< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ الميتة
 قال المصنف: ( والميتة من ذي النفس حل أو حرم )
 يقع الكلام في أمرين :
  الأول: في نجاسة ميتة ذي النفس غير الآدمي .
  الثاني: ميتة الآدمي .
  أمّا الأمر الأوّل: فلا إشكال في نجاسة ميتته ، وقد ادّعى جماعة الإجماع على ذلك ، منهم المصنّف في "الذكرى" ، وفي "الجواهر" : ( وأمّا ذو النفس السائلة فميتة غير الآدمي منه نجسة إجماعًا محصّلًا ومنقولًا في "الغُنية" ، و"المعتبر" ، و"المنتهى" ، و"الذكرى" ، و"كشف اللثام" ، و"الروض" ، وعن "نهاية الأحكام" ، و"التذكرة" ، و"كشف الالتباس" ، وغيرها ، بل في "المعتبر" و"المنتهى" : أنّه إجماع علماء الإسلام ، كما أنّ ظاهر "الغنية" أو صريحها ، نفي الخلاف بينهم فيه ... ) .
  أقول: مَن تتبع دعوى الإجماع في المسألة يجد أنّ الإجماع منقول بالتواتر ، لا بالخبر الواحد ، ومن هنا كان هذا الإجماع حجة .
  أضف إلى ذلك: أنّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام ، لا سيّما المتقدّمون منهم ، الذين هم العمدة في المقام ، بل لعلّ مسألة نجاسة الميتة من ذي النفس من ضروريات المذهب ، بل الدين
 ومع ذلك فإنّ الأخبار الواردة في نجاستها متواترة معنًى ، وهي على طوائف :
  الأولى: ما ورد في نزح البئر لموت الدابة ، والفأرة ، والطير ، والحمامة ، والحمار ، والثور ، والجَمل ، والسنّور ، والدجاجة ، في البئر ، وهي كثيرة جدًّا ، أو أغلبها ورد في موارد جزئية ، إلّا أنّ بعضًا منها مطلق ، أو عام ، منها: خبر محمد بن مسلم أنّه سأل أبا جعفر ع عن البئر يقع فيها الميتة ، فقال : ( إن كان لها ريح نزح منها عشرون دلوًا ) [1]
 ولفظ الميتة مطلق ، ولكن الرواية ضعيفة لأنّ إسناد الشيخ الصدوق إلى محمد بن مسلم فيه : علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه وهما غير مذكورَين ، فالتعبير عن الرواية بالصحيحة ، كما في المستمسك ، وغيره ، في غير محلّه .
  ومنها: موثّقة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله ع قال: ( سئِل عن الخنفساء ، والذباب ، والجراد والنملة ، وما أشبه ذلك ، يموت في البئر والزيت والسمن ، وشبهه ، قال : كلّ ما ليس له دم فلا بأس ) [2]
 والاستدلال بها على نجاسة مطلق الميتة يتوقف على ثبوت المفهوم للوصف ، وقد عرفت أنه لا مفهوم له .
 ثمّ إنّ ما ذكرناه لا ينافي القول بطهارة البئر ، فإنّ ذلك ليس من حيث كون هذه الأشياء غير نجسة ، بل إنّما هو من حيث عدم انفعالها بالنجاسة ، ولهذا لو تغيّر الماء بها فلا خلاف في النجاسة حينئذٍ .
  وبعبارة أخرى: الروايات الواردة في البئر دلّت على الأمر بالنزح بالمطابقة ، وعلى نجاسة الميتة بالالتزام ، فإذا قام الدليل على عدم وجوب النزح ، وأنّه للاستحباب ، أي إنّ ماء البئر لا ينفعل بوقوع هذه الأشياء فيه ، فنرفع اليد حينئذٍ عن إحدى الدلالتين ، وهي دلالة الأمر بالنزح على الانفعال ، وتبقى الدلالة الالتزامية على حجّيتها ، وهي نجاسة هذه الأشياء ، وقد ذكرنا في علم الأصول وفاقًا للشيخ النائيني أنّ الدلالة الالتزامية تتبع الدلالة المطابقية في الوجود ، لا في الحجية .


[1] - الوسائل باب22 من أبواب الماء المطلق ح1
[2] - الوسائل باب35 من أبواب النجاسات ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo