الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/07/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ حكم الصلاة مع النجاسة وأحكام الآنية
قال المصنف: ( ولا بأس بقبيعة السيف ، ونعله ، من الفضة ، وضَبَّة الإناء ، وحلقة القصعة ، وتحلية المرآة بها ، وروي جواز تحلية السيف والمصحف بالذهب والفضة )
المعروف بين الأعلام قديماً وحديثاً ، وفي جميع الأعصار والأمصار أنَّه يجوز اتِّخاذ غير الأواني من الذهب والفضَّة ، مثل تلك الأمور التي ذكرها المصنف ، وكذا غيرها .
ويدلّ عليه مضافاً إلى الأصل - إذ المحرَّم هو ما صدق عليه الآنية منهما ، فكلّ ما لا ينطبق عليه عنوان الآنية منهما يبقى على الحليَّة الأصليَّة - عدَّة من الروايات الواردة في موارد خاصَّة :
منها: خبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله ع قال: ( سألته عن التعويذ يعلَّق على الحائض ، فقال : نعم ، إذا كان في جلدٍ ، أو فضةٍ ، أو قصبة حديد )
[1]
ولكنَّه ضعيف بـ محمَّد بن إسماعيل البندقي النيشابوري ، فإنَّه مجهول الحال .
ومنها: خبر يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاء قَالَ: ( سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع يَقُولُ: دِرْعُ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) ذَاتُ الْفُضُولِ لَهَا حَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُقَدَّمِهَا ، وحَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُؤَخَّرِهَا ، وقَالَ : لَبِسَهَا عَلِيٌّ ع يَوْمَ الْجَمَلِ )
[2]
ولكنَّه ضعيف أيضاً بعُبَيد الله الدهقان ، واشتراك محمَّد بن زياد بين عدَّة أشخاص ، فيهم الضعيف ، وغيره .
ومنها: ما تقدَّم من صحيحة معاوية بن وهب قال: ( سُئِل أبو عبد الله ع عن الشرب في القدح فيه ضَبَّة من فضَّة ، قال : لا بأس ، إلَّا أن يكره الفضَّة فينزعها )
[3]
ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع قال: ( سألته عن المرآة هل يصلح إمساكها إذا كان لها حلقةُ فضَّة ، قال : نعم ، إنَّما يُكرَه استعمال ما يُشرب به ... )
[4]
ومنها: موثَّقة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ: ( كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) وقَائِمَتُه فِضَّةً ، وبَيْنَ ذَلِكَ حَلَقٌ مِنْ فِضَّةٍ ، ولَبِسْتُ دِرْعَ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) ، وكُنْتُ أَصحَبُهَا ، وفِيهَا ثَلَاثُ حَلَقَاتِ فِضَّةٍ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا ، وثِنْتَانِ مِنْ خَلْفِهَا )
[6]
ومنها: خبر داود بن سرحان عن أبي عبد الله ع قال: ( ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضة بأس )
[7]
وهو ضعيف بـ سهل بن زياد .
ومنها: خبر حاتم بن إسماعيل عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع ( أَنَّ حِلْيَةَ سَيْفِ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) كَانَتْ فِضَّةً كُلُّهَا ، قَائِمَتُه ، وقِبَاعُه )
[8]
وهو ضعيف أيضاً بحاتم بن إسماعيل ، ومعلَّى بن محمَّد ، فإنَّهما غير موثَّقين ، ولكن بالمقابل هناك بعض الأخبار ، وقد يستفاد منها الحرمة :
منها: خبر الفُضَيل بن يسار المتقدِّم قال: ( سألت أبا عبد الله ع عن السرير ، فيه الذهب ، أيصلح إمساكه في البيت ، فقال : إن كان ذهباً فلا ، وإن كان ماءَ الذهب فلا بأس )
[9]
وهو ضعيف بـ محمَّد بن سنان ، مضافاً لِمَا ذكرناه سابقاً ، من أنَّه لا إشكال في إمساك الذهب ، واقتنائه ، ولم يخالف في ذلك أحد .
ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر عن عَنْ أَخِيه أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: ( سَأَلْتُه عَنِ السَّرْجِ واللِّجَامِ ، فِيه الْفِضَّةُ ، أيُرْكَبُ بِه ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ مُمَوَّهاً لَا يُقْدَرُ عَلَى نَزْعِه ، فَلَا بَأْسَ ، وإِلَّا فَلَا يَرْكَبْ بِه )
[10]
ومنها: صحيحة ابْنِ بَزِيعٍ المتقدمة قَالَ: ( سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ ، فَكَرِهَهُمَا ، فَقُلْتُ : قَدْ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا : أَنَّه كَانَ لأَبِي الْحَسَنِ ع مِرْآةٌ مُلَبَّسَةٌ فِضَّةً ، فَقَالَ: لَا - والْحَمْدُ لِلَّه - إِنَّمَا كَانَتْ لَهَا حَلْقَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، وهِيَ عِنْدِي ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبَّاسَ حِينَ عُذِرَ عُمِلَ لَه قَضِيبٌ مُلَبَّسٌ مِنْ فِضَّةٍ ، مِنْ نَحْوِ مَا يُعْمَلُ لِلصِّبْيَانِ ، تَكُونُ فِضَّة نَحْواً مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ، فَأَمَرَ بِه أَبُو الْحَسَنِ فَكُسِرَ )
[11]
ومنها: رواية عَمْرو بن أبي المِقدام المتقدِّم ( رأيت أبا عبد الله ع أتى بقدح ، فيه ماء ، فيه ضَبَّة من فضة ، فرأيته ينزعها بأسنانه )
[12]
وهو ضعيف ، بعدم وثاقة عَمْرو بن أبي المقدام ، مضافاً إلى أنَّه حكاية فِعْلٍ لم يُعرَف وجهه .
هذا ، وقد جمع صاحب الحدائق بين الأخبار بحمل هذه الأخبار على الكراهة في الآلات ، وإن تفاوتت شدَّة ، وضعفاً ، في مواردها .
أقول:
اِعلم أَوَّلا: أنَّه وقع التسالم بين الأعلام على عدم الحرمة .
وثانياً: أنَّه لا بأس بما ذكره صاحب الحدائق ¬ ، لأنَّه مقتضى الجمع العرفي بين الأخبار ، إلَّا أنَّه لا يمكن إطلاق القول بالكراهة ، فإنَّ بعض النصوص المتقدِّمة الواردة في الترخيص آبية عن الحمل على الكراهة ، كالروايات الواردة في سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرعه .
ومن هنا يمكن القول: بثبوت الكراهة في عدا السيف ، والله العالم .
[1] - الوسائل باب 67 من أبواب النجاسات ح2
[2] - الوسائل باب 67 من أبواب النجاسات ح4
[3] - الوسائل باب 66 من أبواب النجاسات ح4
[4] - الوسائل باب 66 من أبواب النجاسات ح5و6
[5] - الوسائل باب 64 من أبواب النجاسات ح1
[6] - الوسائل باب 64 من أبواب النجاسات ح2
[7] - الوسائل باب 64 من أبواب النجاسات ح3
[8] - الوسائل باب 64 من أبواب النجاسات ح4
[9] - الوسائل باب 67 من أبواب النجاسات ح1
[10] - الوسائل باب 64 من أبواب النجاسات ح6
[11] - الوسائل باب 65 من أبواب النجاسات ح1
[12] - الوسائل باب 66 من أبواب النجاسات ح6