< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ ازالة النجاسة عن المسجد
 لا زال الكلام في الاستدلال على وجوب ازالة النجاسة عن المسجد وقلنا هناك روايتان ذكرنا الأولى بالأمس
 الثانية: ما رواها ابن إدريس في مستطرفاته آخر "السرائر" ، نقلًا من نوادر أحمد بن محمَّد بن أبي نصر عن المفضَّل بن عمر عن محمَّد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال: ( قلت له : إنَّ طريقي إلى المسجد في زُقَاق يُبال فيه ، فربَّما مررت فيه ، وليس عليَّ حذاء ، فيلصق برجلي من نَدَاوته ، فقال : أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة ؟ ، قلت بلى ، قال : فلا بأس ، إنَّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً ، قلت : فأطأ على الرَوْث الرطب ، قال : لا بأس ، أنا واللهِ ربّما وطئت عليه ، ثم أصلّي ولا أغسله ) [1]
 وفيهما
 أوَّلًا: أنَّهما ضعيفتا السند :
 أما الأُولى: فبمحمَّد بن إسماعيل ، فإنّه البُنْدُقي النَيشابوري المجهول ، ووجوده في "كامل الزيارات" غير نافع ، لأنَّه ليس من مشايخه المباشرين .
 وأمَّا الثانية: فبالإرسال ، لأنَّ ابن إدريس لم يذكر طريقه إلى نوادر البزنطي .
 وثانياً: أنَّه يُحتمل أن يكون النظر فيهما إلى أنَّ ما لَصَق برجله من النجاسات في الطريق مانع من ناحية الصلاة التي أراد فعلها في المسجد ، وليس النظر فيهما إلى حرمة تنجيس المسجد ، أو إدخال النجاسة المتعدّية فيه .
 وقدِ استُدل أيضاً لوجوب الإزالة عن المسجد : بجملة من الأخبار المستفيضة الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً ، بعد تنظيفه ، وطمِّه بالتراب :
 منها: صحيحة عُبَيد الله بن علي الحلبي: ( أنَّه قال لأبي عبد الله ع : فيصلح المكان الذي كان حشّاً زماناً أن يُنظَّف ويُتخذ مسجداً ، فقال : نعم ، إذا ألقى عليه من التراب ما يُواريه ، فإنَّ ذلك ينظّفه ويطهِّره ) [2]
 ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان قال: ( سألت أبا عبد الله ع عن المكان ، يكون حَشّاً زماناً ، فيُنظّف ، ويُتّخذ مسجداً ، فقال : ألقِ عليه من التراب حتّى يتوارى ، فإنّ ذلك يطهّره إن شاء الله ) [3] .
  وكذا غيرهما من الروايات الكثيرة ، وهذه الروايات ظاهرة في وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، ولكنَّها ظاهرة في خصوص ظاهر المسجد دون باطنه ، فلا تجب إزالة النجاسة عن الباطن ، وإلَّا لم يكن طمُّ الكنيف ، وطرح التراب كافياً في تجويز اتخاذه مسجداً .
 وهل عدم وجوب إزالة النجاسة عن الباطن مختصّ بمورد هذه الروايات ، وهو المسجد المتّخذ من الكنيف ، وما يشبهه ، ممَّا يتعذّر إزالة النجاسة عن باطنه أو يتعسر ، أو أنَّه غير مختص بذلك ، بل تشمل كلّ مسجد .
  ذهب صاحب الجواهر: إلى الأوَّل .
 والإنصاف: هو الثاني ، إذ لا يُوجد ما يدلّ على وجوب إزالة النجاسة عن باطن المسجد ، لأنَّ الدليل على وجوب إزالة النجاسة عن المساجد إن كان هو التسالم بين الأعلام ، كما هو كذلك - حيث لا تضرّ مخالفة صاحب الحدائق ، لعدم الاعتداد بها - فهو دليل لبِّي يُقتصر فيه على المتيقن ، وهو ظاهر المسجد ، وإن كان الدليل هو ما ذكرناه أخيراً ، من الروايات الدالّة على جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد طمِّه بالتراب ، فهي ظاهرة جدّاً في وجوب إزالة النجاسة عن ظاهر المسجد دون باطنه .
 وعليه: فمقتضى الأصل عدم وجوب الإزالة عن باطنه ، والله العالم .
 قال المصنف: ( والضرائح المقدسة )
 لا إشكال في وجوب إزالة النجاسة عن الضرائح المقدّسة ، كما لا إشكال في حرمة تنجيسها ، لوجوب تعظيمها ، وحرمة إهانتها ، وتحقيرها ، بل لا إشكال في وجوب تعظيم وتحريم تحقير وتوهين كلّ ما له تعلّق في قبور الأئمة ع ، من الأثاث ، كالصُندوق وغيره ، فضلًا عنها أنفسها .


[1] - الوسائل باب32 من أبواب النجاسات ح9
[2] - الوسائل باب11 من أبواب أحكام المساجد ح1
[3] - الوسائل باب11 من أبواب أحكام المساجد ح4

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo