الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الانتقال
الخامسة: أن يُقطع بإضافته إلى الإنسان ، ويُشكّ في إضافته إلى البقِّ ، وفي هذه الحالة يؤخذ بالدليل الدَّال على نجاسة دم الإنسان .
وأمَّا إضافته إلى البقِّ فهي مشكوكة
فإن كانت الشبهة موضوعيَّة: فيُستصحب عدم حدوثها ، وبذلك يحرز عدم دخول المورد في موضوع ما دلَّ على طهارة دم ما لا نفس له .
وإن كانت الشبهة مفهوميَّة: فلا يجري فيها الاستصحاب ، فيُشكّ حينئذٍ في دخوله في موضوع ما دلَّ على طهارة دم ما لا نفس له .
وعليه ، فيكون التمسُّك بعموم ما دلَّ على طهارة ما لا نفس له تمسكاً بالعام مع الشكّ في موضوعه ، وهو غير جائز .
السادسة: أن يُشكّ في إضافته إلى كلٍّ منهما .
فإن كانت الشبهة موضوعيَّة: فيُستصحب بقاء إضافته إلى الإنسان ، فيدخل في موضوع ما دلَّ على نجاسة دم الإنسان ، ويُستصحب عدم حدوث الإضافة إلى البقِّ ، وبذلك يحرز عدم دخوله في موضوع ما دلَّ على طهارة دم ما لا نفس له ، وتكون النتيجة هي الحكم بالنجاسة .
وأمَّا إذا كانت الشبهة مفهوميَّة: في كلٍّ منهما فلا يجري الاستصحاب في كلٍّ منهما ، لا من ناحية الموضوع ، ويرجع حينئذٍ إلى قاعدتة الطهارة ، والله العالم .
قال المصنف: (والبواطن بزوال العين )
المعروف بين الأعلام : أنَّ الباطن يطهر بزوال العين ، وفي "الحدائق" : ( الظاهر أنَّه لا خلاف بين الأصحاب في الاكتفاء في طهر البواطن بزوال العين ) وفي "الجواهر" : ( أنّه متفق عليه بين الأصحاب ، بل قيل : إنَّه يمكن أن يكون من ضروريات الدين ... )
ويدلُّ عليه - مضافاً للتسالم بين الأعلام - : بعض الأخبار :
منها: صحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال: ( سمعت الرضا ع يقول: يستنجي ، ويغسل ما ظهر منه على الشرج ، ولا يدخل فيه الأنملة ... )
[1]
ومنها: حسنة محمَّد بن مسلم عن أحدهما ع ( في الرجل يمسّ أنفه في الصلاة ، فيرى دماً ، كيف يصنع ؟ ، أينصرف ؟ قال : إن كان يابساً فلْيرمِ به ، ولا بأس )
[2]
ومنها: موثَّق عمَّار عن أبي عبد الله ع قال: ( إنَّما عليه أن يغسل ما ظهر منها ، يعني المقعدة ، وليس عليه أن يغسل باطنها )
[3]
ومنها: موثّقته الأخرى قال: ( سُئِل أبو عبد الله ع عن رجل يسيل من أنفه الدم ، هل عليه أن يغسل باطنه - يعني جوف الأنف - ؟ فقال : إنَّما عليه أن يغسل ما ظهر منه )
[4]
.
ومنها: خبر عبد الحميد بن أبي الديلم قال: ( قلت لأبي عبد الله ع : رجل يشرب الخمر ، فيبصق ، فأصاب ثوبي بصاقه ، قال : ليس بشيء )
[5]
ولكنَّه ضعيف ، لعدم وثاقة عبد الحميد بن أبي الديلم .
والإنصاف: أنَّ النجاسة الواصلة إلى الباطن من الجوف - فضلًا عن النجاسة المتكوِّنة فيها - لا إشكال في عدم كونها مؤثِّرة في تنجيسها ، لعدم الدليل على ثبوت الآثار للنجاسات قبل ظهورها إلى الخارج ، لانصراف ما دلَّ عليها من النصّ عمَّا لم تخرج .
وبالجملة: فإنَّ هذا لا إشكال فيه ، وإنَّما الكلام فيما لو أصابت البواطن نجاسة خارجيَّة ،كباطن الفم ، والأنف ، والعين ، والأذن .
والإنصاف فيها أيضاً: عدم تنجّس الباطن الملاقي للنجاسة الخارجيَّة ، لا أنَّه ينجس ، ويطهر بالزوال .
والسر فيه: أنَّ ما دلَّ على نجاسة ملاقي النجس ، أو المتنجِّس ، قاصر الشمول لهذه الصورة ، لأنَّ مستند الحكم بالنجاسة إما التسالم ، أو النصّ :
والتسالم : دليل لبِّي يُقتصر فيه على القدر المتيقن ، وهو غير هذا المورد .
وأمَّا النصّ : فمورده الثوب ، والبدن ، والأواني ، وما أشبهها ، فلا يُتعدّى عن مورده .
[1] - الوسائل باب24 من أبواب النجاسات ح1
[2] - الوسائل باب24 من أبواب النجاسات ح2 .
[3] - الوسائل باب24 من أبواب النجاسات ح6 .
[4] - الوسائل باب24 من أبواب النجاسات ح5 .
[5] - الوسائل باب39 من أبواب النجاسات ح1 .