< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / استحباب قضاء النوافل /
قوله : (الوليّ هو الولد الأكبر، ظاهر الرِّوايات أنَّه الأقرب مطلقاً، وهو الأحوط)
المشهور بين الأعلام أنَّ الوليّ هو أكبر أولاده الذكور، قال المصنِّف (رحمه الله) في الذكرى :(وصرَّح الأكثر بأنَّه الولد الأكبر، وكأنَّهم جعلوه بإزاء حَبْوَته، لأنَّهم قرنوا بينها وبينه، والأخبار خالية عن التخصيص، كما أطلقه ابن الجنيد، وابن زهرة، ولم نجدْ في أخبار الحَبْوَة ذكر الصَّلاة، نعم ذكرها المصنِّفون، ولا بأس به اقتصاراً على المتيقَّن، وإن كان القول بعموم كلّ وليّ ذكر أولى حسبما تضمنته الرِّوايات) [1].
أقول : لم يرد في النصوص خصوص الولد الذكر الأكبر، وإنَّما الموجود :(أولى الناس بميراثه) كما في حسنة حفص[2] المتقدِّمة، و©أولى النَّاس به) كما في مرسلة حماد[3]، و©أفضل أهل بيته) كما في موثّقة أبي بصير[4]، و©على وليّه أن يقضي عنه) كما في مرسلة ابن بكير[5]، و©فليقضِ عنه مَنْ شاء من أهله) كما في مرسلة الفقيه[6]، ولا يخفى أنَّه لا يدلّ شيء من ذلك على خصوص الولد الذكر الأكبر .
والعمدة في المقام حسنة حفص، وموثَّقة أبي بصير، إذ باقي الرِّوايات ضعيفة السند بالإرسال، مضافاً إلى أنَّ بعضها لم تفسِّر المراد بالوليّ، كما في مرسلة ابن بكير إذ الوارد فيها عنوان الوليّ، وبعضها الآخر : كلّ من يصدق عليه الأهل، كما في مرسلة الفقيه .
وأمَّا موثقة أبي بصير فهي مجملة، إذ لم يعلم المراد من الأفضليّة، فهل المراد منها الأفضليّة من حيث العلم، أو الأفضليَّة من حيث الاحترام والتقدير، أو الأفضليّة من حيث الغنى، أو الأفضليَّة من حيث الميراث .
ولم يبقَ إلَّا حسنة حفص، والظاهر أنّ المراد من (أولى النَّاس بميراثه) هو الأحقّ بالميراث من النّاس، فيعمّ جميع الطبقة الأولى، غير الإناث، مع فقدها يعمّ جميع الطبقة الثانية غير الإناث أيضاً، وهكذا بالنسبة إلى بقيّة الطبقات، وإنّما قلنا : غير الإناث، لتصريح الحسنة بذلك (قلتُ : فإن كان أولى النَّاس به امرأة ؟ قال : لا، إلّا الرّجال ) .
إن قلت : إنَّ أولى النّاس به ميراثاً هو الولد الأكبر الذكر، حيث إنَّ نصيبه من التركة أكثر من غيره، لمكان الحبوة، حيث إنَّه مختصّ بها، بل ظاهر الأصحاب في كتاب الميراث تعليل الحِبَاء بأنَّ عليه القضاء، وقدِ اعترف المصنِّف (رحمه الله) في الذكرى :(بأنَّ الأكثر قرنوا بين الحَبْوَة وبين قضاء الصَّلاة) .
وفيه : أنَّ المراد من أولى الناس به ميراثا، أولى به في أصل التوارث، لا من حيث الأكثريَّة، هذا أوّلاً.
وثانياً : أنَّه قد يكون نصيب الأب أكثر من الولد، كما إذا توفي شخص وعنده أبوان وزوجة، وعدَّة أولاد فوق الخمسة، فإن نصيب الأب الذي هو السُّدس أكثر من نصيب الولد الذكر الأكبر، وهذا ليس أمراً نادراً .
وممَّا يؤيِّدأنَّه ليس المراد من أولى الناس به ميراثاً هو الولد الذكر الأكثر : أنَّ السائل - وهو حفص - لم يفهمْ هذا الأمرَ من كلام الإمام (عليه السلام)، حيث قال :(قلتُ : فإنْ كانَ أَوْلَى النَّاس بهِ امرأة، قال (عليه السلام) لا، إلَّا الرِّجال)، إذ لو فهم الرَّاوي كون المراد منه الولد الذكر لم يكن مورد للسِّؤال المذكور .
وأمَّا الاستدلال لكون المراد من أولى النَّاس به ميراثاً هو الولد الذكر الأكبر بصحيحة الصفَّار(قال : كتبت إلى الأخير (عليه السلام) رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام، وله وليَّان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً خمسة أيام أحد الوليّين، وخمسة أيام الأخر، فوقع (عليه السلام) : يقضي عنه أكبر وليّيه عشرة أيام ولاءً، إن شاء الله)[7]، ففي غير محلِّه، لمخالفتها المتّفق عليه بين الأعلام، وذلك من جهتَيْن :
الأولى : أنَّ السُّؤال فيها من حيث جواز قضاء كلّ من الوليّين، لا الوجوب، وقد دلّت على عدم الجواز والمشروعيّة في حقّ غير الأكبر، وهذا ممّا لم يقل به أحد من النّاس .
الثانية : دلَّت على اشتراط الموالاة في القضاء، وهذا أيضاً ممَّا لم يلتزم به أحد، فلأجل ذلك يردّ علم هذه الصَّحيحة إلى أهلها، ولا تكون صالحة لتعيين المراد من أولى النَّاس به ميراثاً .
والخلاصة إلى هنا : أنَّ الأقوى أنَّ المراد من الولي هو جميع الطبقة الأولى غير الإناث، ومع فقدها جميع الطبقة الثانية غير الإناث، وهكذا بالنسبة إلى بقيّة الطبقات، وفاقاً لصاحبي المدارك والحدائق (رحمهما الله)، وقد عرفت الوجه في استثناء الإناث، وهو ذَيْل حسنة حفص .
ولكنَّ الغريب أنَّ المصنِّف (رحمه الله) هنا في باب الصَّوم قال :(ثمَّ الولي عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير، وعند المفيد لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذّكور، فإن فقدوا فالنّساء وهو ظاهر القدماء والأخبار والمختار) .
وقال الشهيد الثاني (رحمه الله) في الرّوضة :(وقيل يجب على الولي مطلقاً من مراتب الإرث حتّى الزّوجين، والمعتق، وضامن الجريرة، ويقدّم الأكبر من ذكورهم، فالأكبر، ثمّ الإناث، واختاره في الدروس ... ) [8].
وفيه : ما عرفته، والله العالم .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo