< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/12/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النیة فی الصلاة (2)

(تابع)

الثانی: أنَّ أوَّل الصَّلاة التکبیر والنیة مقارنة أو سابقة، فلا تکون جزءاً.

وأجیب عنه: بأنَّه مصادرة علی المطلوب، إذ بعد تسلیم کون الرِّوایة المشهورة أوَّلها التکبیر وآخرها التسلیم، لا أوَّلها التحریم، فإنَّه یقال: إنَّ ذلک لا ینافی دخول‌ها فی الصَّلاة أیضا، باعتبار مقارنتها للتکبیر مقارنة معیة، لا سبق ولحوق، علی أنَّه یمکن کون المراد أوَّل الأفعال الظَّاهرة، لا ما یشمل القلبی.

الثالث: أنَّها لو کانت جزءاً لافتقرت إلی نیة أخری ویتسلسل.

وقیل: بمنع الملازمة.

وسند المنع: أنَّ قولنا الجُزء من العبادة یفتقر إلی نیة لیست القضیة من کلیة، فإنَّه یخرج عنها النیة.

والإنصاف: أنَّ هذا الجواب فی غیر محلِّه، إذ لا دلیل علی خروج النیة عن ذلک علی القول بالجزئیة، وما الفرق بین‌ها وبین غیرها من الأجزاء؟

الرابع: هل النیة تتعلّق بالصَّلاة، فلو کانت جزءاً منها لتعلّق الشَّیء بنفسه.

وأجیب عنه: بأنَّه لما کانت النیة لا تحتاج إلی نیة أخری کان متعلّق‌ها بقیة أجزاء الصَّلاة فلا تتعلَّق بنفسها.

والإنصاف: أنَّ هذا الجواب إنَّما یصحّ لو صحّ القول بعدم احتیاج النیة إلی نیة أخری، وقد عرفت ما فیه.

الخامس: حسنة أبی حمزة عن علی بن الحسین علیه السلام (قال: لا عمل إلَّا بنیة)[1] ، فإنَّها تدلّ علی مغایرة العمل للنیة.

وأُجیب عنه: بأنَّ المغایرة حاصلة بین جُزء الماهیة وکلّها ضرورة، ولا یلزم منه الشَّرطیة.

والإنصاف: أنَّه مع قطع النظر عن هذه الأدلَّة وأجوبتها فإنَّ القول بالشرطیة هو الأقوی، إذ هی شرط للصَّلاة کغیرها من التکالیف التعبدیة آلتی یتوقَّف صحت‌ها علی حصولها بقصد الإطاعة، ضرورة اشتراط أفعال الصَّلاة بصدورها عن قصد الإطاعة، وعدم کونها تکالیف توصلیة، فلو صدر شیء منها بلا قصد، أو یقصد شیء آخر غیر إطاعة الأمر بالصلاة، لم تصح، فالنیة شرط فی صحَّة سائر الأجزاء قطعاً، والله العالم.

ثمَّ لا یخفی علیک أنَّ هذه المسألة - أی کون النیةِ جزءاً أو شرطاً - لا فائدة عملیة من تحقیقها، لأنَّ اعتبارها فی الصَّلاة، بحیث تبطل بالإخلال بها عمداً وسهواً، ثابت علی کلّ من القولین.

نعم، قد تظهر الفائدة نادراً فیما لو نذر الصَّلاة فی وقت معین فاتفق التکبیر لأوّله فإنْ جعلناها شرطاً برئ، وإلَّا فلا، والله العالم بحقیقة أحکامه.

قال المصنِّف (قده سره) فی الذکری: (النیة قصد، ومتعلقه المقصود، فلا بدَّ من کونه معلوماً، فیجب إحضار ذات الصَّلاة وصفاتها الواجبة من التعیین والأداء، أو القضاء والوجوب، للتقرب إلی الله تعالی، ثمَّ یقصد إلی هذا المعلوم؛ وتحقیقه أنَّه إذا أرید نیة الظُّهر مثلاً فالطریق إلیها إحضار المنوی بممیزاته عن غیره فی الذهن، فإذا حضر قصد المکلَّف إلی إیقاعه تقرباً إلی الله، ولیس فیه ترتیب بحسب التصوُّر، وإن وقع ترتیب فإنَّما هو بحسب التعبیر عنه بالألفاظ، إذ من ضروراتها ذلک، فلو أنَّ مکلَّفاً أحضر فی ذهنه الظُّهر الواجبة المؤدَّاة، ثمَّ استحضر قصد فعلها تقرُّباً وکبَّر کان ناویاً ...).

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo