< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :حكم الذهب للرّجل
وأمّا الناسي فتارةً يكون ناسياً للموضوع، أي الغصب، وأخرى للحكم، أمَّا الناسي للموضوع فقد ذهب جماعة من الأعلام إلى البطلان، منهم العلّامة ¬ في جملة من كتبه، والشهيد الثاني ¬ في الروض، وغيرهم أيضاً، فيعيد في الوقت وخارجه، وذلك لأنّ هذا الستر كالعري، وكالتستّر بالظلمة باليد، ولأنّه مفّرط بالنسيان، لأنه قادر على التكرار، الموجب للتذكار، إلى آخر ما ذكروه في المقام .
وفيه : أنّ هذا الستر ليس كالعري وكالتستّر بالظملة، بل هو ستر صحيح لا مانع منه شرعاً .
وأمَّا القول : بأن أوامر الستر تنصرف إلى لمحلل، ففيه : أنّه محلّل، لأنّ رفع واقعي، لا ظاهري .
وعليه، فلا يكون الستر بالمحرم .
وأما الثاني - أي إنه مفرط بالنسيان - ففيه أوّلاً - كما عن جامع المقاصد - : لا نسلّم أنّ التكرار الموجب للتذكار يمنع عروض النسيان، والوجودان يشهد بخلافه .
وثانياً : أنّه يفرض البحث في غير المفرّط، كما لو اشتغل بواجب مضيّق أهم منه، أو بغير ذلك .
بل قد يقال : بعدم المؤاخذة له حال النسيان، وإن فرّط حتّى نسي - إن لم يكن هو الغاصب - لحديث الرفع .
هذا، وعن جماعة أخرى من الأعلام، منهم المصنّف ¬ هنا، وفي الذكرى، والعلَّامة ¬ في المختلف أنّه يعيد في الوقت، لا في خارجه، وعلّل العلّامة في المختلف هذه المسألة بأنّه لم يأتِ بالمأمور به على وجهه، فلم يخرج عن العهدة فيعيد في الوقت، لا في خارجه لأنّ القضاء يحتاج إلى أمر جديد، وهو غير موجود .
وفيه : أنّ مقتضى الأدلّة الاشتراط بعدم العلم بالغصب، لا عدم الغصب، والفرض أنّه غير عالم لأنّه ناسي، فهو حينئذٍ على وجهه .
ثمّ إنّه لو لم تكن على وجهها فهي فائتة، ومن فاتته فريضة فَلْيقضها، فلا وجه حينئذٍ لعدم القضاء، وعلّله المصنف ¬ في الذكرى بأنّ السبب، وهو الوقت، قائم ولم يتيقّن الخروج عن العهدة، بخلاف ما بعد الوقت، لزوال السبب، والقضاء يحتاج إلى أمر جديد، ويظهر جوابه ممّا تقدم .
والإنصاف : أنّ الناسي للغصب تارةً يكون هو الغاصب، وأخرى غيره، فإن كان هو الغاصب فقد ذكرنا في بعض المناسبات أنّ الناسي وإن لم يمكن توجيه الخطاب إليه، فلا يقال : يا أيها الناسي، وإلّا أصبح ملتفتاً، إلّا أنّه لمّا كان نسيانه منتهياً إلى سوء اختياره، وكان التكليف متنجزاً في حقّه قبل نسيانه كان ذلك مصحّحاً لاستحقاق العقوبة، لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً، أو ينافيه خطاباً، وإذا كان الأمر كذلك، فلا يكون معذوراً في عمله، ويكون الفعل حينئذٍ مبغوضاً، فلا يمكن التقرّب به .
وأمّا إذا كان الناسي غير الغاصب، فعمله صحيح، ولا إعادة عليه، لا في الوقت، ولا في خارجه، لأنّ رفع النسيان في حديث الرفع رفع واقعي .
وعليه ، فلا حرمة في الواقع حتّى يكون الفعل مبغوضاً، فلا مانع من الصحّة، هذا كلّه بالنسبة للناسي للموضوع، وأمّا الناسي للحكم فحكمه حكم الناسي للموضوع، والله العالم .
قوله : (ولا يختص البطلان بما إذا ستر به العورة أو قام فوقه خلافا للمحقق، والمستصحب مغصوبا، كخاتم، وشبهه كاللابس، خلافا له)[1]
ذكرنا ذلك في أوّل المسألة، فراجع .

قوله : ( ولو أذن المالك أو لغيره صحت الصلاة )
لا إشكال في صحّة الصّلاة، لارتفاع الحرمة لموجبة للبعد عن ساحة المولى، وإنّما الكلام في بقاء الغصبيّة مع الإذن للغاصب في التصرّف، وقد ذهب صاحب الحدائق ¬ إلى عدم بقائها، حيث قال : بل الظاهر عدم لحقق الغصبيّة في حال الصّلاة مع تعلّق الأذن بالغاصب، لأنّ الاستيلاء في تلك الحال لا عدوان فيه[2]، وحمل صاحب الجواهر ¬ بقاء الغصبيّة على إرادة تحقّق الغصب في غير ما أذن له فيه، أو غير ذلك، مما لا يقتضي الغصب فيما أذن له فيه ضرورة امتناع اجتماعهما، كما هو واضح .[3]
والإنصاف : أنّ العين باقية على الغصب بسبب منع يد المالك عنها، وإن كان اللبس والحركات مأذوناً فيها، فإن هذا الإذن لا ينافي الغصب للعين بالمعنى المذكور، إذ ربّما يكون الإنسان كارهاً، لاستقلال غيره على ماله، وراضياً بتصرّف خاص .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo