< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/05/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ المعفو عنه
 كان الكلام في اشكال المحقق الهمداني على دلالة حسنة الجعفي بالمفهوم وقلنا أن الإنصاف: أنَّه لا موجب للقول ، بعدم المفهوم لكلٍّ من الشرطيتَيْن ، بعد أن كان شرط المفهوم من كلٍّ منهما موجوداً ، كما أنَّه لا موجب لترجيح مفهوم الشرطيَّة الأُولى على الثانية ، بحيث تُحمَل الثانية على كونها تصريحاً بمفهوم الأُولى .
 بل الإنصاف: أنَّ المفهومَيْن متعارضان ، ومقتضى القاعدة هو التساقط ، فلا يصحّ الاستدلال بها لكلٍّ من القولَيْن .
 ومنها: حسنة بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: ( قُلْتُ لَه : الدَّمُ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ عَلَيَّ ، وأَنَا فِي الصَّلَاةِ ، قَالَ : إِنْ رَأَيْتَه ، وعَلَيْكَ ثَوْبٌ غَيْرُه ، فَاطْرَحْه ، وصَلِّ ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ غَيْرُه فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ ، ولَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ ، ومَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ رَأَيْتَه قَبْلُ أَوْ لَمْ تَرَه ، وإِذَا كُنْتَ قَدْ رَأَيْتَه - وهُوَ أَكْثَرُ مِنْ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ ، فَضَيَّعْتَ غَسْلَه ، وصَلَّيْتَ فِيه صَلَاةً كَثِيرَةً - فَأَعِدْ مَا صَلَّيْتَ فِيه ) [1]
 ورواها الشيخ الصدوق بإسناده عن محمَّد بن مسلم عن أبي جعفر ع ، والرواية حسنة ، لأنَّ مضمرات ابن مسلم مقبولة .
 وذكر صاحب المدارك: ( أنَّه يُستفاد من كتب المتقدمين أنَّ الإضمار في مثل هذه الأحاديث إنَّما حصل من قطع الأخبار بعضها من بعض ، فإنَّ الراوي كان يصرح باسم الإمام ع الذي روى عنه في أوَّل الروايات ، ثمَّ يقول : وسألته عن كذا ، وسألته عن كذا ... إلى أن يستوفي الروايات التي رواها عن ذلك الإمام ع ، فلمَّا حصل القطع تُوهِّم الإضمار ، فينبغي التنبيه لذلك ... ) ، وهو جيِّد جدّاً .
 لا يقال: لا معنى لهذا النزاع ، لأنَّ الشيخ الصدوق رواها مسندة عن الإمام الباقر ع .
 فإنَّه يُقال: كما نبّهنا على ذلك في بعض المناسبات أنَّ إسناد الشيخ الصدوق إلى محمَّد بن مسلم ضعيف ، إذ في الطريق علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه ، وهما غير مذكورين .
 ومهما يكن ، فإنَّ هذه الحسنة تدلّ على العفو عن مقدار الدرهم .
 وفيه: أنَّه يمكن حمل قوله ع : " ما لم يزد على مقدار الدرهم " على إرادة الدرهم فيما زاد ، نحو قوله تعالى : {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} ، أي : اثنتين فما فوق .
 وهذا التعبير شائع في الأخبار ، فقد ورد في صلاة المسافر ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال: ( سألته عن حدّ المكاري الذي يصوم ، ويتمّ ، قال : أيُّما مكارٍ أقام في منزله ، أو في البلد الذي يدخله ، أقلّ من مقام عشرة أيام ، وجب عليه الصيام ، والتمام أبداً ، وإن كان مقامه في منزله ، أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام ، فعليه التقصير والإفطار ) [2]
 
 فالمعنى في قوله (صلى الله عليه وآله): " أكثر من عشرة أيام "، أي : عشرة أيام فأكثر ، فإنَّ حكم العشرة التي هي الحدّ الشرعي في وجوب القصر غير مذكور ، وما ذاك إلَّا أنَّه من حيث ندرة الاقتصار على العشرة من غير زيادة ، ولا نقصان ، فأدرجها في جانب الأكثر ، وكذلك الحال في مقامنا ، فإنَّه لمَّا كان فرض الدرهم نادر الوقوع ، بل الغالب : إمَّا الزيادة عليه ، أو النقيصة عنه ، عبَّر عن الدرهم فصاعداً بما زاد على الدرهم ، وحينئذٍ يكون مرجع الإشارة - في قوله ع : " وما كان أقل من ذلك فليس بشيء " - : إلى الدرهم ، لا الزيادة .
  ثمَّ لا يخفى أنَّ رواية يونس ضعيفة بالإرسال ، وبجهالة إسماعيل بن مراد .
 


[1] - الوسائل باب20 من أبواب النجاسات ح6
[2] - الوسائل باب20 من أبواب النجاسة ح8

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo