< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ المعفو عنه
 أقول: قدِ استُدل لعدم العفوِّ في دم نجس العين بثلاثة أدلَّة:
 الأوَّل: أنَّ دم نجس العين تنجس بنجاسة عرضيَّة ، غير معفو عنها ، وهي ملاقاته لجسده .
 وفيه
 أوَّلًا: أنَّ النجاسة لا تتنجّس بنجاسة عرضيَّة وعليه ، فالقول بتضاعف النجاسة: في غير محلِّه .
 وثانياً - مع قطع النظر عن ذلك -: أنَّ دم نجس العين مثله مثل باقي أجزاء نجس العين ، من حيث الجهة المقتضية لنجاسته ، وهي كونه جزءًا من الكلب مثلًا .
 وعليه ، فالأجزاء من حيث النجاسة متماثلة ، ولا يعقل أن ينفعل أحد المتماثلَيْن بملاقاة الآخر .
 وبالجملة: فإنَّ ملاقاة دم الكلب لجسده ليس إلَّا كملاقاة الدم القليل الذي أصاب الثوب للدم الكثير الذي انفصل عنه .
 الثاني: ما ذكره جماعة من الأعلام ، من أنَّ دم نجس العين ينطبق عليه عنوانان من النجاسة :
 أحدهما: كونه جزءًا من نجس العين ، كسائر أجزائه .
 والآخر: كونه دماً ، وأخبار العفوّ إنما دلت على العفوِّ عنه ، من حيث كونه دماً ، لا من حيث كونه جزءًا من كلب ، أو كافر ، فيرجع من هذه الجهة إلى وجوب الإزالة .
 ومثله ما لو كان الدمُ دمَ لا يؤكل لحمه ، فإنَّه لا يُعفى عنه من هذه الجهة ، لأنَّ أدلَّة العفوِّ إنَّما دلَّت على العفوِّ عنه من حيث كونه دماً ، ولم تدلّ على العفوّ عن مانعيَّة ما لا يؤكل لحمه .
 ذهب إلى ذلك : جماعة من الأعلام ، منهم السيد محسن الحكيم في "المستمسك" ، والسيد أبو القاسم الخوئي في "التنقيح" .
 والإنصاف: أنَّ أخبار العفوِّ مسوقة لبيان حكم أفراد الدم مطلقاً ، وكونه دم كلب ، أو خنزير ، أو كافر ، ككونه دم رجل ، أو امرأة ، أو فرس ، أو حمار ، ونحو ذلك ، فهذه الأمور تضمحل بنظر العرف ، ولا تعدو عن كونها من مشخّصات الفرد ، فلا تضرّ بالإطلاق .
 الثالث: ما ذكره صاحب الحدائق قال: ( وأمَّا دم الكافر ، وأخوَيْه ، فالظاهر أنَّه لا عموم في الأخبار المتقدِّمة على وجه يشمله ، إذ لا يخفى أنَّ المتبادر من الدم فيها إنَّما هو الأفراد الشائعة المتكاثرة المعتادة المتكرِّرة الوقوع ، كما صرَّحوا به في غير مقام ، من أنَّ إطلاق الأخبار إنَّما ينصرف إلى الأفراد المتكثِّرة الوقوع ، دون الفروض النادرة التي ربَّما لا تقع مدَّة العمر ، ولو مرَّة واحدة ، فالواجب هو الحمل على الأفراد المتعارفة من دم الإنسان ، أو الحيوانات التي يتعارف ذبحها ، أو نحو ذلك ، وحينئذٍ يبقى على وجوب الإزالة ، وعدم الدخول تحت عموم أخبار العفوِّ ... ).
 وفيه: أنَّ ندرة الابتلاء لا توجب الانصراف ، وإلَّا فقد يكون بعض الدماء - فرض الابتلاء به - أبعد بمراتب من دم نجس العين ، ومع ذلك لا يشكّ أحد في استفادة حكمه من هذه الأخبار ، كدم الضأن والمعز الجبليَيْن ، وغيرهما من الحيوانات الوحشية والطيور التي يحلّ أكلها .
 والخلاصة: أنَّ دم نجس العين مثله مثل باقي الدماء المعفوِّ عنها في الصلاة إذا كانت أقل من مقدار الدرهم ، والله العالم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo