< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الأرض
 الأمر الثالث: المعروف بين الأعلام قديماً ، وحديثاً ، اشتراط كون المطهِّر أرضاً ، خلافاً لما حُكي عن ابن الجنيد: ( من الاكتفاء بالمسح ، ولو بالخشب ، أو نحوه ) .
  واستشكل العلَّامة في "النهاية" ، حيث قال: ( لو دلك النعل ، والقدم ، بالأجسام الصلبة ، كالخشب ، أو مشى عليها ، فإشكال ... ) .
 والذي يبدو لي أنَّ عبارة ابن الجنيد ليست صريحة في الخِلاف ، فيمكن حمل عبارته على ما عليه الأصحاب ، لأنَّ المحكي عنه هو إطلاق المسح ، ويمكن حمل هذا الإطلاق على ما هو المتعارف من المسح بالأرض .
 ومهما يكن ، فقد يُستدل لاشتراط كون المطهر أرضاً: بأنَّ أغلب الأخبار المتقدِّمة موردها الأرض .
 مضافا : لِمَا في بعضها ، من التعليل بأنَّ الأرض بعضها يطهِّر البعض الآخر .
 فيستفاد من كلِّ ذلك : أنَّ للأرض خصوصيَّة في التطهير ، لاسيَّما إذا أخذنا بالنبويِّيْن المتقدِّمَيْن ، حيث الموجود في أحدهما: " فطهورهما التراب" وفي الآخر: " فإنَّ التراب له طهور" ، حيث ظاهرهما حصر الطهر بالتراب .
 لكنَّك عرفت : أنَّهما ضعيفتا السند ، فهما يصلحان للتأييد .
 وقد يقال: إنَّه لا مانع من الأخذ بما حُكِي عن ابن الجنيد ، من الاكتفاء بمطلق المسح ولو بالخشب ، وذلك لإطلاق صحيح زرارة ، وكذا خبر حفص بن أبي عيسى المتقدِّمَيْن الدَّالَيْن بإطلاقهما على كفاية مطلق المسح ، وما تقدَّم من الأخبار لا يصلح مقيداً لهما ، إذ لا دلالة في تلك الأخبار المتقدِّمة على نفي التطهير بغير الأرض ، إذ اللقب لا مفهوم له .
 والإنصاف: أنَّ صحيح زرارة منصرف إلى المسح بالأرض ، لا سيَّما أنَّ ذلك هو المعروف بين الأصحاب ، من غير خلاف يُعرَف ، كما ذكر ذلك صاحب الحدائق.
 وأمَّا عبارة ابن الجنيد فقد عرفت أنَّها ليست صريحة في الخِلاف ، وخبر حفص المتقدِّم ضعيف ، فلا حاجة لإتعاب النفس فيه .
 وممَّا ذكرنا يتضح لك أنَّه لا فرق في الأرض بين التراب ، والرمل ، والحجر الأصلي ، بل الظاهر كفاية المفروشة بالحجر ، والآجُرّ ، والجَصّ ، والنورة ، وذلك لصدق الأرض عليها ، وهذا بخلاف الأرض المطليَّة بالقِير ، فإنَّه غير مطهِّر ، لعدم صدق الأرض عليه ، والله العالم .
 الأمر الرابع: ذهب جماعة من الأعلام إلى اشتراط جفاف الأرض في التطهير بها ، منهم ابن الجنيد، والمحقِّق الكركي في "جامع المقاصد" ، والشهيد الثاني في "المسالك" ، خلافاً لجماعة ، حيث لم يشترطوا ذلك ، منهم
 العلَّامة في "النهاية" ، والسبزواري في "الذخيرة" ، والسيِّد علي صاحب الرياض ، والشهيد الثانيى في "الروضة" ، و"الروض" .
 وقد يُستدلّ لاشتراط الجفاف: بروايتَي الحلبي ، والمعلَّى ، المتقدِّمتَيْن ، حيث ورد في الأُولى: ( أَليسَ تمشي بعد ذلك في أرضٍ يابسةٍ ؟ قلتُ : بَلَى ، قال : فَلَا بَأْسَ ) .
 وفي الثانية: ( فَقَالَ ألَيْسَ وَرَاءَه شَيْءٌ جَافٌّ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : فَلَا بَأْسَ ) .
 وفيه: أنَّهما مع قطع النظر عن عدم دلالتهما على اشتراط الجفاف ، إذ لا مفهوم للوصف ، ضعيفتا السند ، كما تقدَّم ، فلا يصلحان لتقييد الأخبار المطلقة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo