< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/05/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القراءة في الصَّلاة(24)

 

أقول : الاستدلال بهذه الصّحيحة مبنيّ على كون (لا تقرأ فيهما) نهياً ، ويكون هو جواب الشّرط ، لقوله : (إذا قمت) .

ويصحّ الاستدلال بها أيضاً إذا كان قوله : (لا تقرأ فيهما) نفياً ، وهو جملة خبريّة وقعت صفة للرّكعتين ، لأنّهما معرفتان بلام الجنس القريب من النكرة ، كما في قوله : (ولقد أمرّ على اللئيم يسبُّني) .

ويكون جزاء الشَّرط هو جملة قوله : (فقل : الحمد لله ... ) ، ووصف هاتين الرّكعتين بعدم القراءة فيهما مؤذن بمرجوحيَّة القراءة فيهما .

وأمَّا لو كان قوله : (لا تقرأ فيهما) نفياً لا نهياً ، والجملة خالية من الضمير البارز في قوله (إذا قمت) ، أي : إذا قمت حال كونك غير قارئ ، فلا يصح الاستدلال بها ، إذ لا تدلّ على مرجوحيّة القبراءة .

وإلى هذا المعنى يشير كلام المحقِّق رحمه الله في المعتبر ، حيث قال : (وقوله : لا تقرأ ، ليس نهياً ، بل بمعنى غير ، كأنَّه قال : غير قارئ) .

وعليه ، فجواب الشّرط حينئذٍ قوله : (فقل ... ) ، ولهذا قرئ بالفاء ، وجرِّدت جملة النفي عنها تنبيهاً على ذلك .

السَّادسة : ما رواه الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في الفقيه عن محمَّد بن عمران العجلي - في حديث - (أنَّه سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال : لأيّ علّة صار التسبيح في الرّكعتين الأخيرتين أفضل من القراءة ؟ قال : إنَّما صار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأنَّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزّوجل فدهش ، فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فلذلك صار التسبيح أفضل من القرءاة)[1] ، ولكنّها ضعيفة بجهالة محمّد بن عمران العجلي .

ورواه الصَّدوق في العِلل عن حمزة بن محمّد العلوي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عليّ بن معبد عن الحسين بن خالد عن محمّد بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام مثله .

ولكنّها ضعيفة بعدم وثاقة حمزة بن محمّد العلوي ، وعليّ بن معبد والحسين بن خالد ومحمّد بن حمزة .

السّابعة : مرسلة الفقيه ، والعِلل عن الرّضا عليه السلام (إنَّما جعل القراءة في الرّكعتين الأولتين ، والتسبيح في الأخيرتين ، للفرق بين ما فرضه الله تعالى من عنده ، وبين ما فرضه الله من عند رسوله (صلى الله عليه وآله))[2] ، وهي ضعيفة بالإرسال .

الثامنة : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام (قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صلّى يقرأ في الرّكعتين الأولتين من صلاته الظّهر سرّاً ، ويسبّح في الأخيرتين من صلاته الظّهر على نحو من صلاة العشاء ، وكان يقرأ في الأولتين من صلاته العصر سرّاً ، ويسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء ... )[3] .

التاسعة : مرسلة المحقّق رحمه الله في المعتبر عن عليّ عليه السلام (أنّه قال : اقرأ في الأولتين ، وسبِّح في الأخيرتين)[4] ، ضعيفة بالإرسال .

العاشرة : رواية رجاء بن أبي الضحّاك (أنّه صحب الرّضا عليه السلام من المدينة إلى مرو ، فكان يسبّح في الأخراوين ، يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثلاث مرات ، ثمَّ يركع)[5] ، وهي ضعيفة بتميم بن عبد الله القرشي ، وأحمد بن علي الأنصاري ، ورجاء بن أبي الضحاك بل عن روضة المتقين (أنَّه شرّ خلق الله ، والسَّاعي في قتل الإمام عليه السلام)[6] .

الحادية عشرة : صحيحة عبيد بن زرارة (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الرّكعتين الأخيرتين من الظُّهر ، قال : تسبِّح وتحمد الله ، وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب ، فإنَّها تحميد ودعاء)[7] .

الثانية عشرة : صحيحة سالم بن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الرّكعتين الأولتين ، وعلى الذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وهم قيام ، فإذا كان في الرّكعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرؤوا فاتحة الكتاب ، وعلى الإمام أن يسبّح مثل ما يسبّح القوم في الرّكعتين الأخيرتين)[8] .

ومعنى قوله : (فإذا كان في الرّكعتين الأخيرتين )، أي إذا كان الائتمام في الأخيرتين ، بأن يكون المأمومون مسبوقين بركعتين ، ففرض من صلّى خلفه القراءة ، لأنّهما أولتان بالنسبة إليهم ، والواجب عليهم القراءة ، كما هو المعروف .

ثمَّ إنَّ محلّ الاستدلال لأفضليّة التسبيح مطلقاً هو أن يكون قوله أخيراً (في الرّكعتين الأخيرتين) متعلّقاً بالفعل ، أعني : (يسبّح) .

ويكون المعنى حينئذٍ : وعلى الإمام أن يسبّح في تلك الرّكعتين الأخيرتين اللتين على المأمومين المسبوقين أن يقرؤوا فيهما مثل تسبيح المأمومين فيهما لو كانوا غير مسبوقين .

نعم ، إذا اقتصرنا على قوله : (وعلى الإمام أن يسبح ... ) فيكون دليلاً على أفضليّة التسبيح بالنسبة إلى الإمام ، لا مطلقاً .

الثالثة عشرة : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (قال : إنَّ كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئاً في الأولتين ، وانصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّوجل يقول للمؤمنين : {وإذا قرئ القرآن} ، يعني في الفريضة خلف الإمام ، {فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} ، فالأخيرتان تبعاً للأولتين)[9] .

وحاصل معنى هذه الصّحيحة هو النهي عن القرءاة خلف الإمام إذا دخل معه في أوليته ، والأمر بالإنصات لقراءته والنهي عن القراءة في أخيرتيه أيضاً من حيث كون الأخيرتين تبعاً للأولتين .

الرابعة عشرة : صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قلت : الرّجل يسهو عن القراءة في الرّكعتين الأولتين ، فيذكر في الرّكعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ ، قال : أتمّ الرّكوع والسّجود ، قلت : نعم ، قال لي : إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها)[10] .

قال العلَّامة رحمه الله في المختلف : (وهذا الحديث كما يدلّ على وجوب القراءة فإنّه دالّ على أولويّة التسبيح أيضاً ...)[11] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo