< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ البول والغائط
 كان الكلام في الأدلة على نجاسة بول الرضيع
 منها: حسنة الحلبي قال: ( سألت أبا عبد الله عن بول الصبي ، قال : تصبّ عليه الماء ، فإن كان قد أكل فاغسله بالماء غسلًا ، والغلام والجارية في ذلك شرع سواء ) [1] .
 منها: وقد استُدل على نجاسته بالخصوص : ما رواه علي بن موسى بن طاووس في كتاب "الملهوف على قتل الطفوف" عن أمّ الفضل زوجة العباس ( أنّها جاءت بالحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فبال على ثوبه فقرصته فبكى ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : مهلًا يا أم الفضل ! ، فهذا ثوبي يُغسل ، وقد أوجعت ابني ) [2] والمراد من قوله صلى الله عليه وآله (يغسل) أي يصبّ عليه الماء ؛ ولكنّ الرواية ضعيفة ، لعدم ذكر ابن طاووس سنده إلى أم الفضل ، فتكون الرواية مرسلة .
 واحتجّ في "المختلف" لابن الجنيد:
 منها: بمعتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه ( أنّ عليا قال: لبن الجارية ، وبولها ، يُغسل منه الثوب قبل أن تطعم ، لأنّ لبنها يخرج من مثانة أمّها ، ولبن الغلام لا يُغسل منه الثوب ، ولا من بوله قبل أن يطعم ، لأنّ لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين ) [3]
 ورواها الصدوق في "العِلل" عن محمد بن الحسن عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم،ورواها في الفقيه مرسلة.
 وبالجملة: فالرواية بطريق الشيخ ، وبطريق الصدوق في العلل ، معتبرة ، لأنّ النَوفلي الوارد في السند من المعاريف ، الكاشف ذلك عن حسنه ، والسكوني موثق .
 والجواب عنها: أنه لا منافاة بينها وبين ما تقدم لأنّنا نحن نلتزم أيضًا بعدم الغسل من بول الغلام قبل أن يطعم ، ولكنّ ذلك لا ينافي صبّ الماء عليه الذي هو المطلوب .
  أضف إلى ذلك: أنّ فيها خدشة من حيث اشتمالها على نجاسة لبن الجارية ، مع أنّه لم يلتزم به أحد ، بل الجميع قائل بطهارته ، وممّا يؤيّد وهنها إعراض الأصحاب عنها .
 منها: بما في الجعفريات عن علي ( أنّ النبي صلى الله عليه وآله بال عليه الحسن والحسين قبل أن يطعما فكان لا يغسل بولهما عن ثوبه ) [4] .
  ولكنّه ضعيف ، كما تقدّم ، بجهالة موسى بن إسماعيل وأبيه .
 ومثله ما رواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره بإسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ﭺ ©قال : قال علي : ... .
  وهو أيضا ضعيف ، لعدم ذكر سنده إلى موسى بن جعفر فتكون مرسلة .
  أضف إلى ذلك: أنّه لا منافاة بينه وبين ما تقدم ، لأنّ المنفي في الخبر الغسلُ ، ونحن نلتزم بذلك ، وإنما أوجبنا صبّ الماء عليه من دون عصر ، والله العالم بحقائق أحكامه .
  تنبيه :
  إذا لم يعلم كون الحيوان مأكول اللحم أو لا ، لا يحكم بنجاسة بوله وخرئه ، لأصل الطهارة ، وكذا لو تردّد شيء بين كونه بولًا وخرءًا ، وبين غيرهما من الأمور الطاهرة .
  وكذا الحال أيضًا لو علم أنّه غير مأكول ، ولكن لم نحرز كونه ذا نفس سائلة أو لا ، فالجميع محكوم بأصل الطهارة .
 وتوضيحه: أنّ الشبهة تارة تكون حكمية ، وأخرى موضوعية .
  أمّا الأولى: كما إذا ولد حيوان ممّا يؤكل وما لا يؤكل ، ولم ينطبق عليه عنوان أحدهما ، فالمرجع حينئذٍ هو أصل الطهارة في كل من بوله وخرئه ، لأنّ النجاسة موضوعها بول وخرء ما لا يؤكل لحمه ، وهذا غير محرز في المقام
  نعم قد ذكرنا في علم الأصول أنّ جريان الأصل في الشبهة الحكمية إنّما هو بعد الفحص عن الدليل ، فإذا لم نعثر على ما يشخّص كون الحيوان محرّم الأكل ، أو محلّلة ، فيجري الأصل حينئذٍ .
  وأما الثانية: كما في بعض الأمثلة المتقدّمة ، وكما لو تردد حيوان بين كونه غنمًا أو خنزيرًا ، لبعض العوارض الخارجية ، كما لو كان ذلك في الظلمة ونحوها ، فالمرجع فيها أصالة الطهارة ، ولا
 يشترط فيها الفحص ، كما في سائر الشبهات الموضوعية ، خلافًا لصاحب الجواهر حيث احتمل وجوب الفحص .
 قال: لكن بقي شيء ، بناء على اعتبار هذا القيد ، وهو أنّ مجهول الحال ، من الحيوان الذي لم يدرَ أنّه من ذي النفس أو لا ، يحكم بطهارة فضلته حتّى يعلم أنّه من ذي النفس ، للأصل ، باستصحاب طهارة الملاقي ونحوه ، أو يتوقف الحكم بالطهارة على اختباره بالذبح ونحوه ، لتوقف امتثال الأمر بالاجتناب عليه ، ولأنّه كسائر الموضوعات التي علّق الشارع عليها أحكامًا كالصلاة للوقت والقبلة ونحوهما ، أو يفرّق بين الحكم بطهارته وبين عدم تنجّسه للغير ، فلا يحكم بالأول إلّا بعد الاختبار ، بخلاف الثاني ، للاستصحاب فيه من غير معارض ، ولأنّه حينئذٍ كما لو أصابه رطوبة متردّدة بين البول والماء ، وجوه ، لم أعثر على تنقيح لشيء من ها في كلمات الأصحاب.
  وفيه: أنّ امتثال الأمر بالاجتناب متوقّف على إحراز النجاسة تفصيلًا أو إجمالًا ، كما في العلم الإجمالي المنجّز للتكليف ، وفي غير هذين الأمرين لا إحراز للتكليف حتّى يجب امتثاله ، كما في الشبهة الموضوعية البدوية ، وهذا متفق عليه بين جميع الأعلام الأصوليين والإخباريين ، فتجري أصالة الطهارة هنا بلا شبهة .
  وأمّا قوله: ( ولأنّه كسائر الموضوعات التي ... )فيرد عليه أنّه قياس مع الفارق فإنّ مسألة الوقت والقبلة في الصلاة من قيودات المأمور به فتتوقف صحة الصلاة على إحرازهما ، وبدون ذلك يحكم بفسادها لكون الشكّ في المكلف به ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنذ الشكّ في المقام - وهو وجوب الاجتناب - شكّ في أصل التكليف .


[1] - الوسائل باب3 من أبواب النجاسات ح2
[2] - الوسائل باب8 من أبواب النجاسات ح5
[3] - الوسائل باب3 من أبواب النجاسات ح4 .
[4] - المستدرك باب2 من أبواب النجاسات ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo