الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/07/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ حكم الصلاة مع النجاسة وأحكام الآنية
ومهما يكن ، فإنَّه لا دليل على وجوب إخراج الدم المحتقن تحت الجلد ، ولا يندرج في المحمول النجس ، حتَّى لو قلنا : بعدم صحَّة حمل النجس في الصَّلاة ، بل الظاهر أنَّه ملتحق بالباطن ، وصار جزءًا من دمه .
وأمَّا بالنسبة لِمَن شَرِب الخمر ، أو النجس: فقد يُستدلّ لِمَن ذهب إلى وجوب قَيئِه ، بأنَّه كما يحرم شربهما ابتداءً ، كذلك يحرم استدامة .
وفيه: أنَّه ملتحق بالباطن ، فصار من توابعه ، كنجاساته ، وهو الأقوى .
وقد يستدلُّ لوجوب قيئه: بخبر عبد الحميد بن سعيد ( قال: بعث أبو الحسن ع غلاما يشتري له بيضا فأخذ الغلام بيضة أو بيضتين فقامر بهما فلما أتى به أكله فقال له مولى له: إن فيه من القمار ، قال : فدعا بطشت فتقيأ فقاءه )
[1]
وفيه
أوَّلًا: أنَّه ضعيف السند ، بعدم وثاقة عبد الحميد بن سعيد .
وثانياً: لازمه أنَّ الإمام ع جاهل بالموضوعات ، وهو خلاف الإنصاف .
وبما وجَّهه بعضهم : بأنَّ الإمام ع يعلم إذا أراد ، وهنا لم يُرِد .
ومهما يكن ، فإنَّ بحثَ كيفيَّة علم الأئمة ع من العلوم الغامضة ، والأفضل عدم الخوص به هنا .
وثالثاً - مع قطع النظر عن كلِّ ما تقدَّم -: فيحتمل أن يكون قَيء الإمام ع للبيض إنَّما هو لئلَّا يصبح ما أصيب به القمار جزءًا من بدنه الشريف .
ثمَّ إنَّه لو سلَّمنا وجوب إخراج ما شربه من الخمر ، أو النجس ، فلو عصى ، وصلَّى ، فهل صلاته صحيحة .
ربما قيل: بالبطلان ، لأنه مأمور بالتقيُّؤ ، والأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدِّه ، فتكون الصَّلاة التي هي ضدّ خاصّ للتقيُّؤ منهيًّا عنها ، والنهي عن العبادة يقتضي البطلان .
وفيه: أنَّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده .
إن قلت: لا يوجد مصحِّح للصَّلاة حتَّى لو قلنا : بأنَّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده ، وذلك لعدم وجود الأمر بالصَّلاة في هذه الحال .
قلت: يمكن تصحيحها بالترتُّب ، بأن يكون الأمر بالصَّلاة مشروطاً بعصيان الأمر بالأهمِّ ، وهو وجوب التقيؤ ، فإذا عصى الأمر بالأهمِّ يصبح الأمر بالمهمِّ - وهو الصَّلاة - فعليًّا فيصلِّي بقصد هذا الأمر .
وأمَّا تصحيحها بقصد الملاك ، كما عن الميرزا النائيني ، فقد عرفت الإشكال عليه ، وتفصيله في محلِّه ، والله العالم .
قال المصنف: ( ويحرم اتِّخاذ الآنية من الذهب والفضة للاستعمال والتزيين على الأقوى ، للرجل والمرأة )
المعروف بين الأعلام: أنَّه لا يجوز الأكل والشرب من آنية الذهب والفضَّة ، وفي "الجواهر": ( إجماعا منَّا ، بل وعن كلِّ من يحفظ عنه العلم عدا داود ، فحرَّم الشرب خاصَّة ، محصَّلًا ، ومنقولًا مستفيضاً ، إن لم يكن متواتراً ، كالنصوص به من الطرفين ...)
والإنصاف: أنَّ دعوى الإجماع على حرمة الأكل والشرب من آنية الذهب والفضَّة مستفيضةً ، بل هناك تسالم بين جميع الأعلام التابعين لمذهب أهل البيت ﭺ ، وكثير من علماء العامة .
نعم ، قال الشيخ في الخلاف: ( يُكرَه استعمال آواني الذهب والفضَّة ) ، ولكنَّ الظاهر أنَّ مراده : التحريم ، بقرينة تصريحه بالتحريم في زكاة الخلاف .
وبالجملة ، فالمسألة مسلَّمة بين الأعلام ، ومع ذلك فهناك نصوص مستفيضة ، إن لم تكن متواترة من الطرفين
وممَّا ورد من طرق العامَّة: النبوي المعروف ( لا تشربوا في آنية الذهب والفضَّة ، ولا تأكلوا في صِحافها ، فإنَّها لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة )
[2]
والنبوي الآخر ( الذي يشرب في آنية الذهب والفضَّة إنَّما يحرم في بطنه نار جهنم )
[3]
وفيهما: من الضعف ما لا يخفى.
[1] - الوسائل باب35 من أبواب ما يكتسب به ح2
[2] - كنز العمال ح8/ ص16 رقم : 362
[3] - المستدرك باب40 من أبواب النجاسات ح4