< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ المعفو عنه
 الأمر الثاني :
 قد يقال: إنَّ المتبادر - من الأمر بالغسل في اليوم مرَّة - هو الغسل قبل الصلاة مطلقاً ، فيغسل قبل صلاة الصبح ، ويكون غسلها شرحا لصحية الصلاة اليومية من أولها إلى آخرها ، وهي صلاة العشاء .
  وعليه ، فيكون الغسل من الشرط المتقدِّم .
 وقد يُقال: إنَّه من قبيل الشرط المتأخِّر ، باعتبار أنَّ الغسل ليس واجباً نفسيّاً ، وإنَّما وجب ، لكونه شرطاً لصلواتها .
 وعليه ، فيجوز لها التأخير ، بمقتضى إطلاق الدليل ، فيكون بالنسبة إلى الصلوات المتقدِّمة عليه من قبيل الشرط المتأخر ، فيكون غسلها بعد الصلاة شرطاً لصحة الصلاة الواقعة قبل الغسل .
 وقد يُقال: إنَّ مقتضى إطلاق الأمر بغسل ثوبها كلّ يوم مرَّة جواز الإتيان به لأيِّ فرض من فرائضها الخمس ، فليس هو من قبيل الشرط المتقدِّم بالنسبة لجميع الصلوات الواقعة في اليوم ، ولا من قبيل الشرط المتأخِّر بالنسبة للصلوات المتقدِّمة عليه .
 وقد صرَّح جماعة منَّا لأصحاب بأنَّ الأفضل أن تجعل غسل الثوب آخر النهار لتوقُّع الصلوات الأربع على طهارة .
 قال العلَّامة في "التذكرة" - بعد أن ذكر أفضلية التأخير ( في وجوبه إشكال ، ينشأ من الإطلاق ، ومن أولويَّة طهارات أربع على طهارة واحدة )
 أقول:
 أمَّا بالنسبة للشرط المتأخر - بحيث يكون الغسل المتأخِّر شرطاً لصحة الصلوات المتقدِّمة -: فقد ذكرنا في علم الأصول استحالة الشرط المتأخِّر ، إذ لازمه كون الحكم فعليًّا قبل فعليَّة موضوعه ، وهو مستحيل ، لكونِ الحكم بالنسبة إلى موضوعه بالمعلول بالنسبة إلى العلَّة .
 أضف إلى ذلك: أنَّه لو أمكن الشرط المتأخِّر إلَّا أنَّه خلاف المتعارف ، فيحتاج إلى قرينة عليه ، والإطلاق نفيها .
 وأمَّا الشرط المتقدِّم: فهو ، وإن كان بمكان من الإمكان ، إلَّا أنَّ بعضهم ذكر أنَّه خلاف إطلاق الرواية .
  قال السيد الخوئي: ( فإنَّ الرواية ناظرة إلى أدلَّة اشتراط الطهارة في الصلاة ، وقد دلَّت على إلغاء اشتراطها عن صلوات المربيَّة الآمرة في كلِّ يوم ، ولا مقتضى لتقييد ذلك بما قبل صلاة الفجر ، لأنَّه على خلاف إطلاق الرواية ، ولا مقيِّد لها ، على أنَّ الغسل لو كان مقيَّدًا بذلك لكان المناسب أن يقول : تغسل قميصها عند طلوع الفجر ، أو قبل صلاته ....) .
 أقول: قد عرفت أنَّ الروابة ضعيفة السند ، وعمل المشهور لا يجبر ضعفها وعليه ، بما أنَّ الدليل لبِّي ، وهو التسالم ، فيقتصر فيه على القدر المتيقَّن ، وهو وجوب تقديم الغسل على صلاة الصبح ، لأنَّ القاعدة تقتضي شرطية الطهارة للجميع ، وذلك لا يكون إلَّا بتقديم الغسل على صلاة الصبح .
 بقي في المقام شيء:
 وهو أنَّ الغسل : هل هو شرط - بحيث تترتب عليه الطهارة في الجملة ، سواء أبقيت الطهارة إلى حال الصلاة - أم لا ، بحيث يكفي مجرد الغسل ، وإن تنجَّس ثوبها قبل الصلاة ؟ .
 مقتضى القاعدة: هو وجوب كون الصلاة مع الطهارة ، لأنَّها شرط في الصلاة ، فإذا أمكنها إيقاع الصلاة معها تعيَّن ذلك .
 ومن هنا ، لو علمت من عادتها بأنَّها لو غسلته في سعة الوقت ، وطرأ عليه النجاسة قبل فعل الصلاة ، لا يبعد القول : بوجوب التأخير إلى حين فعل الصلاة ، فإنَّ هذا هو المفهوم من شرطيَّة طهارة الثوب ، فإذا قيل : اِغسل ثوبك للصلاة ، فُهِم منه اشتراط الطهارة حال الصلاة .
  وعليه ، فالقول : بأنَّ المراد منه مجرد حصول طهارة الثوب في الجملة ، وإن تنجَّس قبل الصلاة ، في غير محلِّه ، والله العالم .
 قال المصنف: ( ويلحق به الصبيَّة )
 ذكر جماعة من الأعلام أنَّ الصبيَّة ملحقة بالصبي في الحكم المذكور ، منهم جماعة من العامليين ، كالشهيدَين وصاحب المدارك (رحمهم الله) .
 ولكنَّ المصنِّف في "البيان" صرَّح بالصبي خاصَّة ، وكذا المحقِّق في "المعتبر" ، والعلَّامة في جملة من كتبه .
 والإنصاف: أنَّه لو صحَّ العمل بالخبر لكان شاملًا للصبيَّة ، لأنَّ المولود المذكور في الخبر يشمل كلَّا منهما ، وانصرافه إلى خصوص الصبي بلا بينة ، إلَّا أنَّه لمَّا كان الخبر ضعيف السند فالإنصاف حينئذٍ الاقتصار على القدر المتيقَّن ، وهو الصبي .
 قال المصنف: (والمربي )
 ألحق جماعة من الأعلام : المربِّي ، والمربِّية ، منهم المصنِّف والشهيد الثاني والعلَّامة (رحمهم الله) ، وأنكره جماعة كثيرة .
 وقد يُستدلُّ للإلحاق: بالاشتراك في العلَّة ، وهو وجود المشقَّة فيهما .
 وفيه: أنَّ هذه العلَّة مستنبطة ، وليست منصوصة ، فلا تفيد إلَّا الظنّ ، وهو لا يغني من الحق شيئاً .
  واستدلَّ بعضهم: بقاعدة الاشتراك في الأحكام بين الرجال والنساء .
 وفيه: أنَّ قاعدة الاشتراك إنَّما تصحُّ فيما لو كان الخطاب متوجِّهاً إلى مطلق الذكور ، مع عدمِ احتمال خصوصية تختصّ بهم ، فيشترك معهم حينئذٍ .
  وأمَّا لو كان الخطاب موجَّهاً إلى صنف خاص من الذكور ، أو كان موجَّها إلى النساء ، لم تثبت حينئذٍ قاعدة الاشتراك .
  ومن هنا ، تجد أحكاماً مختصَّة بالنساء ، ولا يشاركهن الرجال ، كما أنَّ هناك أحكاماً كثيرة مختصَّة بالرجال .
  والإنصاف : هو الاقتصار على القدر المتيقَّن ، وهو المربية ، لا سيَّما أنَّ النصّ مختصّ فيها ، ولكنَّه ضعيف

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo