< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :القنوت في الصَّلاة (10)

أقول : هناك روايات كثيرة تدلّ على جواز الدُّعاء في القنوت ، وفي سائر أحوال الصَّلاة للدُّنيا والآخرة ، وجواز الدُّعاء في القنوت على العدو وتسميته ، ففي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قال : تدعو في الوتر على العدو ، وإن شئت سمّيتهم ، وتستغفر ... )[1] .

وفي رواية إبراهيم بن عقبة (قال : كتبتُ إليه - يعني أبا الحسن (عليه السَّلام) - جُعِلت فداك ! قد عرفت بعض هؤلاء الممطورة ، فأمنت عليهم في صلاتي ، قال : نعم ، أقنت عليهم في صلاتك)[2] ، وهي ضعيفة بعدم وثاقة إبراهيم بن عقبة .

ومن المعلوم أنْ الواقفيَّة كانوا يعرفون بين الشيعة بالممطورة ، أي الكلاب التي أصابها المطر ، لشدة اجتنابهم لهم .

وعن ذريح المحاربي (قال : قال الحارث بن المغيرة النصري لأبي عبد الله (عليه السَّلام) : إنَّ أبا جعفر المزني حدَّثني عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام) أنَّه صلَّى بالنَّاس المغرب ، فقنت في الرِّكعة الثانية وَلَعن معاوية ، وعَمْرو بن العاص ، وأبا موسى الأشعري ، وأبا الأعور السَّلمي ، قال الشَّيخ رحمه الله : صدق ، فالعنهم)[3] [4] ، وهي ضعيفة أيضاً بعدم وثاقة جعفر بن محمَّد بن شريح .

وأمَّا الرِّوايات الدَّالة على جواز الدُّعاء في سائر أقوال الصَّلاة للدُّنيا والآخرة وتسمية الحاجة ، فهي كثيرة :

منها : صحيحة محمَّد بن مسلم (قال : صلَّى بنا أبو بصير في طريق حكمه ، فقال - وهو ساجد ، وقد كانت ضلّتْ ناقة لجمالهم - : اللهمَّ ردّ على فلان ناقته ، قال محمَّد : فدخلت على أبي عبد الله (عليه السَّلام) فأخبرته ، فقال : وفعل ؟ فقلت : نعم ، قال : وفعل ؟ قلت : نعم ، قال : فسكت ، قلت : فأعيد الصَّلاة ؟ قال : لا)[5] .

ومنها : رواية عبد الرَّحمان بن سيابة (قال : قلتُ لأبي عبد الله (عليه السَّلام) : أدعو وأنا ساجد ، قال : نعم ، فادعُ للدُّنيا والآخرة ، فإنَّه ربّ الدُّينا والآخرة)[6] ، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة عبد الرَّحمان بن سيابة .

والرِّوايتان الواردتان في دفع الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) المال له لتقسيمها على مَنْ خرج مع زيد ، وإنْ دلَّتا على ائتمان الإمام (عليه السَّلام) له ، إلَّا أنَّه هو راويها ، فلا ينفع كما أنَّ وجوده في كامل الزَّيارات غير نافع ، لأنَّه ليس من مشايخه المباشرين .

ومنها : حسنة زيد الشحَّام عن أبي جعفر (عليه السَّلام) (قال : ادعُ في طلب الرِّزق في المكتوبة - وأنت ساجد - : يا خير المسؤولين ، ويا خير المعطين ، ارزقني وارزق عيالي من فضلك ، فإنَّك ذو الفضل العظيم)[7] .

ومنها : رواية عبد الله بن هلال (قال : شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السَّلام) : تفرّق أموالنا وما دخل علينا ، فقال : عليك بالدُّعاء وأنت ساجد ، فإنْ أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ، قال : قلت : فأدعو في الفريضة ، وأسمّي حاجتي ؟ فقال : نعم ، قد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فدعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وفعله عليّ (عليه السَّلام) بعده)[8] ، وهي ضعيفة أيضاً بعدم وثاقة عبد الله بن هلال .

وأمَّا عدم كون الدُّعاء في المحرم فهو المعروف بين الأعلام لأنَّه مبطل للصَّلاة .

لكنَّ الإنصاف : هو التفصيل في المقام ، فإن قلنا : إنَّ المبطل للصَّلاة هو خصوص كلام الآدميين ، فلا تبطل حينئذٍ ، لأنَّ الدُّعاء بالمحرم - كالدُّعاء على مؤمن ظلماً - لا يخرج عن كونه دعاءً ، ولا يدخل في كلام الآدميين ، فلا موجب للبطلان .

وأمَّا لو قلنا : إنَّ المبطل هو مطلق الكلام ، إلَّا ما خرج بالدَّليل ، وهو القرآن والدُّعاء والذكر ، فيصحّ القول بالبطلان حينئذٍ ، لانصراف المستنثى إلى الدُّعاء المحلّل ، فيبقى الدُّعاء المحرّم داخلاً في المستثنى منه ، وإن لم يصدق عليه كلام الآدميين ، والله العالم .

 

قوله : (ويجوز بغير العربيَّة مع القدرة والعجز ، بخلاف الأذكار الواجبة ، ومنع سعد من الدُّعاء بالفارسيَّة)[9]

المعروف بين الأعلام جواز الدُّعاء بالفارسيَّة في القنوت ، وفي الجواهر : (وكيف كان ، فقد صرح الصَّدوق في الفقيه بجواز القنوت بالفارسيَّة ، حاكياً له عن الصفَّار ، قيل : وقد وافقه عليه أكثر الأصحاب ، بل لم يعرف الخلاف في ذلك ، إلَّا من سعد بن عبد الله ، حتَّى أنَّ المحقِّق الثاني رحمه الله لما استوجه المنقول عن سعد - لأنَّ كيفية العبادة متلقاة من الشَّارع ، ولم يعهد مثل ذلك - قال : إلَّا أنَّ الشُّهرة بين الأصحاب - حتَّى أنَّه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد المذكور - مانعة من المصير - إلى أنْ قال : - فلا يبعد استقرار الكلمة حينئذٍ على الجواز ... )[10] .

أقول : قدِ استُدل للجواز بثلاثة أدلَّةٍ :

الأوَّل : صدق اسم الدُّعاء عليه ، فيشمله حينئذٍ كلّ ما دلّ عليه .

وفيه : إنَّا نقبل بجواز الدُّعاء بغير العربيَّة في القنوت لِصدق اسم الدُّعاء به ، إلَّا أنَّه لا يلزم منه الاكتفاء به عن وظيفة القنوت .

وبعبارة أخرى : يمكن القول بعدم بطلان الصَّلاة مع الدُّعاء به ، إلَّا أنَّه لا يدلّ على الاجتزاء به عن وظيفة القنوت .

الدليل الثاني : جملة من الروايات :

منها : صحيحة الحلبي (قال : قال أبو عبد الله (عليه السَّلام) : كلّ ما ذكرت الله عزَّوجل به ، والنَّبي (صلى الله عليه وآله) فهو من الصَّلاة ... )[11] .

ومنها : صحيحة عليّ بن مَهْزيار (قال : سألتُ أبا جعفر (عليه السَّلام) عن الرَّجل يتكلَّم في صلاة الفريضة بكلّ شيءٍ يناجي ربَّه عزَّوجل ، قال : نعم)[12] .

ومنها : مرسلة الصَّدوق رحمه الله (قال : وقال الصَّادق (عليه السَّلام) : كلّ ما ناجيت به ربَّك في الصَّلاة فليس بكلام)[13] .

ومنها : مرسلته الثانية (قال : قال أبو جعفر الثاني (عليه السَّلام) : لا بأس أنْ يتكلَّم الرَّجل في صلاة الفريضة بكلِّ شيءٍ يناجي به ربَّه عزَّوجل)[14] .

وقال بعد هذا الخبر : ( لو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روي عن الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه قال : كلّ شيء مطلق حتَّى يرد فيه نهي[15] ، والنَّهي عن الدُّعاء بالفارسية في الصَّلاة غير موجود ، والحمد لله) .

أقول : هذه الرِّواية أيضاً مرسلة .

وعليه ، فهذه الرِّوايات الثلاث ضعيفة بالإرسال .

 


[3] البحار : ج18 الصلاة / ص38.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo