< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع : القراءة في الصَّلاة(23)

 

ومنها - وهي العمدة للقول بتعيّن القراءة في الأخيرتين - : رواية الحسين بن حمّاد عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قلتُ له : أسهو عن القراءة في الرّكعة الأُولى ، قال : اقرأ في الثانية ، قلت : أسهو في الثانية ، قال : اقرأ في الثالثة ، قلت : أسهو في صلاتي كلّها ، قال : إذا حفظت الرّكوع والسّجود فقد تمّت صلاتك)[1] ، وهي ظاهرة فيما نسب للشّيخ رحمه الله في الخلاف من تعيُّن القراءة ، فإنَّ ظاهر الأمر هو الوجوب التعييني .

وفيها أوَّلاً : أنَّها ضعيفة ، لأنَّ الحسين بن حماد مهمل .

وثانياً : أنَّ الكلّ أعرض عنها ، إذ لم ينقل القول بذلك صريحاً عن أحد من الأعلام ، حتَّى الشّيخ رحمه الله في الخلاف ، إذ لم يثبت أنّه قال بذلك ، بل جعله أحوط ، كما هو ظاهر عبارته .

والخلاصة إلى هنا : أنَّ ما ذهب إليه المشهور هو الصَّحيح ، والله العالم .

الأمر الثالث : اختلف الأعلام فيما هو الأفضل ، هل هو التسبيح أو القراءة ؟ بعد التسالم بينهم على التخيير بين الأمرين ؛ وهناك سبعة أقوال :

الأوَّل : هو القول بأفضليّة التسبيح مطلقاً ، أي سواء كان المصلّي منفرداً أو إماماً أو مأموماً ، واختاره ابن أبي عقيل والصّدوقان وابن إدريس وصاحب الجواهر وصاحب الحدائق ، ومال إليه صاحب الوسائل (رحمهم الله جميعاً) .

الثاني : القول بأفضليَّة القرءاة مطلقاً ، اختاره أبو الصَّلاح تقي بن نجم الحلبي رحمه الله ، والمصنّف رحمه الله في اللمعة ، ومال إليه صاحب المدارك رحمه الله .

الثالث : هو القول بالتخيير مطلقاً من غير تفصيل ، وهو مذهب الشَّيخ رحمه الله في النهاية والجمل والمبسوط ، واختاره أيضاً العلّامة رحمه الله في الإرشاد والمختلف ، والمحقق رحمه الله في المعتبر .

الرابع : هو القول بأفضليَّة القراءة للإمام ، والمساواة لغيره من منفرد أو مأموم ، واختاره العلَّامة في القواعد ، والمحقّق في الشّرائع ، والمحقّق الثاني على ما في شرح القواعد ، والمحقق الأردبيلي في شرحه على الإرشاد ، وذهب إليه أيضاً المصنّف في البيان (رحمهم الله جميعاً) .

الخامس : القول بأفضليّة القراءة للإمام ، وأفضليّة التسبيح للمأموم ، وهو مذهب العلَّامة رحمه الله في المنتهى .

السَّادس : القول بأفضليَّة القراءة للإمام والتسبيح للمنفرد ، واختاره المصنِّف رحمه الله هنا في الدّروس في درس الواحد والأربعين ، عند قوله : (والقراءة في الأخيرتين للإمام ، والتسبيح للمنفرد ... ) .

السَّابع : القول بأفضليَّة التسبيح للإمام إذا تيقَّن أنْ ليس معه مسبوق ، وأفضليَّة القراءة إذا تيقَّن دخول مسبوق أو جوّزه ، والقراءة للمأموم والتخيير للمنفرد ، ذهب إليه ابن الجنيد رحمه الله ، على ما حكي عنه .

إذا عرفت ذلك فنقول : أمَّا القول الأوَّل فقدِ استُدل بعدَّة من الأخبار المستفيضة ، بل لا يبعد تواترها ، حيث تبلغ ثمانية عشر رواية :

الأُولى : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (أنَّه قال : لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئاً ، إماماً كنتَ أو غير إمام ، قال : قلت : فما أقول فيهما ؟ قال : إذا كنت إماماً أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله ، ثلاث مرات ، تكمله تسع تسبيحات ، ثمَّ تكبر وتركع) [2] .

الثانية : حسنة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (قال : عشر ركعات ركعتان من الظّهر ، وركعتان من العصر ، وركعتا الصّبح ، وركعتا المغرب ، وركعتا العشاء الآخرة ، لا يجوز فيهنّ الوهم - إلى أن قال : - وهي الصّلاة التي فرضها الله ، وفوَّض إلى محمَّد (صلى الله عليه وآله) ، فزاد النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في الصَّلاة سبع ركعات ، هي ستة ليس فيهنّ قراءة ، إنّما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء ، فالوهم إنَّما هو فيهن ... ) [3] .

الثالثة : صحيحة زرارة (قال : قال أبو جعفر عليه السلام : كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات ، وفيهنّ القراءة ، وليس فيهنّ وهم - يعني سهواً - فزاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعاً ، وفيهنّ الوهم ، وليس فيهنّ قراءة ، فمَنْ شكّ في الأولتين أعاد حتَّى يحفظ ، ويكون على يقين ، ومَنْ شكّ في الأخيرتين عمل بالوهم) [4] .

قال صاحب الوسائل رحمه الله : (ورواه ابن إدريس في آخر السَّرائر نقلاً من كتاب حريز بن عبد الله عن زرارة ، وزاد : وإنَّما فرض الله كلّ صلاة ركعتين ، وزاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعاً ، وفيهنّ الوهم ، وليس فيهنّ قراءة) ، وجعله صاحب الوسائل رحمه الله حديثاً آخر ، غير الأوَّل .

والإنصاف : أنَّ أصل حريز وكتابه وإن كان من الأصول المشهورة عندنا ، والمعروفة بين الأعلام ، إلَّا أن ابن إدريس رحمه الله طريقه إلى أصل حريز ، فتكون الرّواية مرسلة .

الرابعة : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (قال : إذا أدرك الرّجل بعض الصّلاة ، وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصَّلاة خلفه ، جعل أوَّل ما أدرك أوَّل صلاته إن أدرك من الظّهر ، أو من العصر ، أو من العشاء ركعتين ، وفاته ركعتان ، قرأ في كلّ ركعة ممَّا أدرك خلف إمام في نفسه بأمّ الكتاب وسورة ، فإنْ لم يدرك السّورة تامَّةً أجزأته أمّ الكتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين ، لا يقرأ فيهما ، لأنَّ الصَّلاة إنَّما يقرأ فيها بالأولتين في كلّ ركعةٍ بأمّ الكتاب وسورة ، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، إنَّما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة ، وإن أدرك ركعةً قرأَ فيها خلف الإمام ، فإذا سلّم الإمام قام فقرأ بأمّ الكتاب وسورة ، ثمَّ قعد فتشهد ، ثمَّ قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة) [5] .

الخامسة : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : إذا قمت في الرّكعتين الأخيرتين ، لا تقرأ فيهما ، فقل : الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر) [6] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo