< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الأَذان والإقامة (33)

 

وإنَّما الكلام في أنَّ التفريق ، هل يحصل بالنافلة أم لا ؟

ذهب جماعة كثيرة من الأعلام إلى حصول التفريق بالتفريق بالنافلة ، وقد يستدلّ لهم ببعض الأخبار :

منها : رواية محمَّد بن حكيم (قال : سمعتُ أبا الحسن (عليه السلام) يقول : الجمع بين الصَّلاتين إذا لم يكن بينهما تطوُّع ، فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع)[1] (1) ، وهي ظاهرة جدّاً في حصول التفريق بالنافلة ، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة محمَّد بن حكيم ، وبجهالة محمَّد بن موسى فإنَّه مردَّد بين الهمداني الضعيف وبين الملقَّب بخوراء الثقة ، ولا مميِّز في البين .

أضف إلى ذلك : أنَّ الذي روى عنه محمَّد بن موسى هل هو محمَّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، أم عليّ بن عيسى غير الموثَّق ، إذ النسخ مختلفة ، فتكون ضعيفة من هذه الجهة أيضاً .

ومنها : روايته الأخرى عن أبي الحسن (عليه السلام) (قال : سمعته يقول : إذا جمعت بين صلاتين فلا تطوُّع بينهما) [2] (2) ، وهي أيضاً ظاهرة في التفريق بالنافلة ، ولكنَّها أيضاً ضعيفة بعدم وثاقة الراوي محمَّد بن حكيم وضعف سلمة بن الخطاب ، وعدم وثاقة الحسين بن سيف .

ومنها : موثَّقة الحسين بن علوان عن جعفر بن محمَّد (عليه السلام) (قال : رأيتُ أبي وجدِّي القاسم بن محمد يجمعان مع الأئمة المغرب والعشاء في الليلة المطيرة ، ولا يصلِّيان بينهما شيئاً) [3] (3) ، وهذه الرِّواية وإن كانت موثَّقة إلَّا أنَّها لا تدلّ على المطلوب ، لأنَّها حكايةُ فعلٍ ، والفعل مجمل ، إذ أقصى ما تدلّ عليه هو الجمع بين المغرب والعشاء ، وعدم تطوِّعهما ؛ أمَّا أنَّ التطوُّع يحصل به التفريق أم لا فهي ساكنة عنه .

والإنصاف : أنَّ التفريق يحصل بالنافلة ، وذلك لِصحيحة منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : سألتُه عن صلاة المغرب والعشاء بِجَمْعٍ ، فقال : بأذان وإقامتين ، ولا تصلِّ بينهما شيئاً ، هكذا صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وآله)) [4] (4) ، وهي واضحة الدَّلالة في أنَّ التطوُّع ينافي الجمع ، وينافي ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حيث جمع (صلى الله عليه وآله) ولم يصلِّ بينهما شيئاً .

ولكن قد يقال : إنَّ هذه الصَّحيحة ينافيها صحيحة أبان بن تغلب (قال : صلَّيت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) المغرب المزدلفة ، فلمَّا انصرفَ أقامَ الصَّلاةَ ، فصلَّى العشاءَ الآخرةَ لم يركع بينهما ، ثمَّ صليتُ معه بعد ذلك بسنة ، فصلَّى المغربَ ثمَّ أقامَ فتنفَّل بأربع ركعات ، ثمَّ أقام فصلَّى العشاءَ الآخرةَ) [5] (5) .

وفيه - ما ذكرناه في أكثر من مناسبة - : أنَّ الفعل مجمل لا ظهور فيه ، وهنا حكاية فعل ، فكيف يعارض ما تقدَّم ؟! .

وأمَّا رواية عبد الله بن سنان (قال : شهدتُ صلاةَ ليلةِ مَطِيرَةٍ في مسجدِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) فحينَ كانَ قريباً من الشَّفقِ نادوا وأقاموا الصَّلاةَ ، فصلُّوا المغربَ ، ثمَّ أمهلوا النَّاس حتَّى صلُّوا ركعتين ، ثمَّ قام المنادي في مكانه في المسجد فأقام الصَّلاةَ ، فصلُّوا العشاءَ ، ثمَّ انصرف النَّاس إلى منازلهم ، فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك ، فقال : نعم ، قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمل بهذا) [6] (6) .

ففيها أوَّلاً : أنَّها ضعيفة بسهل بن زياد .

وثانياً : أنَّها لا تدلّ على أنّ فعل النافلة لا يحقّق التفريق ، إذ لا يستفاد منها أنَّ ترك الأذان منشأه الجمع بين الفريضتين ليدلّ على عدم قدح النافلة في الجمع بين الفريضتين ، إذ يحتمل أن يكون ترك الأذان لأجل الاستعجال أو المطر أو غيرهما ... يتبع

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo