< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/05/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / في لباس المصلَّي /
وعليه، تكون الروايتان غير منافيتين لصحيحة ابن مسكان .
ومن هنا يجب القيام على المصلّين عراةً جماعة، مع الأمن من المطّلِع لظلمة، أو عمًى، أو نحوهما، بل نسبه في المدارك إلى الأكثر .
ثمّ إنّه حُكِي عن الشيخ المفيد والسّيد المرتضى (رحمهما الله) في كيفية صلاة العراة جماعة التصريح بأنَّهم يجلسون جميعاً صفاً واحداً، ويتقدّمهم الإمام بركبتيه، ويصلّون جميعاً بالإيماء .
ونسب هذا القول إلى الأكثر، بل المشهور، بل عن ابن إدريس - رحمه الله - دعوى الإجماع عليه .
واستُدلّ له : بصحيحة ابن سنان المتقدّمة، وبسائر الأخبار المطلقة المصرّحة بالإيماء للركوع والسّجود .
وبالمقابل ذهب الشيخ - رحمه الله - في النهاية وجماعة ممَّن تأخّر عنه إلى أنّ الإمام - عليه السلام - يُومِئ، وأمَّا مَنْ خلفه فيركعون ويسجدون وهو الصحيح، وذلك لعدم صلاحيّة شيء ممَّا ذكر دليلاً في المقام .
أمَّا الإجماع : فقد عرفت أنّ المنقول منه بخبر الواحد غير حجّة .
وأمَّا صحيحة ابن سنان : فلا إشعار فيها بالإيماء، لا للإمام، ولا للمأموم، فضلاً عن الدّلالة، وإنّما مفادها نفي شرطيّة القيام، وكون صلاتهم عن جلوس فقط .
وأمَّا سائر الأخبار المطلقة المصرّحة بالإيماء للركوع والسّجود، فهي مقيّدة بموثّقة إسحاق بن عمّار المتقدِّمة، والتي هي نصفي الإيماء للإمام والركوع والسّجود للمأمومين .
وأمّا ما احتمله الفاضل الأصبهاني - رحمه الله - في كشف اللثام من أنّ يكون المراد بقوله : (وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم) الإيماء بوجوههم، بعيد جدًّا ؛ خصوصاً بعد الالتفات إلى ما في الرّواية من التفصيل بين الإمام والمأموم .
وأمّا ما ذكره المصنِّف - رحمه الله - في الذكرى من استبعاد أن يكون للمأمومِين خصوصيّة عن غيرهم من العراة، حيث قال فيها : (وبالجملة يلزم من العمل برواية إسحاق أحد أمرين إمَّا اختصاص المأمومين بهذا الحكم، وإمَّا وجوب الرّكوع والسّجود على كلّ عارٍ إذا أمن المطّلِع، والأمر الثاني لا سبيل إليه، والأمر الأوَّل بعيد) .
ففيه : أنَّه لا معنًى لهذا الاستبعاد مع وجود النصّ الصّريح فيما ذكرناه، وهو موثَّق إسحاق .
نعم، لو فرض صف ثان بعد الصف الأول كان فرض الأول بالإيماء كالإمام لوجود المطلع، قال في الذكرى : (لو احتاجوا إلى فين فالصف الأول كالإمام والصف الثاني يركعون ويسجدون، وكذا لو تعددت الصفوف ؛ نعم، لو كانوا في مكان مظلم أمكن وجوب الركوع والسجود على الجميع )، وهو جيد .
ولا ينافيه موثقة إسحاق المتقدمة، فإنها منزلة على الغالب .
وأما ذكره السَّيد أبو القاسم الخوئي - قدس سره - من عدم مشروعية مثل هذه الجماعة - أي : فيما إذا تعددت الصفوف، فكلهم يومئون ما عدا الصف الأخير - إذ كيف يسوغ لهم الإيماء مع التمكن من الركوع والسجود بوقوفهم أجمع في صف واحد، وإن استطال .
ثم استظهر عدم صحة جماعة العراة في أكثر من صف واحد .
ففيه : أنه لا معنى لهذه الكلام بعد دلالة النص، وهو موثق إسحاق المتقدم على ذلك .
ويؤيِّده : إطلاق الفتوى، والله العالم .
قوله : (لو كان فيهم مستور أَمَّهُم إذا كان بالشّرائط، ويستحبّ إعادة الثوب للعاري)
قال المصنِّف - رحمه الله - في الذكرى (لو جامعهم ذو ثوبٍ، وهو أهل للإمامة، أمَّهم متمّاً، وإلا صلى فيه واستحب إعارته غيره، لأنه تعاون على البر والتقوى، ولو أمكن إعارته الجميع فعل، ووجب عليه القبول، ويعره من يصلح للإمامة مع ضيق الوقت، ومع سعته ليس لهم الإتمام، مع إمكان استعارة الثوب ... )، وهو في محلّه لمطابقته للقاعدة .
قوله : (وتقديم المرأة، ثمّ الخنثى، ثمّ الأفضل بورع، أو علم)
قال المصنِّف - رحمه الله - في الذكرى (لو احتاج إلى شراء الثوب والماء، ومعه ثمن أحدهما، قدَّم الثوب لأنّ للماء بدلاً، وتختصّ المرأة بالثوب الموصى به لأولى النّاس به في موضع معين أو المنذور، وشبهه، لأنَّ عورته أفحش، ثمَّ الخنثى، ثمَّ الرّجل، ومع التساوي يمكن تقديم الصالح للإمامة منهم، ثمّ الأفضل بخصال دينه، ثمّ القرعة، ولو أمكن التناوب فعل، ويقدّم بالقرعة)، ولا يخفى أنّ ما ذكره وإن كان مستحسناً إلّا أنّه يحتاج إلى دليل وهو مفقود، ومن هنا لم يذكر هذا الفرع معظم الأعلام، والله العالم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo