< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / درس 29 في لباس المصلَّي /

قوله : (والأفضل للرجل : ستر بدنه، والعمامة، والسراويل، والرِّداء)
قال المصنِّف (رحمه الله) في الذكرى : (والأفضل للرجل ستر ما بين السرّة والركبة، وإدخالها في الستر، للخروج عن الخلاف، ولأنَّه مما يستحيى منه، وستر جميع البدن أفضل، فالرِّداء أكمل، والتعمّم والتَّسَرْوُل أتمّ، لِمَا روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إذا صلّى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإنَّ الله أحقّ أن يتزيّن له، ورُوي : ركعة بسراويل تعدل أربعاً بغيره [1]، وكذا روي في العمامة[2])، وهذه الرِّوايات ضعيفة بالإرسال، بل هي روايات عاميّة لم ترد من طرقنا .
وعليه، فلم يثبت استحباب العمامة للمصلّي في الخصوص .
نعم، ورد استحباب العمامة مطلقاً في أخبار كثيرة، وحال الصّلاة من جملة تلك الأحوال، ومن جملة الروايات الواردة في ذلك معتبرة السّكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : العمائم تيجان العرب)[3].
وورد في بعض الأخبار استحباب الصَّلاة في الثوب الساتر لجميع البدن من القميص والإزار، ونحوهما، ففي صحيحة محمّد بن مسلم (قال : رأيت أبا جعفر (عليه السلام) يصلّي في إزار واحد ليس بواسع قد عقده على عتقه، فقلت له : ما ترى للرجل يصلّي في قميص واحد ؟ فقال : إذا كان كثيفاً فلا بأس به)[4]، وفي صحيحة زرارة (قال : صلّى بنا أبو جعفر (عليه السلام) في ثوب واحد)[5]، ومن المعلوم أنّ الثوب يستر تمام البدن .
وأما بالنسبة للصَّلاة مع السراويل، فقد ورد ذلك في أخبار كثيرة :
منها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) (أنَّه سأل أخاه هل يصلّي بالقوم، وعليه سراويل، ورداء، قال : لا بأس به) [6].
وأمَّا الرِّوايات الواردة في الرداء فكثيرة، لا سيِّما ما ورد منه بكيفيّة خاصّة، كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - .

قوله : (والحنك) .
اِعلم أنّه لا يوجد نصّ على استحباب التحنّك في حال الصّلاة .
نعم، ورد استحبابه عند لباس العمامة مطلقاً .

قوله : (وتحري الأبيض) .
لم أعثر على نصّ بالخصوص في حال الصَّلاة .
نعم، هناك ستّة روايات واردة في استحباب لبس البياض، كلّها ضعيفة، إلّا رواية واحدة، وهي موثّقة عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) البسوا البياض، فإنّه أطيب، وأطهر، وكفَّنوا فيه موتاكم) [7]، وهي بإطلاقها تشمل حال الصَّلاة، والله العالم .

قوله : (ويُكره للرجل الأسود والأحمر والمزعفر والمعصفر، إلَّا العمامة السَّوداء) .
المعروف بين الأعلام كراهة الصَّلاة في الثياب السُّود ما عدا العمامة، والخفّ، والكساء : وهو ثوب من صوف ومنه العباءة - كذا نقل عن الجوهري - وقدِ استُدل الأعلام بعدَّة أخبار :
منها : رواية أحمد بن محمّد رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : يُكره السَّواد إلّا في ثلاثة : الخفّ، والعمامة، والكساء)[8]، وهي ضعيفة بالرفع .
ومنها : رواية أحمد بن أبي عبد الله عن بعض أصحابه رفعه (قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكره السَّواد إلّا في ثلاثٍ : الخفّ، والعمامة، والكساء)[9]، وهي ضعيفة بطريق الكليني (رحمه الله) بالإرسال وبالرفع، ورواها الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال، ورواها أيضاً في العِلَل والخِصال، ولكنَّها ضعيفة أيضاً بالرفع .
ومنها : مرسلة الكليني (قال : ورُوي لا تصلّ في ثوبٍ أسود، فأمَّا الخفّ، أو الكساء، أو العمامة، فلا بأس)[10]، وهي ضعيفة بالإرسال .
ومنها : مرسلة الفقيه (قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) - فيما علَّم أصحابَه - : لا تلبسِ السَّوادَ، فإنَّه لباسُ فرعونَ)[11]، وهي ضعيفة بالإرسال، ورواها في العِلل والخِصال بطريق ضعيف بالقاسم بن يحيى وجدِّه الحسن بن راشد، فإنّهما غير موثَّقين .
ووجه الاستدلال بهذه الروايات، وبغيرها - ممَّا سيأتي إن شاء الله تعالى - : أنَّ كراهة لبس السَّواد مطلقاً تستلزم كراهته حال الصَّلاة، إذ إطلاق الكراهة يقتضي الشَّمولَ لحال الصَّلاة .
نعم، مرسلة الكليني موردها الصَّلاة، كما لا يخفى، فهي واضحة من هذه الجهة .
ويمكن الاستدلال لكراهة الصَّلاة في الثياب السُّود : بمفهوم التعليل الوارد في القَلَنْسَوة، حيث روى الكليني (رحمه الله) عن محسن بن أحمد عمَّن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : قلت له : أصلّي في القَلَنْسَوة السَّوداء ؟ فقال : لا تصلِّ فيها، فإنَّها لباس أهل النّار)[12]، ولكنَّها ضعيفة بسهل بن زياد، وبجهالة محسن بن أحمد، وبالإرسال، ورواها الشيخ في الفقيه مرسلة، وفي العِلل بسند ضعيف بسهل بن زياد، وبالإرسال، وباشتراك محمّد بن سليمان بين عدّة أشخاص، فيهم الضعيف والمجهول .
ومع قطع النظر عن ضعف السند فإنَّها تدلّ على كراهة كلّ ما هو من لباس أهل النّار، ومن جملته الثياب السُّود، كما يشهد له رواية حذيفة بن منصور (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالحيرة، فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه، فدعى بمِمْطَر*، أحد وجيه أسود، والآخر أبيض فلبسه، ثمَّ قال (عليه السلام) : أمَا أنِّي ألبسه، وأنا أعلم أنَّه لباس أهل النَّار)[13]، ولكنَّها ضعيفة بمحمّد بن سنان الواقع في طريق الشيخ الصدوق (رحمه الله) إلى حذيفة، ورواها في العِلل، ولكنّها ضعيفة أيضاً بابن سنان، كما أنّها ضعيفة



BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo