< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/06/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القراءة في الصَّلاة(33)

 

وأمَّا صحيحة عمران الحلبي ، وكذا حسنة الحلبي فقد يُقال : إنَّهما غير ظاهرتين في الوجوب ، بل المراد منهما الجواز ، باعتبار أنَّ المعهود من صلاة الظّهر هو وجوب الإخفات ، فقد سأل السَّائل عن جواز الإجهار في ظهر يوم الجمعة .

ثمَّ لو سلمنا ظهورهما في الوجوب فالإنصاف : أنَّه يتعيَّن حمل الأخبار الظّاهرة في الوجوب على الاستحباب ، إذ لم يعرف القول بالوجوب لأحد من الأعلام .

وقد ذكرنا سابقاً أنّ إعراض الكلّ عن ظاهر رواية يوجب الخدشة فيها .

وعليه ، فيتعيَّن حملها على الاستحباب .

وبالجملة ، لو كان الإجهار في ظهر يوم الجمعة واجباً لصار من حيث عموم الابتلاء به من ضروريات الدِّين ، فضلاً عن أن يكون خلافه معروفاً بين المسلمين .

وممَّا يؤكِّد حمل الرِّوايات السَّابقة على الاستحباب ما ورد في صحيحة جميل (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر ، فقال : يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظّهر ، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، إنَّما يجهر إذا كان خطبة)[1] (2) .

ولا يخفى أنَّ النهي الوارد في هاتين الصّحيحتين وارد في مورد توهم وجوب الجهر ، فلا يدلّ حينئذٍ إلّا على الجواز ، ولا يدلّ على التحريم ، كما أنَّ الأمر الوارد في مورد توهم الحظر لا يدلّ الوجوب ، بل يدلّ على الجواز .

وعليه ، فمقتضى الجمع بين هاتين الصّحيحتين وبين الرّوايات السّابقة هو حمل الأمر فيها على الاستحباب .

هذا ، وقد حمل الشَّيخ رحمه الله هاتين الصّحيحتين على التقيّة ، ولا يخفى بعده .

وممَّا ذكرنا يتضح لك عدم صحَّة ما ذكره ابن إدريس رحمه الله من أنَّ الأحوط الإخفات ، ترجيحاً لنصوص المنع المعتضدة بإطلاقات الإخفات في صلاة النّهار .

وجه ضعف ما ذكره : هو تعدّد النصوص في المقام ، وصحّة أكثرها ، مع العمل بها عند الأعلام .

وقد ادَّعى الشّيخ رحمه الله في الخلاف الإجماع على صحّة مضمونها ، فلا يعبأ حينئذٍ بما ذكره ابن إدريس رحمه الله .

بقي في المقام ما حكي عن السَّيد المرتضى رحمه الله من التفصيل بين الإمام فيجهر ، وأمَّا المنفرد فيخفت .

وقدِ استُدل لذلك برواية عليّ بن جعفر المرويّة في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدِّه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام (قال : سألتُه عن رجل صلَّى العيدَيْن وحده والجمعة ، هل يجهر فيهما بالقراءة ؟ قال : لا يجهر إلّا الإمام )[2] .

وفيها أوَّلاً : أنَّها ضعيفة بعبد الله بن الحسن ، فإنَّه مهمل ، فالتعبير عنها بالصَّحيحة ، كما عن صاحب الجواهر رحمه الله ، في غير محلِّه .

وثانياً - لو سلّمنا صحّة السّند - : أنّها معارَضة بحسنة الحلبي المتقدِّمة الآمرة بالجهر ، مع التصريح فيها بأنّه يصلّي وحده ، حيث قال : (سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة في الجمعة إذا صلّيتُ وحدي أربعاً أجهر بالقراءة ؟ فقال : نعم)[3] .

والخلاصة إلى هنا : أنه يستحبّ الجهر في الأوليين من ظهر يوم الجمعة للإمام والمنفرد ، والله العالم .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo