< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الأذان والإقامة (6)

 

= هذا هو المعروف بين الأعلام أيضاً أنَّه لا يتأكّد في حقّهن ، كما يُستفاد ذلك من بعض الرِّوايات :

منها : مرسلة الفقيه (قال : قال الصَّادق عليه السَّلام : ليس على المرأة أَذان ولا إقامة إن سمعت أَذان القبيلة ، وتكفيها الشَّهاداتان ، ولكن إذا أذَّنت وأقامت فهو أفضل )[1] ، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال .

ومنها : صحيحة جميل بن دراج (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السَّلام عن المرأة أعليها أذان وإقامة ؟ فقال : لا) [2] ، والنفي محمول على عدم تأكّد الاستحباب .

ومثلها : ما رواه الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في الفقيه بإسناده عن حمَّاد بن عَمْرو وَأَنس بن محمَّد عن أبيه عن جعفر بن محمَّد عن آبائه عليهم السلام في وصية النَّبي (صلى الله عليه وآله) لعليٍّ عليه السَّلام (قال : ليس على المرأة أَذان ولا إِقامة) [3] .

ولكنَّ الرِّواية ضعيفة جدّاً ، لأنَّ إسناد الصَّدوق رحمه الله إلى حمَّاد بن عَمْرو وأنس بن محمَّد عن أبيه فيه عدَّة من المجاهيل ، كما أنَّ حمَّاد بن عمرو وأنس بن محمَّد وأباه من المجاهيل .

ومثلها أيضاً مرسلة الفقيه الثانية (قال : وقال الصَّادق عليه السَّلام : ليس على النِّساء أَذان ولا إِقامة ، ولا جُمُعة ، ولا جماعة ... ) [4] ، وهي ضعيفة بالإرسال .

ومثلها أيضاً ما رواه الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في الخِصال فيما أَوْصى به النَّبي (صلى الله عليه وآله) عليّاً عليه السَّلام (يا عليُّ ! ليس على النِّساء جمعة ولا جماعة ، ولا أَذان ولا إِقامة ) [5] .

وكذا روايته فيه بسنده عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السَّلام (قال : ليس على النِّساء أَذان ولا إِقامة) [6] ، ولكنَّهما ضعيفتان لوجود عدَّة من المجاهيل في إسناد كِلا الرِّوايتَيْن .

ثمَّ إنَّه قد يستدلّ على الاجتزاء عن الأَذان بالتكبير والشَّهادتين بصحيحة عبد الله بن سنان المتقدِّمة .

وأمَّا الاجتزاء عن الأَذان بالشَّهادتين فقط فيدلّ عليه مرسلة الصَّدوق رحمه الله المتقدِّمة ، حيث ورد فيها (ويكفيها الشَّهادتان) .

ويدلّ عليه أيضاً صحيحة زرارة (قال : قلتُ لأبي جعفر عليه السَّلام النِّساء عليهم أَذان ، فقال : إذا شهدتِ الشَّهادتين فحسبها) [7] .

ويظهر من بعض الرِّوايات الاجتزاء عن الإقامة بالتكبير وشهادة أن لا إله إلَّا الله ، وأنَّ محمّد عبده ورسوله :

منها : صحيحة أبي مريم الأنصاري (قال : سمعتُ أبا عبد الله عليه السَّلام يقول : إِقامة المرأة أن تكبِّر وتشهد أن لا إله إلَّا الله ، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله) [8] .

ولكن يظهر من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السَّلام (قال : قلتُ له : المرأة عليها أَذان وإقامة ؟ فقال : إن كانت سمعت أذان القبيلة فليس عليها أكثر من الشَّهادتين ) [9] الاجتزاء بالشَّهادتين فقط ، ولكنَّها ضعيفة ، لأنَّ عيسى بن محمَّد الموجود في السَّند غير موثَّق .

{ تنبيه }

قال صاحب المدارك رحمه الله : (ولو أذَّنتْ للمحارم فكالأذان للنِّساء في الاعتداد ، لجوزا الاستماع ، أمَّا الأجانب فقد قَطَع الأكثر بأنَّهم لا يعتدّون به ، لأنَّها إنْ أجهرتْ فهو منهيّ عنه ، والنهي يدلّ على الفساد ، وإنْ أخفت عنهم لم يُجتزأ به ، لعدم السُّماع ، وظاهر المبسوط الاعتداد به ، قال : لأنَّه لا مانع منه ، وكأنَّه بناءً على أنَّ صوتها ليس بعورة ، فلا يحرم على الأجانب سماعه ، ويمكن تطرُّق الإشكال إلى الاعتداد الرِّجال بأَذانهن على هذا التقدير أيضاً لتوقف العبادة على التوقيف ، وعدم ورود النقل بذلك)[10] .

أقول : الصَّحيح هو الاعتداد به للأجانب ، وذلك لِعدم ثبوت جريان حكم العورة على أصواتهن ، بل مقتضى السِّيرة المستمرة في سائر الأعصار والأمصار ، وما وصل إلينا من النصوص المتضمنة كلامهم عليه السَّلام معهنَّ زائداً على الواجب ، هو جواز سَماع أصواتهنّ ، وأنَّه ليس بعورة .

وأمَّا إشكال صاحب المدارك رحمه الله من كون العبادة توقيفيَّةً ، ولم يرد النقل بذلك .

فيرد عليه أنَّه لا يحتاج إلى ورود النقل ، لأنَّ المرجع عند الشكّ في شرطيّة شيء للعبادة هو البراءة .

نعم ، الأَولى عدم الاجتزاء بأَذانهن للأجانب ، والله العالم .

*************

قوله : (ولا يقدّم على الوقت إلّا في الصّبح ، فيُعاد ، ومنعه فيها الجعفي والمرتضى ، ورُوي التقديم للمنفرد في الصُّبح ، لا الجامع)

قال في المدارك ( أمَّا عدم جواز الأَذان للفريضة قبل دخول وقتها في غير الصُّبح فعليه علماء الإسلام ، لأنَّه وضع للإعلام بدخول الوقت فلا يقع قبله ... ) ، وفي الجواهر : (إجماعاً من المسلمين ، فضلاً عن المؤمنين ، وسنّة معلومة من النَّبي (صلى الله عليه وآله) وذريَّته الطَّاهرين عليه السَّلام ، فهو الموافق حينئذٍ لدليل التأسِّي برسول ربّ العالمين ، والأئمة المرضيين ، فضلاً عن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ...)[11] .

أقول : يدلّ عليه - مضافاً للتسالم بين الأعلام في جميع الأعصار والأمصار - ما سنذكره من الرِّوايات الآتية ، هذا بالنسبة لعدم جواز التقديم في غير الصّبح .

وأمَّا جواز تقديمه في الصّبح قبل طلوع الفجر مع استحباب إعادته بعده فهو المعروف بين الأعلام ، قال ابن أبي عقيل رحمه الله : (الأَذان عند آل الرّسول عليهم السلام للصّلوات الخمس بعد دخول وقتها إلَّا الصّبح ، فإنّه جائز أن يؤذِّن لها قبل دخول وقتها ، بذلك تواترت الأخبار عنهم ، وقالوا : كان للرّسول (صلى الله عليه وآله) مؤذِّنان ، أحدهما بلال ، والآخر ابن أمّ مكتوم ، وكان أعمى ، وكان يؤذِّن قبل الفجر ، وبلال إذا طلع الفجر ، وكان (صلى الله عليه وآله) يقول : إذا سمعتم أَذان بلال فكفُّوا عن الطَّعام والشَّراب)[12] .

ومنع ابن إدريس رحمه الله من تقديمه في الصُّبح أيضاً ، وهو ظاهر اختيار المرتضى رحمه الله في المسائل الناصرية ، وابن الجنيد وأبي الصَّلاح والجعفي رحمهم الله جميعاً .

أقول : يدلّ على ما ذهب إليه المشهور - مضافاً لِمَا ذكره ابن أبي عقيل رحمه الله - عدّة من الرِّوايات :

منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السَّلام (قال : كان بلال يؤذِّن للنِّبي (صلى الله عليه وآله) وابن أمّ مكتوم ، وكان أعمى يؤذِّن بليلٍ ، ويؤذِّن بلال حين يطلع الفجر ... ) [13] ، ابن أمّ مكتوم اسمه عبد الله بن زائدة.

ومنها : صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السَّلام (أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : هذا ابن أمّ مكتوم وهو يؤذِّن بليلٍ ، فإذا أَذَّن بلال عند ذلك فأمسك ، يعني في الصَّوم) [14] ، وموسى بن بكر الواسطي الموجود في السَّند من المعاريف الكاشف ذلك عن وثاقته.

ومنها : صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السَّلام - في حديث - (قال : لا تنتظر بأَذانك وإقامتك إلَّا دخول وقت الصَّلاة ، واحدر إقامتك حدراً ، قال : وكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مؤذِّنان ، أحدهما بلال ، والآخر ابن أمّ مكتوم ، وكان ابن أمّ مكتوم أعمى ، وكان يؤذِّن قبل الصُّبح ، وكان بلال يؤذِّن بعد الصُّبح ، فقال النَّبي (صلى الله عليه وآله) : إنَّ ابن أمّ مكتوم يؤذِّن بليلٍ ، فإذا سمعتم أَذانه فكلوا واشربوا حتَّى تسمعوا أَذان بلال ، فغيَّرتِ العامَّة هذا الحديث عن جهته ، وقالوا : إنَّه (صلى الله عليه وآله) قال : إنَّ بلالاً يؤذِّن بليلٍ ، فإذا سمعتم أَذانه فكلُّوا واشربوا حتَّى تسمعوا أذان ابن أمّ مكتوم ) [15] .

قال صاحب الحدائق رحمه الله : (قد نقل صاحب الوسائل الحديث المذكور كما نقلناه ، وظاهره حمل قوله : فغيِّرت العامَّة هذا الحديث ... على أنَّه من قول الإمام عليه السَّلام ، والأقرب أنَّه من كلام الصَّدوق ، كما هي عادته في إدخال كلامه في الأخبار على وجه يحصل به الالتباس ، كما في هذا الموضع ، وهو ظاهر شيخنا الشَّهيد في الذكرى ، فإنَّه نسب هذه الزِّيادة إلى الصَّدوق)[16] .


[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، أبواب الأذان والإقامة، باب13، ح3، ط آل البیت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، أبواب الأذان والإقامة، باب13، ح2، ط آل البیت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo