الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
38/07/26
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : القراءة فی الصَّلاة(62)
قوله : (وفی صبحها بها وبالتوحید ، وقال الصَّدوق والمرتضی بها ، وبالمنافقین)[1]
المعروف بین الأعلام أنَّه یقرأ فی صبحها بسورة الجمعة فی الرّكعة الأُولی ، وبـ قل هو الله أحد فی الثانیة ، وفی الجواهر : (وفاقاً للشّیخین وأتباعهما كما فی المدارك ، بل الأكثر ، كما فی جامع المقاصد وغیره ، بل المشهور كما فی الحدائق ، وعن الروض ، بل عن الخلاف الإجماع علیه ... )[2] .
أقول : یدلّ علیه جملة من الأخبار :
منها : موثَّقة أبی بصیر وصحیحة البزنطی وروایة أبی الصباح المتقدِّمات .
ومنها : صحیحة الحسین بن أبی حمزة (قال : قلتُ لأبی عبد الله علیه السلام : بما أقرأ فی صلاة الفجر فی یوم الجمعة ؟ فقال : اقرأ فی الأُولی بسورة الجمعة ، وفی الثانیة بـ قل هو الله أحد ، ثمَّ اقنت حتّی یكونا سواء) [3]
هذا ، وذهب الشَّیخ الصَّدوق والسَّید المرتضی رحمهما الله إلی أنَّه یقرأ فی الغداة صبح الجمعة بسورة الجمعة والمنافقین ، وذلك لمرفوعة حریز وربعی المتقدّمة ، وصحیحة زرارة ، وهی العمدة لهما ، إذ الأُولی ضعیفة بالرفع .
أمَّا صحیحة زرارة فهی عن أبی جعفر علیه السلام - فی حدیث طویل - (یقول : اقرأ سورة الجمعة والمنافقین ، فإنّ قراءتهما سنّة یوم الجمعة فی الغداة والظّهر والعصر ، ولا ینبغی لك أن تقرأ بغیرهما فی صلاة الظهر ، یعنی یوم الجمعة ، إماماً كنت أو غیر إمام) [4] .
ومقتضی الجمع بینها وبین موثَّقة أبی بصیر وصحیح البزنطی المتقدّمتین هو التخییر فی الركعة الثانیة بین قراءة التوحید والمنافقین ، وهذا هو الإنصاف .
ثمَّ إنَّه یظهر من روایة قرب الإسناد أنَّه یصلّی فی غداة الجمعة بسورة الجمعة والأعلی ، فقد روی الحمیری فی قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه علی بن جعفر عن أخیه (قال : قال : یا علی ! بما تصلّی فی لیلة الجمعة ؟ قلت : بسورة الجمعة ، وإذا جاءك المنافقون ، فقال : رأیت أبی یصلی لیلة الجمعة بسورة الجمعة وقل هو الله أحد ، وفیه الفجر بسورة الجمعة وسبِّح اسم ربّك الأعلی ، وفی الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون) [5] ، ولكنَّها ضعیفة بعبد الله بن الحسن ، فإنَّه مهمل .
قوله : (وفی ظهیرها بها وبالمنافقین وكذا فی الجمعة ، وأوجبهما الصَّدوق فی الظّهر والجمعة ، إلَّا لضرورة كمرض وشبهه ، وهو متروك)
المعروف بین الأعلام قدیماً وحدیثاً استحباب قراءة سورة الجمعة والمنافقین فی صلاة الجمعة والظّهرین من یوم الجمعة ، وفی الجواهر : ( علی المشهور بین الأصحاب ، بل عن الانتصار الإجماع علیه ... ) .
أقول : یدلّ علیه عدَّة من الرّوایات بلغت حدَّ الاستفاضة ، تقدم بعضها ، وسنذكر البعض الآخر إن شاء الله تعالی .
وقال ابن بابویه رحمه الله فی الفقیه : (لا یجوز أن یقرأ فی ظهر یوم الجمعة بغیر سورة الجمعة والمنافقین ، فإن نسیتهما أو واحدة منهما فی صلاة الظهر وقرأت غیرهما ، ثمَّ ذكرت فارجع إلی سورة الجمعة والمنافقین ، ما لم تقرأ نصف السّورة ، فإن قرأت نصف السّورة فتمّم السّورة واجعلهما ركعتی نافلة ، وسلِّم فیهما ، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقین ، وقد رویت رخصة فی القراءة فی صلاة الظهر بغیر سورة الجمعة والمنافقین ، لا أستعملها ، ولا أفتی بها إلَّا فی حال السَّفر والمرض وخیفة فوت حاجة)[6] .
ومراده بالظُّهر ما هو أعمّ من الجمعة والظّهر لأنَّه متی تثبت الحكم فی الظّهر ففی الجمعة بطریق أَولی .
وبالجملة ، فظاهره وجوب السّورتین فی الظّهر وفی الجمعة ، وهو اختیار أبی الصّلاح رحمه الله .
وأوجب السَّید المرتضی رحمه الله السُّورتین فی الجمعة ، وقال : (رُوی أنَّ المنفرد أیضاً یلزمه قراءتهما) .
وقد یستدلّ للقول بوجوبهما فی الجمعة والظّهر بعدَّة من الرِّوایات :
منها : حسنة عمر بن یزید (قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : من صلَّی الجمعة بغیر الجمعة والمنافقین أعاد الصَّلاة فی سفر أو حضر) [7] .
والمراد بها الأعمّ من الظُّهر بقرینة قوله علیه السلام فی سفر ، لأنَّ الثابت فی السَّفر هو الظُّهر لا الجمعة .
ومنها : صحیحة صباح بن صبیح (قال : قلتُ لأبی عبد الله علیه السلام : رجل أراد أن یصلّی الجمعة فقرأ بـ قل الله أحد ، قال : یتمّ ركعتین ثمَّ یستأنف) [8] .
ومنها : صحیحة الحلبی وحسنته (قال : سألتُ أبا عبد الله علیه السلام عن القراءة فی الجمعة إذا صلَّیت وحدی أربعاً أجهر بالقراءة ؟ فقال : نعم ، وقال : اقرأ سورة الجمعة والمنافقین فی یوم الجمعة) [9] .
ومنها : حسنة محمَّد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام (قال : إنَّ الله أكرم بالجمعة المؤمنین فسنَّها رسول الله (صلی الله علیه وآله) بشارةً لهم ، والمنافقین توبیخاً للمنافقین ، ولا ینبغی تركهما ، فمَنْ تركهما متعمِّداً فلا صلاة له) [10] .
ومنها : روایة الحسین بن عبد الملك الأحول عن أبیه عن أبی عبد الله علیه السلام (قال : مَنْ لم یقرأ فی الجمعة بالجمعة والمنافقین فلا جمعة له )[11] ، ولكنَّها ضعیفة بجهالة الحسین بن عبد الملك الأحول ، وعدم وثاقة أبیه .
ومنها : صحیحة منصور بن حازم عن أبی عبد الله علیه السلام (قال : لیس فی القراءة شیء مؤقّت إلَّا الجمعة یقرأ بالجمعة والمنافقین) [12] .
ومنها : صحیحة محمَّد بن مسلم (قال : قلتُ لأبی عبد الله علیه السلام القراءة فی الصَّلاة فیها شیء مؤقّت ؟ قال : لا ، إلَّا الجمعة یقرأ بالجمعة والمنافقین ...) [13] ، وكذا غیرها ، وقد تقدَّم بعضها أیضاً .
وهذه الرِّوایات ظاهرة فی وجوب السُّورتین فی الظُّهر والجمعة .
نعم ، بعضها ظاهر فی خصوص صلاة الجمعة .
ولكنَّ الإنصاف : أنَّ هذه الرّوایات مجهولة علی الاستحباب جمعاً بینها وبین عدَّة من الرّوایات صریحة أو ظاهرة جدّاً فی عدم الوجوب :
منها : صحیحة الحسین بن علی بن یقطین عن أبیه (قال : سألتُ أبا الحسن الأوَّل علیه السلام عن الرَّجل یقرأ فی صلاة الجمعة بغیر سورة الجمعة متعمِّداً ، قال : لا بأس بذلك) [14] .
ومنها : حسنة علی بن یقطین بطریق الصّدوق رحمه الله (قال : سألتُ أبا الحسن علیه السلام عن الجمعة فی السَّفر ما أقرأ فیهما ؟ قال : اقرأهما بـ قل هو الله أحد) [15] ، ولكنَّها ضعیفة بطریق الشَّیخ بجهالة أبی المفضَّل ، ولكن یكفینا طریق الشَّیخ الصَّدوق رحمه الله .
ومنها : روایة محمَّد بن سهل عن أبیه (قال : سألتُ أبا الحسن علیه السلام عن الرَّجل یقرأ فی صلاة الجمعة بغیر سورة الجماعة متعمِّداً ، قال : لا بأس) [16] .