< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ المذي والودي والوذي
 قال الشهيد: ( والمذي وإن كان عقيب شهوة ، خلافاً لابن الجُنيد ، والودي بالدال المهملة ، وهو الخارج عقيب البول ، والوذي بالذال المعجمة ، عقيب المني )
 تقدّم الكلام عن عدم ناقضيَّة هذه الأمور الثلاثة ، وطهارتها وتفسيرها في المجلد الأول في باب الطهارة ، في الدرس الأول ، عند قول الماتن: ( وألحق بعضٌ خروج الريح من الذكر ، وابن الجنيد الحقنة والمذي عن شهوة ) راجع ما ذكرناه ، فإنّه نافع .
 قال الشهيد: ( ويجب إزالة النجاسة للصلاة )
 تسالم الأعلام على وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن حتّى الظُفر منه ، والشعر ، للصلاة الواجبة والمندوبة ، عدا الدم على التفصيل الآتي إن شاء الله تعالى ، وعدا ما سيأتي أيضاً من مثل الجَوْرب ونحوه ، ممَّا لا تتمّ الصلاة فيه .
 وبالجملة : ما ذكرناه من وجوب الإزالة لا خلاف فيه في الجملة ، ويدلّ عليه أيضاً الأخبار المستفيضة جدّاً ، بل هي متواترة .
 اُنظر إلى الأخبار الآمرة بغسل الثوب والجسد من النجاسات ، ومن المعلوم أنَّ الغسل لا يجب لنفسه ، وإنَّما هو لأجل الصلاة .
 نعم الروايات الكثيرة وردت في موارد خاصة ، كإعادة الصلاة من نجاسة الثوب بالبول ، والمني ، والخمر ، وقدر الدرهم من الدم ، وعذرة الإنسان ، والسنور ، والكلب ، ورطوبة الخنزير ، ونحو ذلك ، ولم يرد في الأخبار عنوان إزالة النجاسة أو تطهير الثوب والبدن من النجاسة حتّى يكون العنوان جامعاً لكلّ أفراد النجس ، إلّا أنّه من العلوم عدم الفرق بين أفراد النجاسات من هذه الجهة .
 ثمّ إنّ المراد بالثياب التي يجب إزالة النجاسة عنها مطلق ما يلبسه المصلي ، سواء كان ساتراً للعورة أم لا ، وسواء صدق عليه عرفاً اسم اللباس والثوب أم لا .
 وأمّا وقوع التعبير بالثوب في كثير من الروايات فإنّما هو من باب التمثيل ، ويشهد لذلك الأخبار الكثيرة النافية للبأس عن الثلاثة ، فيما لا تتمّ الصلاة فيه ، كالخُفّ ، والجورب ، والتِكّة ، والقَلَنْسُوَة ، ونحوها ، فإنّه يُستفاد من تلك الأخبار كون ذلك من قبيل الاستثناء من كليّة المنع من الصلاة في النجس ، حيث يظهر منها أنّ وجه
 نفي البأس عن مثل هذه الأمور كونها ممَّا لا تتمّ الصلاة فيها وحدها ، وإلا لكان مقتضى المنع فيها موجوداً ، مع عدم كون مثل هذه الأمور مندرجاً في مسمّى الثوب عرفاً .
 قال الشهيد: ( والطواف )
 ذهب أكثر الأعلام إلى اشتراط طهارة الثوب والجسد في الطواف، وكثير منهم لم يفرّق بين الطواف الواجب والمندوب ، ونحن ذكرنا هذه المسألة بالتفصيل في كتاب الحج ، فراجع ، فإنّه مهمّ نافع .
 قال الشهيد: ( ودخول المسجد مع التعدي )
 ذهب جماعة من الأعلام إلى وجوب إزالة النجاسة لدخول المساجد ، سواء أكانت النجاسة متعديّة أم لا ، بل هو صريح العلّامة في "التذكرة" ، بل هو ظاهر أكثر كتبه ، وفي لوامع النراقي: أنَّه مذهب الحِليين والأكثر ، وعن "الكفاية" : أنّه المشهور ، وعن جماعة من العامليين : الاختصاص بالمتعدية ، منهم : الماتن هنا وفي "الذكرى" ، والشهيد الثاني في "المسالك" ، والمحقّق الكركي ، بل عن "روض الجنان" :نسبته إلى أكثر الأعلام ، بل هو ظاهر كثير من متأخري المتأخرين .
 وقد يستدلّ لوجوب إزالة النجاسة لدخول المساجد مطلقاً ، سواء أكانت النجاسة متعدية أم لا، بثلاثة أدلّةٍ :
 الأوَّل: ما في "الخِلاف" ، و"السرائر" ، من نفي الخلاف في المسألة ، والذي ظاهره الإجماع .
  وفيه - بعد التسليم بإرادة الإجماع من (نفي الخلاف) -: ما عرفت في أكثر من مناسبة ، من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد يصلح للتأييد فقط .
 الثاني: إطلاق الآية الشريفة : {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ...} ، حيث فرّع حرمة دخولهم المسجد الحرام على نجاستهم ، ومورد الآية الشريفة وإن كان المسجد الحرام إلّا أنّ الحكم يشمل غيره ، لعدم القول بالفصل .
  وقد استُشكل على هذا الاستدلال: بأنّ الحقيقة الشرعية غير ثابتة ، إذ لم يثبت كون المراد بالنجاسة ما هو المصطلح عليه عند الفقهاء عند نزول الآية الشريفة .
 وعليه ، فيُحمل النجس على معناه العرفي واللغوي ، وهو المستقذر ، وبما أنّه لا يحرم إدخال كلّ قذارة إلى المسجد فلا بدّ من حمل النهي على الكراهة .
  وفيه: أنّ هذه الآية الشريفة ذكرناها عند التكلم في نجاسة الكافر ، وقلنا : إنَّها تامّة الدلالة بالتوضيح الذي ذكرناه هناك ، فراجع ، نعم قلنا : هي مختصَّة بالمشرك .
  لا يقال: إنّ الآية الشريفة واردة مورد الغالب ، من أنّ دخولهم المسجد الحرام يستلزم سراية النجاسة إلى المسجد ، كما هو حالهم قبل نزول الآية الشريفة .
  وعليه ، فيكون النهي عن دخولهم المسجد لأجل السراية ، فلا تدلّ الآية على الحرمة مطلقا
 فإنّه يُقال: إنّ المتبادِر من الآية الشريفة كون السبب المنع هو نجاستهم الذاتية ، لا تنجيسهم المسجد .
 والخلاصة: أنّ الآية الشريفة وإن كانت تامّة الدلالة ، كما ذكرنا سابقاً إلّا أنّها مختصّة بالمشرك .
 أضف إلى ذلك: أنَّ النهي إنَّما تعلَّق بقرب المسجد الحرام خاصَّة ، وعدم الظَفر بالقائل : بالفرق بينه وبين غيره ، لا يدلّ على العدم ، فيحتمل الفرق .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo