< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع : الرّكوع في الصَّلاة(3)

 

ثمَّ إنَّه لو قطعنا النَّظر عن ضعف السَّند ، وسلَّمنا بالإطلاق ، إلَّا أنَّه يمكن تقييده بموثَّقة إسحاق بن عمَّار المتقدِّمة (قال : سألتُ أبا إبراهيم عليه السَّلام عن الرَّجل ينسى أن يركع ، قال : يستقبل حتَّى يضع كلّ شيءٍ من ذلك موضعه)[1] ، فإنَّ الأمر بالاستقبال من غير استفصال ، وإن كان يدلّ على لزوم الاستئناف وحتَّى قبل الدخول في السجدة الثانية ، إلَّا أنَّ ذَيْل الموثَّقة - وهو قوله عليه السَّلام : ( حتَّى يضعَ كلَّ ... )[2] - موجب لاختصاص الحكم بما إذا لم يمكن وضع كلّ شيء موضعه إلَّا بالاستئناف ، وهو ما لو كان التذكُّر بعد الدُّخول في السَّجدة الثانية .

وأمَّا لو كان قبله فهو متمكِّن من وضع كلّ شيءٍ موضعه من غير استئناف ، لما عرفت من عدم قادحيَّة زيادة السَّجدة الواحدة .

ويمكن تقييد إطلاق رواية أبي بصير أيضاً - بعد قطع النَّظر عن ضعفها سنداً ، وبعد التسليم بالإطلاق - بمفهوم صحيحة أبي بصير المتقدِّمة (إذا أيقن الرَّجل أنَّه ترك ركعةً من الصَّلاة ، وقد سجد سجدتين وترك الركوع ، استأنف الصَّلاة)[3] بعد فرض كون المراد بالرِّكعة فيها هو الرّكوع الذي صرّح به فيما بعد .

وبعد فرض عدم كون المراد من الواو في قوله عليه السَّلام : (وسجد سجدتين) بمعنى "أو" ، لأنَّه بعد تسليم ما ذكرناه يكون الشَّرط مركَّباً من أمرين :

أحدهما : اليقين بترك الرُّكوع .

والثاني : كونه قد سجد سجدتين .

ويكون الجزاء - وهو الاستئناف - معلَّقاً على كِلا الأمرين ، فلا استئناف لدى انتفاء كلٍّ منهما ، أو انتفاء أحدهما .

وعليه ، فإذا انتفى الأمر الثاني هنا - وهو سجود السَّجدتين بأنْ لم يسجد أو سجد سجدةً واحدةً - فلا يستأنف إذا تيقَّن ترك الرُّكوع ، وبذلك نقيِّد إطلاق رواية أبي بصير بعد التسليم بإطلاقها .

والذي يهوِّن الخطب : أنَّها ضعيفة كما عرفت ، فلا موجب للبطلان إذا تذكَّر قبل الدُّخول في السَّجدة الثانية ، فالصَّحيح حينئذٍ هو ما ذكره صاحب المدارك رحمه الله ومَنْ وافقه من الأعلام ، والله العالم بحقائق أحكامه .

 

قوله : (ويجب فيه الانحناء حتَّى يصلَ كفَّاه ركبتَيْه)

لا شكَّ في وجوب الانحناء لأنَّ الرُّكوع عبارة عن الانحناء لغةً وعرفاً ، فما لم يحصل الانحناء لا يصدق الاتيان بالرُّكوع .[4]

ومن المعلوم أنَّه لا توجد حقيقة شرعيَّة للرُّكوع في قِبال اللغة ، بل الركوع يطلق في لسان الشَّرع على ما هو عليه من المعنى اللغوي ؛ غايته مع اعتبار بعض القيود كما سيأتي إن شاء الله تعالى .

وكما أنَّه لا شكَّ في وجوب أصل الانحناء لا شكَّ أيضاً في عدم كفاية مسمَّى الانحناء ، عدا ما ينسب إلى أبي حنيفة من الاكتفاء بالمسمَّى .

واعلم أيضاً أنَّه لا خلاف بين الأعلام في عدم وجوب وضع اليدين على الرُّكبتين ، وإنَّما المعتبر وصولهما بحيث لو أراد الوضع لوضعهما ، والوضع إنَّما هو مستحبّ .

نعم ، قال صاحب الحدائق رحمه الله (إلى وجوب الوضع) ، وهو خلاف المتسالم عليه بينهم .

إذا عرفت ذلك فنقول : وقع الخلاف بين الأعلام في تحديد المقدار المعتبر في الوصول من اليد ؛ وقد اختلفت عباراتهم جدَّا في تعيين ذلك المقدار .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo