الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/07/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ الميتة
كان الكلام حول ما قاله صاحب المدارك
وفيه:
أوّلًا: أنّ مناقشته للأدلّة الدالة على النجاسة بعدم استفادة النجاسة منها - وإنّما ورد النهي عن الصلاة فيها ، أو الأمر بغسلها ، أو النهي عن أكل ما وقعت فيه ، أو النهي عن شربه ، ونحو ذلك ، ممّا هو أعمّ من النجاسة - لا يخلو من ضعف ، بل هو استفاد نجاسة البول من الأمر بغسل الثوب ، والبدن ، الملاقَين له .
قال: ( ولا معنى للنجس شرعًا إلّا ما وجب غسل الملاقي له ، بل سائر الأعيان النجسة إنّما استفيد نجاستها من أمر الشارع بغسل الثوب والبدن من ملاقاتها )
فكيف لا يستفيد النجاسة هنا من النهي عن الانتفاع بها ، ومن الأمر بالنزح إذا وقعت في الماء ، ونحو ذلك ؟! وثانيًا: أنّ ما استفاده من مخالفة ابن بابوية ، لذكره رواية ظاهرة في الخلاف ، في غير محلّه ، وذلك :
أوّلًا: أنّ ما ذكره الصدوق في المقدّمة إن دلّ على شيء فيدل على صحة الرواية ، وأنّها معتبرة عنده ، لا بمعنى الأخذ بها ، من دون ملاحظة ما يقتضيه الجمع بينها وبين غيرها من الروايات المعارضة لها ، ولعلّه يحمل هذه الرواية على إرادة الجلود من غير ذي النفس ، حيث حُكي : أنّ جلود غير ذي النفس تستعمل في صنع ظروف السمن والماء والزيت .
وإنَّما تحمل على هذا المعنى جمعًا بينها ، وبين غيرها ، ممَّا دلّ على عدم جواز الانتفاع بجلد الميتة ، ولعلّه يرى أيضًا طهارة جلد الميتة بالدبغ ، كما حُكي ذلك عن ابن الجنيد .
وثانيًا: حكي عن جماعة ، منهم العلّامة المجلسي ، أنّ الشيخ الصدوق عدل عمّا في المقدمة ، وخالف ما ذكره فيها في مواضع عديدة من كتابه .
ثمّ إنّه يحتمل أيضًا أن يكون مراده عدم انفعال الماء القليل بملاقاة جلد الميتة ، وإن أبيت إلّا أن يكون مراده عدم نجاسة الميتة ، فلا إشكال في بطلانه ، لما تقدّم ، كما أنّه لا إشكال في بطلان طهارة الجلد بالدبغ لو كان مراده ذلك ، ومن هنا أنكر جميع الأصحاب على ابن الجنيد ، حيث ذهب إلى طهارة جلد الميتة بالدبغ ، بل استفاض نقل الإجماع على خلافه .
والإنصاف: أنّ نقْل الإجماع على خلافه متواتر ، بل عن "شرح المفاتيح" أنّ عدم طهارته بالدباغ من ضروريات المذهب ، كحرمة القياس ، وعن المصنّف في "الذكرى" أنّ الإخبار بعدم طهارته بالدبغ متواترة ، وكذا عن "التذكرة" .
وينبغي أوّلًا: ذكر الأخبار الدّالة على طهارته بالدبغ ، والتي هي مستند قول ابن الجنيد ، ثمّ نذكر : ما تيسّر لنا من الأخبار الدّالة على الخلاف .
أمّا ما استدل به لابن الجنيد فعدّة من الأخبار :
منها: مرسلة الصدوق المتقدّمة ( سئل الصادق ع عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن ، والماء ، والسمن ، ما ترى فيه ؟ ، فقال: لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت ، من ماء ، أو لبن ، أو سمن ، وتتوضّأ منه ، وتشرب ، ولكن لا تصلِّ فيها )
[1]
والمراد بها الجلود بعد الدبغ ، بناء على ما ذكرناه سابقًا ، ولكنّها ضعيفة بالإرسال .
وفيه: ما عرفت من أنّ ما في الفِقه فتاوى لابن بابوية ، إلّا ما كان بعنوان روي ، فتكون رواية مرسلة .
ومنها: خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله ع ( في جلد شاة ميتة يدبغ ، فيصبّ فيه اللبن ، أو الماء ، فأشرب منه ، وأتوضّأ ؟ ، قال : نعم ، وقال : يدبغ ، فينتفع به ، ولا يصلّي فيه ... )
[3]
ولكنّه ضعيف ، لعدم وثاقة الحسين بن زرارة ، ودعاء الإمام عجل الله فرجه الشريف له ، ولأخيه ، لا يفيد التوثيق .
[1] - الوسائل باب34 من أبواب النجاسات ح5
[2] - الفقه الرضوي : ص 41 .
[3] - الوسائل باب34 من أبواب الأطعمة والأشربة المحرمة ح7