< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ حكم الصلاة مع النجاسة وأحكام الآنية
 قال المصنف: ( ولو ضاق الوقت فالأقرب الصَّلاة فيما يحتمله الوقت ، والمشهور أنَّه يصلِّي عارياً ، وعلى ما قلناه : من التخيير هناك ، فهنا أولى )
 في "المدارك": ( لو ضاق الوقت عن الصَّلاة في الجميع صلَّى فيما يحتمله الوقت ، وإن كانت واحدة ، وله الخيرة في أيِّ الأثواب شاء ... )
 وممَّن ذهب إلى تكرير الصَّلاة فيه إلى أن يضيق الوقت العلَّامة في "التذكرة" و"النهاية" وجماعة من أفاضل العامليين ، كالمصنِّف في "الذكرى" و"البيان" ، والشهيد الثاني في "الروض" و"المسالك" ، والمحقِّق الكركي في "جامع المقاصد" و"صاحب المدارك" .
 وذهب إلى ذلك أيضاً الفاضل الأصبهاني في "كشفه" ، وصاحب الحدائق ، وغيرهم أيضاً ، ولكن بالمقابل ذهب جماعة إلى الصَّلاة عُرياناً ، كالمحقِّق الحِلِّي في "الشرائع" ، والعلَّامة في "قواعده" ، وابن البراج في "الجواهر" ، وغيرهم أيضاً .
 وعن بعض الأعلام أنَّه يُكتَفى بصلاة واحدة ، ولا يجب عليه التكرار إلى يضيق الوقت .
 والسر فيه: أنَّه لَمَّا تعذَّر تحصيل القطع بالموافقة يحكم العقل بوجوب الإتيان ببعض المحتملات فراراً من المحالفة القطعيَّة ، وهو يحصل بإيجاد فردٍ منها ، فلا مقتضى لوجوب الأزيد ، لأنَّ وجوب الإتيان بكلِّ فردٍ لم يكن إلَّا لكونه مقدِّمة علميَّة ، والمفروض تعذَّر تحصيل العلم ، فلا تجب مقدمته .
 وأمَّا مَن ذهب إلى وجوب الإتيان إلى أن يضيق الوقت ، فدليله أنَّ المقتضي لوجوب الإتيان بكلِّ فردٍ فردٍ من المحتملات ليس مجرد كونه مقدِّمة علميَّة ، حتَّى يسقط وجوبه بتعذُّر العلم ، بل المقتضي له احتمال حصول الواجب به .
 وعليه ، فيكرِّر الصَّلاة في الثياب المشتبهة إلى أن يقطع بسقوط التكليف لضيق الوقت مثلًا .
 والإنصاف - الذي لا محيص عنه -: هو أنَّه إذا ضاق الوقت عن الجميع ، بحيث لا يمكنه الموافقة القطعيَّة ، بإتيان الجميع ، سواء تمكَّن من الصَّلاة في أكثر من ثوب ، أم لم يمكنه إلَّا صلاة واحدة في الثوب ، فنقول : بناءً على وجوب الصَّلاة في النجس لو انحصر الساتر فيه فالأمر واضح حينئذٍ ، لأنَّه إذا بني على تقديم الموافقة القطعيَّة لوجوب التستر ، وإن لزم المخالفة القطعيَّة ، لمانعيَّة النجاسة ، فأولى أن يبنى على تقديمها إذا لزم المخالفة الاحتماليَّة ، كما في المقام لأنَّه إذا صلَّى في الثوب المشتبه فيحتمل كونه هو المتنجِّس ، ففيه مخالفة احتماليَّة فقط .
 وكذا على القول: بالتخيير ، فيما لو انحصر الساتر فيه ، كما اخترناه يمكنه أيضاً الصَّلاة في الثوب المشتبه .
 وإنَّما الكلام لو قلنا: بوجوب الصلاة عارياً في صورة الانحصار ، فهل يجب الصَّلاة هنا عارياً ، أم لا ؟ .
 والصحيح : عدم الوجوب ، لأنَّه في صورة الانحصار في الثوب النجس دلَّت الروايات على وجوب الصَّلاة عارياً ، وموردها غير المتمكِّن من الصَّلاةِ في الثوبِ الطاهرِ الانحصار الثوب في النجس .
 وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّه متمكِّن من الإتيان بالصَّلاة في الثوبِ الطاهر ، لطهارة أحد الثياب على الفرض ، غاية الأمر لا يتمكَّن من تشخيص أنَّ الصَّلاةَ الواقعةَ في الثوبِ الطاهرِ أيٌّ منها .
 وبالجملة ، فلا ربط بين المسألتَيْن .
 وعليه ، فقد ذهب جماعة من الأعلام ، منهم المحقِّق الهمداني ، والسيد محسن الحكيم إلى التخيير في المقام ، لأنَّ احتمالَ طهارة الثوب ، المقضية لوجوب الصلاة فيه ، معارَضٌ باحتمال نجاسته ، المقتضية للمنع ، فيدور الأمر بين المحذورَيْن .
 ومقتضى الأصل - عند الدوران بينهما -: هو التخيير .
 ولكنَّ الإنصاف - هنا بناءً على المنع من الصَّلاةِ في الثوبِ النجسِ في صورةِ الانحصار - : هو الصَّلاة في الثوب المشتبه ، وذلك لأنَّه في الصَّلاة عارياً يوجب القطع بكونها فاقدة لشرطها ، أي : هناك مخالفة قطعيَّة لوجوب التستُّر ، بخلاف الصَّلاة في أحد الثياب المشتبهة ، فإنَّ فيها احتمال اقترانها بالنجاسة ، ومع دوران الأمر بين الموافقة الاحتمالية في الصَّلاة ، في الثوب المشتبه ، والمخالفة القطعيَّة في الصَّلاة عارياً ، تقدَّم الأُولى ، وهي متقدِّمة على المخالفة القطعيَّة عقلًا ، لاستقلاله ، بعدم جواز المخالفة القطعيَّة ، مع التمكّن من الموافقةِ الاحتماليَّة ، والله العالم .
 قال المصنف: ( ولو عُدِم أحدُ الثوبَيْن المشتبهَيْن صلَّى في الباقي ، قيل : وعارياً )
 قال في "الذكرى": ( ولو فُقِد أحد المشتبهَيْن صلَّى في الآخر ، وعارياً ، وعلى القول : بجواز الصَّلاة في متيقِّن النجاسة ، يكفيه الصَّلاة في الباقي )
 وفي "المدارك": ( والأجود الاكتفاء بالصلاة في الباقي لجواز الصلاة في متيقن النجاسة ، ففي غيره أولى انتهى )
 أقول: قدِ اتضح حكمه ممَّا ذكرناه أخيراً ، من أنَّ الصَّلاة في الباقي فيه موافقة احتماليَّة ، والصَّلاة عارياً فيها مخالفة قطعيَّة ، والأُولى مقدَّمة عقلًا ، كما عرفت .
 قال المصنف: ( وقول ابن إدريس : بالصَّلاة مع الاشتباه عارياً ، مدخول )
 كما عرفت في أوَّل المسألة حيث ذكرنا الردَّ عليه ، فراجع .
 قال المصنف: ( ولو صلَّى حاملًا لحيوان طاهرٍ صحَّ )
 قال المصنِّف في "الذكرى": ( لو حَمَل المصلِّي حيًّا طاهراً غير مأكول - كالصبي - لم تفسد الصَّلاة ، للأصل ، والباطن معفو عنه ، ولحمل النبي (صلى الله عليه وآله) أُمَامَة بنت أبي العاص ، وهو يصلِّي ، وركب الحسين ع على ظهره ، وهو ساجد ) .
 أقول: منشأ الإشكال في هذه المسألة هو أن يصلِّي في حال حَمْله للصبي للنجاسة ، باعتبار وجود النجاسة في مَعِدَة الصبي .
 وفيه: ما تقدَّم ، وسيأتي من أنَّ مجرد حَمْل النجاسةِ في الصَّلاة لا يوجب بطلانها ، لعدم ما يدلّ على ذلك .
 ولا يصدق عليه الصَّلاة في النجس ، حتى يُقال : إنَّه مشمول لَمَا دلَّ على المنع من الصَّلاة في النجس ، فالحامل للنجاسة لا يقال له : إنَّه صلَّى في النجس .
 وقد ذكرنا سابقاً: أنَّه لا بدَّ أن يكون مشتملًا على النجاسة ، كأن يلبس الثوب المتنجِّس ونحوه ، أو الخاتم ، ونحوه ، حتَّى يصدق عليه الصَّلاة في النجس ، هذا أوَّلًا .
 وثانياً : أنَّ مَنْ حَمَل الحيوان الطاهر لا يقال له : إنَّه حامل للنجاسة ، باعتبار وجودها في مَعِدَة المحمول ، وإلَّا كان الحامل أيضاً حاملًا للنجاسة ، لوجودها في مَعِدَته ، كالمحمول .
 وأمَّا حديث حمل النبي (صلى الله عليه وآله) أُمامة وهو يصلِّي ، وكذا حديث ركوب الحسين ع ظهره وهو ساجد ، فهما من أخبار العامَّة ، ولم يردا من طرقنا ، وضعفهما واضح

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo