الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
37/07/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : الأَذان والإقامة (25)
ومنها : موثَّقة عمَّار (قال سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام : لا بدّ للمريض أن يؤذِّن ويقيم إذا أراد الصَّلاة ، ولو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلَّم به ، سُئِل : فإن كان شديد الوجع ؟ قال : لا بدّ من أن يؤذِّن ويقيم ، لأنَّه لا صلاة إلَّا بأذان وإقامة)[1] .
وفيه : أنَّه لا بدّ من الحمل على الاستحباب ، لأنَّك عرفت سابقاً أنَّه يجوز ترك الأذان ولا يجب .
وعليه ، فقوله عليه السلام (لا صلاة إلَّا بأذان وإقامة) لا بدَّ من حَمْل النفي بالنسبة إلى الأَذان على الكمال ، أي لا صلاة كاملة مع ترك الأذان .
وأمَّا بالنسبة إلى الإقامة فلا يخلو إمَّا أن يراد من النفي هو نفي الصحَّة أو نفي الكمال ، مثل الأذان ، ولا يصحّ أن يُحمل على نفي الصحَّة ، إذ يلزم منه استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، لأنَّ الفرض إرادة نفي الكمال بالنسبة إلى الأذان ، فحمل النفي على نفي الصحَّة بالنسبة للإقامة يلزم منه استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، وهو غير جائز ، كما عرفت في علم الأصول .
وعليه ، فيتعيَّن أن يكون المراد نفي الكمال في كلٍّ منهما ، فتكون دالَّةً على استحباب الأذان والإقامة .
ومنها : الرِّوايات المتقدِّمة الدَّالة على أنَّ الإقامة من الصَّلاة ، مثل رواية سليمان بن صالح[2] ، ورواية يونس الشِّيباني[3] ، ورواية أبي هارون المكفوف[4] .
وفيه : ما تقدَّم من أنَّها ضعيفة السَّند .
أمَّا الأُولى : فبجهالة صالح بن عقبة ، واشتراك سليمان بن صالح بين الثقة وغيره .
وأمَّا الثانية : فبجهالة صالح بن عقبة ، ويونس الشِّيباني .
وأمَّا الثالثة : بجهالة صالح بن عقبة وأبي هارون المكفوف .
أضف إلى ذلك : أنَّه لا يصحّ أن تكون الإقامة جزءاً من الصَّلاة ، وذلك للرِّوايات الكثيرة الدَّالة على أنَّ افتتاح الصَّلاة بالتكبير أو تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ، فأين تكون الإقامة حينئذٍ ؟!
وعليه ، فهي من الصَّلاة مجاز لا حقيقة ، والتنزيل بلحاظ الأهمية ، والله العالم .
ومنها : ما دلَّ على أنَّه لا أذان ولا إقامة على النِّساء المحمولة على إرادة نفي اللزوم عليها ، إذ لا إشكال في المشروعيَّة ، فيُفهم منها لزومها على الرِّجال .
وفيه - مضافاً إلى أنَّ أغلبها ضعيف السَّند ، كما عرفت سابقاً عند الكلام عن عدم تأكُّد استحباب الأذان والإقامة للنِّساء - : أنَّها دالَّة على اللزوم بالنسبة للرِّجال بمفهوم اللقب ، وقد عرفت في مبحث الأصول أنَّه لا مفهوم للقب ، بل هو من أضعف المفاهيم .
ثمَّ إنَّه لو قطعنا عن ذلك ، وسلَّمنا دلالتها على الوجوب ، إلَّا أنَّه لا بدَّ من صرفها عن ذلك بالنسبة إلى الأَذان ، وحَمْلها على تأكُّد الاستحباب ، ولا يبقى مع ذلك لها ظهور في الوجوب في خصوص الإقامة .
وبالجملة ، فإنّ اقتران الإقامة في هذه الرِّوايات بالأَذان وبالجماعة - مع وضوح استحبابها على الرجال - يؤكِّد ما قلناه .
ومنها : الأخبار الكثيرة الآمرة بقطع الصَّلاة عند نسيان الإقامة وحدها أو مع الأذان ، كما سنذكرها - إن شاء الله تعالى - .
ووجه الاستدلال فيها لوجوب الإقامة من جهتين :
الأُولى : اشتمالها على لفظ الأمر الظَّاهر في الوجوب .
وفيه : أنَّ الأمر محمول على الجواز أو الاستحباب جمعاً بين الأخبار الظَّاهرة في الوجوب ، وبين ما دلَّ على المضي في الصَّلاة ، كصحيحة زرارة (قال : سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن رجلٍ نسي الأَذان والإِقامة حتَّى دخل في الصَّلاة ، قال : فليمضِ في صلاته فإنَّما الأذان سنَّة)[5] ، وكذا غيرها من الرِّوايات .
الثانية : أنَّها لو لم تكن واجبةً لَمَا استُبِيح بها حرمة قطع الصَّلاة .
اعتنى به حيدر محمد آل عتريس العاملي عامله الله بلطفه الخفي