< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/11/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع:الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ نجاسة أهل الكتاب
 ومنها: رواية أبي بصير عن أحدهما ع في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني ، قال: ( من وراء الثوب ، فإن صافحك بيده فاغسل يدك) [1] .
 وفيها:
  أوّلاً: أنّها ضعيفة السند ، فإنّ وهيب بن حفص الموجود في السند مشترك بين المجهول والثقة ، كما أنّها بإسناد الشيخ ضعيفة بالقاسم بن محمّد الجوهري ، فإنّه مجهول ، وبعلي بن أبي حمزة البطائني ، فإنّه ضعيف .
  وثانيا: أنّها ضعيفة الدلالة ، لأنّ الأمر بغسل اليد لو كان لأجل نجاستهم الذاتية لم تكن هناك خصوصيّة للأمر بمصافحتهم من وراء الثياب ، وذلك لاستلزامها نجاسة الثياب ، فيلزمه الأمر بغسل الثياب ، كما أمر بغسل اليد إذا كانت المصافحة باليد مباشرة .
  ومن هنا كان الأنسب حمل الأمر بالغسل على الاستحباب ، لا سيّما وأنّه لم يُفرض الملاقاة مع الرطوبة المسرية .
  ومنها: صحيحة علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر ع عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام ، قال: ( إذا علم أنّه نصراني اغتسل بغير الماء الحمام ، إلّا أن يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثم يغتسل ، وسأله عن اليهودي والنصراني يُدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة ؟ ، قال : لا ، إلّا أن يضطر إليه ) [2]
 فإنّ صدرها ظاهر في النجاسة الذاتيّة ، إذ لو كان الأمر بالاغتسال بغير ماء الحمام مستنداً إلى النجاسة العرضيّة ، كالمني ، وغيره ، من البول ، لم يكن وجه لاختصاصه بالكتابي ، لأنّ بدن المسلم قد يكون نجساً بالنجاسة العرضيّة .
  ولكنّ ذيلها لا يخلو من إشكال، وقد حمل الشيخ الاضطرار على التقيّة حتى لا ينافي نجاسته ، ولا يخفى ما فيه ، فإنَّ ظاهرها الاضطرار إلى الوضوء منه لانحصار الماء فيه ، لا الاضطرار إلى أن يتوضّأ بالماء النجس لصلاته تقية .
 وعليه: فلا تدلّ على النجاسة الذاتيّة ، وإلّا فلا فرق في تنجّس الماء ، وعدم جواز التوضّؤ به بين صورتَي الاضطرار وعدمه ، وبالجملة فإنّها دالّة على جواز الوضوء بالماء الذي يدخل اليهودي والنصراني يده فيه عند الضرورة .
 ومن هنا تصبح الرواية مجملة ، فلا يمكن الاستدلال بصدرها ، اللهمَّ إلّا أن يقال : إنّ الذيل قرينة على حمل الأمر بالاغتسال في صدرها على الاستحباب ، فلا تدلّ أيضًا على نجاستهم الذاتيّة .
  ومنها: صحيحته الثانية عن أخيه موسى بن جعفر ع قال: ( سألته عن فراش اليهودي ، والنصراني ، ينام عليه ، قال : لا بأس ، ولا يصلي في ثيابهما ، وقال : لا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة ، ولا يُقعِده على فراشه ، ولا مسجده ، ولا يصافحه ، قال : وسألته عن رجل اشترى ثوبًا من السوق للبس ، لا يدري لِمَن كان ، هل تصلح الصلاة فيه ، قال : إنِ اشْتراه من مسلم فيصلِّ فيه ، وإنِ اشتراه من نصراني فلا يصلّي فيه حتّى يغسله) [3] .
 وفيه: أنّه لا بد من تأويلها لعدم إمكان العمل بظاهرها على الإطلاق ، حيث لم يفرض الرطوبة فيما لاقاه المجوسي أو النصراني ، وكيف لا تصحّ الصلاة فيه إنِ اشتراه من نصراني حتّى يغسله مع عدم علمه بأنّه نجَّسه ، وقد ورد في صحيحة عبد الله بن سنان قال: ( سأل أبي أبا عبد الله ع ، وأنا حاضر : أنِّي أعير الذمّيّ ثوبي ، وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ، ويأكل لحم الخنزير فيردّه عليّ ، فأغسله قبل أن أصلّي فيه ، فقال : أبو عبد الله : صلّ فيه ، ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنك أعرته إياه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنّه نجّسه فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجَّسه ) [4]
 وعليه: فمقتضى الإنصاف حمل النواهي في صحيحة علي بن جعفر الثانية على الكراهة .
  ومنها: صحيحته الثالثة عن أخيه أبي الحسن موسى ع قَالَ: ( سَأَلْتُه عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْمَجُوسِيِّ فِي قَصْعَةٍ وَاحِدَةٍ ، وأَرْقُدَ مَعَه عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ ، وأُصَافِحَه ، قَال : لَا ) [5]
  وفيها: ما لا يخفى ، إذ لم يفرض وجود رطوبة مسرية حين مصافتحه والرقود معه على الفراش ، فكيف تدل على نجاسة المجوسي ذاتًا ؟! .
  نعم النهي عن مؤاكلته في قَصعةٍ واحدة قد يدلّ على النجاسة ، إلّا أن يقال : إنّ الغالب نجاسة ظاهر بدنهم نجاسة عرضيّة ، فلا تدلّ حينئذٍ على النجاسة الذاتيّة .
  هذا فيما لو فرض أنّ الطعام الموجود في القَصعة رطبًا أو مايعًا ، وإلّا قد لا يكون كذلك ، فيكون النهي حينئذٍ تنزيهًا .
  والظاهر - والله العالم - : أنّ النهي عن مؤاكلته والركود معه على فراش واحد قد يكون لأجل كونه مودّة له ، وهي منهي عنها ، ألّا ترى إلى قوله تعالى : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... } المجادلة 22 ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، وقد عرفت أنّ أكثر تلك الأخبار لا تدلّ على نجاسة أهل الكتاب ، ثمّ إنّه مع التسليم فإنّ هناك عدّة من الأخبار المستفيضة دلّت على طهارتهم .


[1] - الوسائل باب14 من أبواب النجاسات ح5
[2] - الوسائل باب14 من أبواب النجاسات ح9
[3] - وسائل الشيعة ، كتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ، الباب 14، الحديث10
[4] - وسائل الشيعة ، كتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ، الباب 74 ، الحديث1
[5] - وسائل الشيعة ، كتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ، الباب 74 ، الحديث6

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo