< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ الماء النجس\ استعماله في الطهارة
 قال المصنف:

( ويُحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به في الطهارة )

 قال المصنّف في "الذكرى": ( يُحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به ، في الطهارة مطلقًا لعدم التقرب بالنجاسة ... )
  وقال في الجواهر ( وهل المراد بعدم الجواز الإثم ، أو عدم الاعتداد ؟ ، صرّح العلّامة في "القواعد" بالأول ، وعنه في "نهاية الأحكام" تفسير الحرمة بعدم الاعتداد ، ولا يبعد القول بالأوّل في خصوص الطهارة الحدَثيّة .
  أمّا حيث يكون تشريعًا فواضح ، وأما حيث لا تشريع ، كما إذا كان عالِمًا بالفاسد ، وليس من ذوي الأتباع ، وقلنا : بعدم حصول التشريع في ذلك فللنواهي الكثيرة عن الوضوء بالماء القذر المفيد حرمة ذاتية المستلزمة للفساد ، بل هو الظاهر منهم في مسألة الإنائين ، بناء على جريانها على القاعدة، إذ لو كان الحرمة فيه تشريعية لأمكن القول بالاحتياط وعنده يسقط التشريع...) .
  أقول: لا إشكال في كون المراد من عدم الجواز في استعماله هو الحرمة الذاتية بالنسبة للشرب ، وأما بالنسبة لاستعماله بالطهارة الحدثيّة فيمكن أن يكون المراد من عدم الجواز هو الفساد أو الحرمة التشريعية ، وأمّا الحرمة الذاتيّة فهي بعيدة كلّ البعد ، بل ذكرنا سابقًا أنّه لا يوجد عندنا حرمة ذاتية في العبادات المنهي عنها ، إلّا في مورد أو موردين .
  وقد ناقشنا في كلّ منهما واخترنا الحرمة التشريعيّة فيهما .
 وبالجملة

: فإنّه لما استُعمل الماء النجس في الطهارة الحدثيّة بقصد التطهير به ، وهو يعلم أن الشارع المقدّس لم يشرّع الطهارة به ، فيكون قصده لذلك تشريعيًّا ، وهو محرم .
  ومن الغريب استدلال صاحب الجواهر للحرمة الذاتية بالنواهي الكثيرة عن الوضوء بالماء القذر ، إذ هذه الأخبار مفادها عدم الأمر بالتطهير بالماء النجس ، وأنّ الشارع المقدس لم يجعل الطهارة حاصله منه .
  ثمّ إنّ ما ذكرناه واضح فيما لو كان الماء المتنجّس معلومًا بالتفصيل ، وأمّا الماء المتنجّس المعلوم بالإجمال المردّد بين الإنائين فلا إشكال أيضًا في حرمة استعمالهما في الشرب حرمة ذاتية .
  والعقل حاكم بحرمة الغصبيّة ، ووجوب الاجتناب عن الماء المتنجّس ، سواء كان معلومًا بالتفصيل أو بالإجمال ، فإذا علم المكلّف بنجاسة أحد الإنائين فقد تنجّز في حقّه الأمر بالاجتناب عن النجس الواقعي ، فيجب عليه عقلًا الاجتناب عن كلٍّ من الإنائَين دفعًا للعقاب المحتمل ، وقد عرفت سابقًا استقلال العقل بحرمة المخالفة القطعيّة ، كاستقلاله بوجوب الموافقة القطعيّة للأوامر الشرعيّة .
  نعم قلنا: إنّه يُشترط في وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة أن يكون العلم الإجمالي منجزًا على كلّ تقدير ، بحيث أن يكون كل واحد من الأطراف لو كان هو النجس لتوجّه إلى المكلّف بالنسبة إليه خطاب بالاجتناب عنه ، فلو كان بعض الأطراف ممّا لا يتنجّس بملاقاة النجس ، أو كان ممّا اضطر إلى ارتكابه بسببٍ سابق على العلم الإجمالي ، أو كان خارجًا عن محلّ الابتلاء ونحو ذلك ، فيجري الأصل حينئذٍ في الطرف الآخر بلا معارض ، وينحلّ العلم الإجمالي ، هذا كلّه بالنسبة لاستعماله في الشرب .
  وأمّا استعماله في الطهارة الحدثيّة فقد ذكرنا المسألة بالتفصيل عند قول المصنّف سابقا : ولو اشتبه المطلق بالمضاف - إلى أن قال : - بخلاف المشتبه بالنجس، وقلنا : إنّه يمكنه أن يتوضّأ من كلّ منهما احتياطا ، وهذا لا تشريع فيه أصلا ، وذكرنا أيضًا الموثّقتين الواردتين في المسألة ، فراجع ، فإنّه مهم .
 
 والحمد لله رب العالمين
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo