< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الأرض
 كان الكلام بالاستدلال على اشتراط جفاف الأرض
 وقد يُستدلّ لاشتراط الجفاف: أيضاً بأنَّه يلزم من رطوبتهما تنجِّسها بباطن القدم ، أو الخُفّ ، أو النَعْل ، فكيف تكون مطهرة لباطن القدم ؟! .
 وفيه: أنَّ هذا غير مضرّ ، كرطوبة النجاسة ، إذ الضارّ سَبْق النجاسة ، لا الحاصلة بنفس التطهير ، كما قِيل: مثله في غُسَالة الماء القليل ، بل قلنا هناك: (إنَّ غُسَالة الماء القليل طاهرة ، من غير فرق بين الغَسلة الأولى ، والثانية ، ومن غير فرق بين ورود الماء على المتنجس ، وبالعكس) .
 وممَّا ذكرنا يتضح لك أنَه لسنا بحاجة لتنزيل كلام من لم يعتبرِ الجَفَاف على إرادة الاكتفاء بالأرض الرطبة رطوبة غير متعديَّة ، لا المتعديَّة ، بل يصح إرادة الرطوبة المتعديَّة ، ولا إشكال في ذلك ، والله العالم .
 الأمر الخامس: ذهب جماعة من الأعلام إلى اشتراط طهارة الأرض ، منهم الإسكافي ، والماتن في "الذكرى" ، والمحقِّق الثاني ، وصاحب الجواهر ، والمحقِّق الهمداني ، وصاحب الحدائق ، والسيد أبو القاسم الخوئي ، وصاحب المدارك .
 وبالمقابل ذهب بعض الأعلام إلى عدم الاشتراط ، منهم الشهيد الثاني ، حيث ادَّعى أنَّ إطلاق النصّ ، والفتوى ، يقتضي عدم الفرق في الأرض بين الطاهرة ، وغيرها ، ومال إلى ذلك صاحب الرياض.
 ثمَّ إنَّه قد استُدل لاشتراط الطهارة ببعض الأدلَّة:
 منها: القاعدة المتَّفق عليها بين الفقهاء ، وهي اشتراط الطهارة في المطهِّر ، إذ فاقد الشيء لا يعطيه .
 ويؤيِّدها: الاستقراء لموارد التطهير بالماء حدثاً ، وخبثاً ، وبالأرض حدثاً ، بل وخبثاً ، كحجر الاستنجاء ، فإنَّه من المعلوم أنَّه يُشترط طهارة المطهر في هذه الموارد ، لا سيَّما إذا ضمَّ إلى كلّ ذلك ما هو المرتكز في أذهان الناس من اعتبار طهارة المطهر .
 وفيه: أنَّ هذه القاعدة غير متَّفق عليها ، ولذا خالف جماعة من الأعلام ، لا يُستهان بهم .
 نعم ، ما ذكر بعد ذلك يُورث الاطمئنان باشتراط الطهارة ، إذ كيف يمكن للمتنجِّس أن يكون مطهِّراً ؟ .
 ومنها: الحديث المروي بطرق متعدِّدة كلّها ضعيفة ، إلَّا ما رواه الشيخ الصدوق في المجالس عن إسماعيل الجُعفي عن الباقر ع عن الرسول صلى الله عليه وآله ، فإنَّ الطريق حسن ، وهذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وآله: ( جعلت لي الأرض مسجداً ، أو طهوراً ) [1] .
 قال صاحب الحدائق: ( وهو بإطلاقه شامل لِمَا نحن فيه ، فإنَّ الطهور لغة بمعنى الطاهر المطهِّر ، كما تقدَّم تحقيقه في صدر الباب الأوَّل ، وهو أعمّ من أن يكون مطهِّراً من الحدث والخبث
 والعجب من أصحابنا رضوان الله عليهم ! ، حيث إنَّهم في المقام ناقشوا في اشتراط طهارة الأرض ، ولم يلُمَّ أحد منهم ، ممَّن قال بالطهارة ، بهذا الحديث - إلى أن قال : - ما هذه إلَّا غفلة ظاهرة تَبِع فيها المتأخِّر المتقدِّم ...) .
  وفيه - ما ذكرناه سابقاً -: من أنَّه لا يُستفاد من هذا الحديث الشريف إلَّا أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الأرض في حدِّ ذاتها ، كالماء ، طهوراً ، فلا يُستفاد منها الاشتراط ، بحيث يدلّ على ارتفاع المطهِّريَّة عند عروض صفة النجاسة لها بأسباب خارجية .
 وأضف إلى ذلك: أنَّه لا يبعد ظهوره في إرادة الطهارة من الحدث ، فلا يشمل ما نحن فيه .
 إن قلت: إنَّ الظاهر من هذا الحديث الشريف أنَّ الجعل إنَّما تعلَّق بالأرض الطاهرة ، لا بذات الأرض ، وحدّ ذاتها ، لأنَّ طهارتها من حيث الذات كانت ثابتة قبل الشريعة الإسلامية .
 قلت: لو سلِّم ظهور الحديث في تعلُّق الجعل بالأرض الطاهرة بالفعل ، إلَّا إنَّه لا يفيد إثبات المدعى ، لأنَّه لا ينفي مطهِّريَّة غيرها ، إذ لا اعتداد بمفهوم اللقب ، كما لا يخفى .


[1] - الوسائل باب7 من أبواب التيمم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo