< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القراءة في الصَّلاة(59)

 

ولقد أجاد والد المجلسيّ رحمه الله ، حيث قال : (لم يثبت عندي استحباب رعاية ما اصطلح عليه أهل التجويد من الوقف اللازم والتامّ والحسَن والكافي والجائز والمجوز والمرخّص والقبيح ، لأنّها من مصطلحات المتأخِّرين - إلى أن قال : - إنَّ هذه الوقوف إنّما وصفوها على حسب ما فهموه من تفاسير الآيات ، وقد وردت الأخبار الكثيرة في أنَّ معاني القرآن لا يفهمها إلَّا أهل بيت نزل عليهم القرآن ، ويشهد له أنَّا نرى كثيراً من الآيات كتبوا فيها نوعاً من الوقف بناءً على ما فهموه ، ووردت الأخبار المستفيضة بخلاف ذلك المعنى ، كما أنَّهم كتبوا الوقف اللازم في قوله سبحانه : {وما يعلم تأويله إلا الله } على آخر الجلالة ، لزعمهم أنَّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابهات ، وقد وردت الأخبار المستفيضة في أنَّ الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم السلام ، وهم يعلمون تأويلها ، مع أنَّ المتأخِّرين من مفسِّري العامَّة والخاصَّة رجَّحوا في كثير من الآيات تفاسير لا توافق ما اصطلحوا عليه في الوقوف) .[1]

والإنصاف : أنَّه اتَّفق الأصحاب - ودلالة النصوص كما في مجمع البرهان - على عدم وجوب وقفٍ ، وفي كشف اللثام : (يجوز الوقف على كلّ كلمةٍ إذا قصر النَّفَس وإذا لم يقصر على غير المضاف ، ما لم يكثر فيخلّ بالنّظم ... ) .[2]

وحُكي عن المصنِّف رحمه الله أنَّه منع السُّكوت على كلمة ، ولعلّ مراده المخلّ بالنظم منه والمفوِّت للموالاة مطلقاً .

هذا ، وقد عرفت أنَّه يجوز الوقف على ما شاء والوصل ، ففي صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام (قال : سألتُه عن الرَّجل يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب ، وسورة أخرى في النَّفَس الواحد ، قال : إن شاء قرأ في نفس وإن شاء غيره)[3] .

قوله : (الترتيل)

قال في المدارك : (أجمع العلماء كافَّةً على استحباب ترتيل القراءة في الصَّلاة غيرها ، قال الله تعالى {ورتِّل القرآن ترتيلاً} ... ) [4] ، والأمر محمول على الاستحباب للتسالم بين الأعلام على عدم الوجوب .

وقد يستدل أيضاً : بمرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : ينبغي للعبد إذا صلَّى أن يرتِّل في قراءته ، فإذا مرَّ بآية فيها ذِكْر الجنَّة وذِكْر النَّار سأل الله الجنَّة وتعوَّذ بالله من النَّار ، وإذا مرَّ بـ {يا أيها الناس} و{يا أيها الذين آمنوا} يقول : لبيك ربّنا) [5] ، ولكنّها ضعيفة بالإرسال .

قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى (هذه الرِّواية تدلّ على جواز التلبية في الصَّلاة ... )[6] ، ولولا ضعف السَّند لأمكن الالتزام بها ، والترتيل لغةً : الترسُّل والتبيين .

 

وفسَّره المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى : بأنَّه (حِفظ الوقوف وأداء الحروف ... )[7] ، وقال في المعتبر : (الترتيل : تبيين الحروف من غير مبالغة ، وربما كان واجباً إذا أُريد به النطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يدمج بعضها في بعض)[8] ، وفي مفردات الراغب الأصفهاني : (الترتيل : إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة) .[9]

وفي مجمع البيان (عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : {ورتِّل القرآن ترتيلاً} قال : هو أن تتمكّن فيه ، وتحسِّن به صوتك) [10] ، وهي ضعيفة بالإرسال .

وفي رواية عبد الله بن سليمان (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزَّوجل : ورتِّل القرآن ترتيلاً ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : بيَّنه تبياناً ، ولا تهذّه هذّا الشِّعر ، ولا تنثره نثر الدَّقَل ، ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السُّورة) [11] ، وهي ضعيفة بعدم وثاقة عليّ بن معبد وجهالة واصل بن سليمان وعبد الله بن سليمان .

وعن ابن الأثير (هَذًا كهذّا الشِّعر ونثراً كنثر الدَّقَل ، أراد لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشِّعر ، والهذّ سرعة القطع ، والدَّقَل روي : التمر ، أي كما يتساقط الرطب اليابس من العِذْق إذا هزّ)[12] ، وهو ظاهر في أنَّ المراد بالفقرتين معاً الإسراع .

 

قوله : (وسؤال الرّحمة والاستعاذة من النقمة عند آيتيهما)

كما في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة[13] ؛ ويدلّ عليه أيضاً موثقة سماعة (قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ينبغي لمن قرأ القرآن إذ مرَّ بآيةٍ من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو ، ويسأل العافية من النَّار ومن العذاب) [14] ، وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : سألتُه عن الرَّجل يكون مع الإمام فيمرّ بالمسألة ، أو بآية فيها ذكر جنَّة أو نار ، قال : لا بأس بأن يسأل عند ذلك ويتعوَّذ من النَّار ويسأل الله الجنَّة) [15] .

 

قوله : (والسّكوت عقيب الفاتحة والسّورة بقدر نَفَسٍ)

كما ذكره جماعة من الأعلام منهم المصنِّف رحمه الله في الذكرى ، وقال العلَّامة رحمه الله في المنتهى : (يستحبّ للمصلّي أن يسكت بعد قراءة الحمد بعد السّورة ، وبه قال أحمد والأوزاعي والشّافعي ، وكرهه مالك وأصحاب الرأي ... ) .[16]

أقول : يدلّ على ذلك موثّقة إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه عليه السلام : ( أنَّ رجلين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) اختلفا في صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكتبا إلى أُبَي بن كعب كم كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من سكتة ؟ قال : كانت له سكتتان إذا فرغ من أمّ الكتاب (القرآن خ ل) ، وإذا فرغ من السّورة) [17] ، وفي صحيحة حمَّاد بن عيسى الحاكية لصلاة الإمام الصادق عليه السلام تقدير السَّكتة بعد السُّورة بنَفَس ، ثمَّ قرأ الحمد بترتيل ، وقل هو الله أحد ، ثمَّ صبر هُنَيئة بقدر ما يتنفّس وهو قائم ، ثمَّ قال : الله أكبر) [18] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo