< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/02/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ ولوغ الكلب
 قال المصنف: ( وفي إناءِ وُلُوغ الكلب : المرتان ، بعد تعفيره بتراب طاهر ، مُزِج بالماء أوَّلًا ، فإنْ فُقِد التراب فمناسبه ، فإنْ فُقِد فالأقرب إجزاء الماء مع زوال اللعاب ، ولا تراب في باقي أعضائه ، خلافاً للمفيد )
 وُلُوغ الكلب: شربه ممَّا في الإناء بطرف لسانه قاله: الجوهري .
 والمشهور بين الأعلام: أنَّه يُغسل الإناء من وُلُوغ الكلب ثلاثاً ، أوَّلهنّ بالتراب .
 وقال الشيخ المفيد في "المقنعة": ( يُغسَل ثلاثاً ، وُسطاهن بالتراب ، ثمَّ يجفَّف ) .
 وأطلق السيد المرتضى في "الانتصار" ، والشيخ في "الخلاف": أنَّه يُغسَل ثلاث مرات ، إحداهن بالتراب .
 وقال الشيخ الصَدوق في "مَن لا يحضره الفقيه" : ( يُغسَل مرَّة بالتراب ، ومرتَيْن بالماء ) .
 وقال ابن الجنيد: ( يُغسل سبعاً ، إحداهن بالتراب ) .
 وقدِ استُدل لوجوب الغسلات الثلاث ، إحداهن بالتراب ، بعدَّة أدلَّة :
 منها: الإجماع المحكي عن جماعة من الأعلام ، وفي الواقع أنَّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام ، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه بين الأعلام .
 ومنها: صحيحة الفضل أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله: ( أنَّه سأَله عن الكلب ، فقال : رِجْس نَجِس لا يُتوضَّأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أوَّل مرَّة ، ثمَّ بالماء ) [1] .
 قال صاحب المدارك - بعد نقله للصحيحة - : ( كذا وجدته فيما وقفت عليه من كتب الأحاديث ، ونقله كذلك الشيخ في مواضع من "الخِلاف" ، والعلَّامة في "المختلف" ، إلَّا أنَّ المصنَّف في "المعتبر": نقله بزيادة لفظ مرتَيْن بعد قوله : ثمَّ بالماء ، وقلَّده في ذلك مَن تأخَّر عنه، ولا يبعد أن تكون الزيادة وقعت سهواً من قلم الناسخ ... ) .
 ومن جملة من نقلها بلفظ المرتَيْن: المصنِّف في "الذكرى" ، والعلَّامة في "المنتهى" و"التذكرة" ، و"النهاية" ، والمحقِّق الكركي في "جامع المقاصد" ، والشهيد الثاني في "الروض".
 ثمَّ إنَّه ذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّ الأصل عدم الزيادة ، وأنَّ هذه الزيادة سهواً من المحقِّق ، وقلَّده مَن جاء بعده .
 وقدِ اعتَرض بعض الأعلام على ذلك ، إذ يحتمل اطَّلاعه على كون الرواية كذلك في أصلٍ معتبرٍ لم يصِل إلينا ، فإنَّه كان عند المحقِّق بعض الأصول التي ليس في هذه الأزمنة إلَّا أسماؤها
 وذكر الشيخ البهائي في الحبل المتين: ( بأن عدم اطلاعنا على هذه الزيادة في الأصول المتداولة في هذا الزمان غير قادح ، وإن كلام المحقِّق في "المعتبر" يعطي أنَّه نقل بعض الأحاديث المذكورة ، من كتبٍ ليست في أيدي أهل زماننا إلَّا أسماؤها ، ككتب الحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمَّد بن أبي نصر ، والحسين بن سعيد ، والفضل بن شاذان ، وغيرهم ، ولعلَّه قدس سرّه نقل هذه الزيادة من بعض هذه الكتب) .
 أقول: إنَّ الأمر دائر بين كون الزيادة وقعت سهواً ، وبين كون النقص وقع كذلك ، ودعوى " أنَّ مقتضى القاعدة في هذه الحالة هو البناء على كون النقص وقع سهواً " لا دليل عليه ، لا سيَّما وأنَّ النقص في هذه الرواية وقع في سائر كتب الأحاديث ، ووقعت الزيادة في بعض الكتب المصنَّفة في الأعصار المتأخِّرة .
 وعليه فلم يثبت كون الصحيحة مشتملة على لفظ المرتَيْن .
 وبناء على عدم ثبوت الزيادة فقد يُقال: إنَّ الصحيحة حينئذٍ لا تدلُّ على اعتبار ثلاث غسلات ، ومن هنا قال صاحب المدارك: ( ومقتضى إطلاق الأمر بالغسل الاكتفاء بالمرَّة الواحدة بعد التعفير ، إلَّا أنَّ ظاهر "المنتهى" ، وصريح "الذكرى" : انعقاد الإجماع على تعدد الغسل بالماء ، فإن تمَّ فهو الحجَّة ، وإلَّا أمكن الاجتزاء بالمرَّة لحصول الامتثال بها ) .
 أقول: لو سلَّمنا الإطلاق ، ولم نناقش بأنَّ الصحيحة واردة في مقام بيان شرطيَّة التراب قبل الماء ، لا في مقام بيان لزوم التطهير بالماء ، كي يُؤخَذ بإطلاقه -: فيجاب عنه بأنَّ موثَّق عمَّار عن أبي عبد الله ع ( سُئِل عن الكُوز والإناء يكون قَذِراً كيف يغسل ؟ ، وكم مرَّة يغسل ؟ قال ع : يغسل ثلاث مرات ، يصبُّ فيه الماء ، فيحرَّك فيه ، ثمَّ يُفرغ منه ... ) [2] يكون مقيداً لإطلاق الصحيحة ، لأنَّه دالّ على وجوب ثلاث غسلات في تطهير الإناء ، سواء كانت النجاسة بالولوغ ، أم بغيرها .


[1] - الوسائل باب70 من أبواب النجاسات ح1
[2] - الوسائل باب53 من أبواب النجاسات ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo