ، كما في صححية زرارة ، وصحيحة معاوية بن عمار المتقدِّمتَيْن ، وغيرهما أيضاً ممَّا تقدَّم ، فيكون مقتضى الجمع العرفي هو التخيير بين التسبيحة الكبرى والتسبيحة الصغرى ثلاث مرات .
وأمَّا عدم كفاية التسبيحة الصغرى مرةً واحدةً في حال الاختيار فَلِصحيحة معاوية بن عمَّار ، وموثَّقة سماعة المتقدِّمتَيْن الدَّالتَيْن على عدم الاجتزاء في الصغرى بأقلّ من ثلاث .
_______________
(1) الوسائل باب4 من أبواب الرُّكوع ح7 .
(2) الوسائل باب21 من أبواب الرُّكوع ح2 .
(3) المستدرك باب16 من أبواب الرُّكوع ح1 .
(4) المستدرك باب16 من أبواب الرُّكوع ح2 .