< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ كفر الناصبي ونجاسته
 قال المصنف: ( والناصبي )
 لا إشكال في كفره ، ونجاسته ، وعن كتاب الأنوار للسيد نعمة الله الجزائري: الإجماع على النجاسة ، وعن "جامع المقاصد": لا إشكال في النجاسة ، وعن كاشف الغطاء: أنّ النجاسة غير خلافيّة .
  قال صاحب الحدائق: ( والذي ذهب إليه أكثر الأصحاب أنّ المراد به - الناصبي - : مَن نصب العداوة لآل محمد صلى الله عليه وآله ، وتَظَاهر ببُغضهم - إلى أن قال : - وقد تفطّن شيخنا الشهيد الثاني من الاطِّلاع على غرائب الأخبار ، فذهب إلى أنّ الناصبي هو الذي نصب العداوة لشيعة أهل البيت ، وتظاهر في القدح فيهم ، كما هو حال أكثر المخالفين لنا في هذه الأعصار في كلِّ الأمصار إلى آخر كلامه ، زِيد في مقامه ، وهو الحقّ ، المدلول عليه بأخبار العترة الطاهرة ... ) [1] .
  أقول: المراد بـ "الناصبي" : المنكر لبعض ضرورات الدين ، والذي وقع التسالم على كفره ونجاسته هو الذي عليه أكثر الأصحاب ، مِن كونه الناصب العَداء لأهل البيت ع ، والمتدين ببُغضهم ع
 قال في "القاموس" : ( النواصب ، وأهل النصب : المتدينون ببُغض علي ، لأنّهم نصبوا له ، أي عادوه ) .
  وممَّا يدلّ على كون المراد بالناصبي ما ذكرناه:
 أولا: ما ورد في موثّقة عبد الله بن أبي يعفور المتقدّمة عن أبي عبد الله في حديث : ( وإياك أن تغتسل من غُسالة الحمام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم ، فإنّ الله تبارك لم يخلق خلقًا أنجس من الكلب ، وإن الناصب لنا أهل البيت لَأنجس منه ) [2]
 وهي واضحة الدلالة في كون المراد من الناصبي هو من ينصب العداء لأهل البيت ع ، كما أنّها واضحة الدلالة على نجاسته ، ولعلّ السرّ في كونه أنجس من الكلب : هو كونه نجسًا من جهتَيْن : مِن جهة بدنه ، وجهة باطنه ، لخبثه ، وهذا بخلاف الكلب فإنّ النجاسة فيه من جهة بدنه فقط .
 ثانيا: روايته الأخرى : عن أبي عبد الله ع قال: ( لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها غُسالة الحمام ، فإنّ فيها غُسالة ولد الزنا ، وهو لا يطهر إلى سبعة آباء ، وفيها غُسالة الناصب ، وهو شرُّهما ، إنّ الله لم يخلق خلقاً شرّاً من الكلب ، وإنّ الناصب أهون على الله من الكلب ) [3]
  ولكنها ضعيفة بالإرسال وبابن جمهور ، وأمّا اشتمالها على ولد الزنا ، وأنّه لا يطهر إلى سبعة آباء ، ففيه - ما ذكرناه سابقا - : من إمكان التفكيك بين الفقرات ، من حيث الاستدلال ، وقد عرفت في بعض المباحث السابقة أنّ ابن الزنا من المسلم ليس بكافر ، كما أنّه طاهر ، والمراد بكونه لا يطهر إلى سبعة آباء ، أي من حيث القذارة المعنوية .
 ثالثا: مرسلة علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن ع في حديث أنّه قال: ( لا تغتسل من غُسالة ماء الحمام ، فإنّه يُغتسل فيه من الزنا ، ويغتسل فيه ولد الزنا ، والناصب لنا أهل البيت ﭺ وهو شرّهم ) [4]
 ولكنّها ضعيفة بالإرسال ، ولا ينافي ذكر ولد الزنا مع الناصبي ، لما ذكرناه قبل قليل .
 رابعا: بخبر الفُضَيل بن يسار قال: ( سألت أبا جعفر ع عن المرأة العارِفة ، هل أُزوجها الناصب ؟ ، قال : لا ، لأنَّ الناصب كافر ... ) [5]
 ولكنه ضعيف بأبي جميلة ، وبمحمَّد بن علي فإنّه مشترك بين جماعة فيهم الضعيف والثقة .
 خامسا: بموثَّقة فُضيل بن يسار عن أبي عبد الله ع قال: ( ذَكَر النُصّاب ، فقال : لا تناكحهم ، ولا تأكل ذبيحتهم ، ولا تسكن معهم ) [6]
 وهي موثّقة فإنّ إسناد الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال وإن كان فيه علي بمحمّد بن الزبير القرشي
 ، وهو لم يوثَّق بالخصوص ، إلّا أنّه ذكرنا سابقاً أنّه من المعاريف ، الكاشف عن حسن حاله وثاقته ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة .
  وأمَّا من فسَّر الناصبي: بأنّه الذي نصَب العداوة لشيعة أهل البيت ع ، أو أنّه الذي قدّم الجِبت والطاغوت عليهم ع ، فقد استدل ببعض الأخبار :
  منها: رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال: ( ليس الناصب مَن نصَب لنا أهل البيت ، لأنَّك لا تجد رجلًا يقول : أنّا أُبغض محمّداً وآل محمد ، ولكنّ الناصب مَن نصب لكم ، وهو يعلم أنكم تتولّونا ، وأنّكم من شيعتنا ) [7]
 وهي ضعيفة بإبراهيم بن إسحاق ، وبمحمَّد بن أحمد ، فإنّه مشترك ، ونحوه أيضاً خبر المعلَّى بن خُنيس ، ولكنّه ضعيف أيضاً بمعلّى بن خُنيس ، وبمحمَّد بن علي ، فإنَّه مشترك بين عدّة أشخاص ، فيهم الضعيف وغيره .
  ثمّ إنّ دلالة الرواية مخالفة للواقع ، لكثرة المبغضين لهم ، والمتسحلين لقتلهم ع ، نعم لو كان منشأ النصب للشيعة حبّهم لأمير المؤمنين وأولاده ﭺ لانطبق على هؤلاء عنوان النواصب ، لأنّه يرجع في الواقع إلى النصب لأهل البيت ع ، وأمّا في غير ذلك فهو نصب للشيعة دون الأئمة ﭺ ، ولا دليل حينئذٍ على كفرهم .
  وأمَّا ما يدلّ على أنّ الناصبي مَن قدم الجبت والطاغوت: هو مارواه ابن إدريس في "مستطرفات السرائر" نقلًا عن كتاب "مسائل الرجال" لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي ع ، في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى قال: ( كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجِبت والطاغوت ، واعتقاده بإمامتهم ؟ ، فرجع الجواب : مَن كان على هذا فهو ناصب ... ) [8]
  وفيه
 أوّلًّا: أنّه ضعيف بالإرسال .
 وثانياً: أنّ النصب لا يتحقق بمجرد تقديم فلان وفلان ، ولو لشبهة لم يستطع دفعها ، بل النصب هو إظهار العدواة .
 والظاهر - واللهِ العالم - : أنّ هذه الراوية واردة في مقام جعل الحكم الظاهري ، لأنّها واردة في مقام الشكّ في تحقّق النصب وعدمه ، لا في مقام بيان معنى الناصب ، غير ما هو المعروف .
  والخلاصة إلى هنا : أنّ معنى الناصب الذي حُكِم بكفره ونجاسته هو ما عليه الأعلام من كونه المبعّض لأهل البيت ع ، المعلن عدواتهم .
 


[1] - الحدائق الناضرة ج 5 ص 178
[2] - الوسائل باب11 من أبواب الماء المضاف ح5
[3] - الوسائل باب11 من أبواب الماء المضاف ح4
[4] - الوسائل باب11 من أبواب الماء المضاف ح3
[5] - الوسائل باب10 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح15
[6] - الوسائل باب10 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح16
[7] - الوسائل باب2 من أبواب ما يجب فيه الخمس ح3
[8] - الوسائل باب2 من أبواب ما يجب فيه الخمس ح14

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo