< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أحكام المساجد

ثمَّ إنَّ الخذف إن كان بالحاء المهملة : فهو الرمي بأطراف الأصابع، كما في المجمع، وإن كان بالمعجمة : فهو وضع الحصاة على بطن إبهام يد اليمنى ودفعها بظفر السّبابة، كما هو المشهور على ما في المجمع، أو الرمي بأطراف الأصابع، كما عن الخلاف، فيكون رديفاً حينئذٍ للأوّل ؛ وهناك تفسيرات أخرى للخذف لسنا بحاجة لذكرها .
ثمَّ إنّه يُستفاد من الروايتَيْن المتقدمتَيْن كراهة الحذف مطلقاً، وإن لم يكن في المسجد، بل ظاهرهما أنَّه كان من الملاهي، ولعلّه الذي هو الآن بيد أهل الرساتيق، مما يسمى اللعب بـ (القلّة) .
قوله : (وترك كشف العورة، والسرة، والفخذ)
المعروف بين الأعلام كراهة كَشْف العورة في المسجد مع الأمن من المطلع، وفي الجواهر : (بلا خلاف أجده بين من تعرّض له للتعليل السّابق، ولمنافاته التوقير ...)، وعلّله في المعتبر (بأنّ ذلك استخفاف بالمسجد، وهو محلّ وقار ... ).
وذكر المصنِّف رحمه الله أنّ المستحب ترك كشف العورة والسّرة والفخذ .
أقول : قدِ استُدل للمسألة بمعتبرة السّكوني عن جعفر عن أبيه عليه السلام (أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال : كَشْف السّرة والفخذ والركبة في المسجد من العورة)[1].
ويُستفاد من هذه المعتبرة استحباب ترك كشف السّرة والفخذ والركبة زيادة على العورة، أو يُستفاد منها كراهة كَشْف الثلاثة زيادة على العورة .
قوله : (وترك سلّ السيف، وبري النبل)
هذا ما ذكره المصنِّف رحمه الله هنا وفي الذكرى، وكذا بعض الأعلام .
وعن جماعة كراهة : سلّ السّيف وبري النبل، لا استحباب تركهما، ويدلّ على ذلك بعض الرّوايات :
منها : صحيحة بن مسلم المتقدّمة عن أحدهما عليهما السلام (قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن سل السّيف في المسجد، وعن بري النبل في المسجد قال : إنّما بُني لغير ذلك)[2].
ومنها : حديث المناهي (قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يُسلّ السّيف في المسجد )[3]، ولكنّه ضعيف جدّاً، كما تقدّم في أكثر من مناسبة .
ومنها : مرفوعة محمّد بن أحمد (قال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرّ برجل يبري مشاقص له في المساجد، فنهاه، وقال : إنّها لغير هذا بُنيت)[4]، وهي ضعيفة بالرّفع .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : إنّ جدِّي نهى رجلاً يبري مشقصاً في المسجد )[5].

قوله : (وجعلها طريقاً)
المراد بجعلها طريقاً استطراقها مع بقاء هيئة المسجديّة، لا تغييرها طريقاً، وإلّا حرّم بلا إشكال .
ثمّ إنّه قدِ استُدلّ لكراهة الاستطراق بحديث المناهي (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا تجعلوا المساجد طرقاً حتّى تصلّوا فيها ركعتين)[6].
وفيه أوَّلاً : أنّ حديث المناهي ضعيف جدّاً، كما عرفت .
وثانياً : أنّ ظاهره ارتفاع الكراهة بالصّلاة ركعتين، مع أنّ مَنْ ذهب إلى الكراهة لم يلتزم بذلك .
وقدِ استُدل للكراهة أيضاً بأنّ الاستطراق منافٍ لاحترامها، المستفاد من النصوص فحوًى وصريحاً، ففي رواية يونس بن يعقوب (قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ملعون، ملعون، مَنْ لم يوقّر المسجد ... )[7]، ولكنّها ضعيفة بجهالة أكثر من شخص .
وبرواية أبي بصير (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن العلّة في تعظيم المساجد، فقال : إنّما أمر بتعظيم المساجد لأنّها بيوت الله في الأرض)[8]، وهي ضعيفة أيضاً بعليّ بن أبي حمزة البطائني، وبجهالة محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، وموسى بن عمران .
بقي من جملة المكروهات دخول مَنْ في فمه رائحة بصل أو ثوم، أو غيرهما من الروائح المؤذية للمجاور، كالكرّاث، ونحوه، ولم يتعرّض له المصنِّف رحمه الله .
ثمّ إنّه قد استُدلّ لكراهة ذلك بعدّة روايات :
منها : جاء في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (قال : سألتُه عن أكل الثوم، فقال : إنَّما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه لريحه، فقال : مَنْ أكل هذه البقلة الخبيثة فلا يقرب مسجدنا، فأمَّا مَنْ أكله، ولم يأت المسجد، فلا بأس)[9].
ومنها : صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (أنّه سأل عن أكل الثوم والبصل والكرّاث، قال : لا بأس بأكله نيّاً، وفي القدور، ولا بأس بأنّ يتداوى بالثوم، ولكن إذا أكل ذلك فلا يخرج إلى المسجد)[10].
ومنها : رواية الحسن الزيات - في حديث - (أنّه قصد أبا جعفر عليه السلام إلى بينبع، فقال : يا حسن ! أتيتني إلى ههنا ؟، قلت : نعم، قال : إنّي أكلتُ من هذه البقلة - يعني الثوم - فأردتُ أن أتنحى عن مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) )[11]، ولكنّها ضعيفة بالحسن الزيات، فإنّه مهمل .
ومنها : رواية بن سنان (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الكرّاث، فقال : لا بأس بأكله مطبوخاً، وغير مطبوخ، ولكن إن أكل منه شيئاً له أذى، فلا يخرج إلى المسجد كراهيّة أذاه من يجالس)[12]، وهي ضعيفة أيضاً، لأنّ ابن سنان الوارد في السّند إن لم يكن هو محمد الضعيفة، فلا أقلّ أنّه مشترك بينه وبين عبد الله الثقة، ولا مميّز لأحدهما .
ومنها : رواية داود بن فرق عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أكل هذه البقلة فلا يقربن مسجدنا، ولم يقل : إنّه حرام)[13]، ولكنّها ضعيفة، لعدم وثاقة عليّ بن الحسين السعدآبادي .
ومنها : حديث الأربعمائة عن عليّ عليه السلام (قال : مَنْ أكل شيئاً من المؤذيات ريحاً فلا يقربن المسجد )[14]، ولكنّه ضعيف بالقاسم بن يحيى، وجدّه الحسن بن راشد، فإنّهما غير موثّقين .
ومنها : ما رواه محمّد بن الحسين الرضي في المجازات النبويّة (قال : قال عليه السلام : مَنْ أكل هاتين البقلتين، فلا يقربن مسجدنا - يعني الثوم والكراث - ممَّن أراد أكلهما فليمتهما طبخاً)[15]، وهي ضعيفة بالإرسال، وفي رواية : (فليمثهما طبخاً)[16]، وهي أيضاً ضعيفة بالإرسال .
ثمّ إنّه يظهر من هذه الرّواية، ومن بعض الرّوايات المتقدّمة، والتي منها صحيحة محمّد بن مسلم، اختصاص الكراهة بما إذا ظهر من فمه رائحتها الكريهة، فلو عولجت بطبخ، ونحوه بحيث



[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب37 من أبواب أحكام المساجد ح1.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب37 من أبواب أحكام المساجد ح1.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب17 من أبواب أحكام المساجد ح2.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب17 من أبواب أحكام المساجد ح3 .
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب17 من أبواب أحكام المساجد ح4 .
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب67 من أبواب أحكام المساجد ح1 .
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب53 من أبواب أحكام المساجد ح1.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب70 من أبواب أحكام المساجد ح1.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح1 .
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح2 .
[11] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح3 .
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح4 .

[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح5 .
[14] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح6 .
[15] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح7.
[16] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب22 من أبواب أحكام المساجد ح8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo