الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/06/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ موت العقرب\ حكمها
قال المصنف:
( وما مات فيه العقرب )
( وما مات فيه العقرب )
المشهور بين الأعلام قديمًا وحديثًا طهارة ميتة العقرب ، وأنّها لا تنجس ما يلاقيها برطوبة ، خلافًا للشيخ في "النهاية" حيث قال: ( كلّ ما وقع في الإناء ، ومات فيه ، مما ليس له نفس سائلة ، فلا بأس باستعماله ذلك الماء ، إلّا الوزغ والعقرب خاصة فإنّه يجب إهراق ما وقع فيه وغسل الإناء ...) .
وقد يُستدل للشيخ - بالنسبة للعقرب - بروايتين :
الأولى: موثقة أبي بصير عن أبي جعفر قال: ( سألته عن الخنفساء تقع في الماء أيُتوضأ به ؟ ، قال : نعم لا بأس به ، قلت : فالعقرب ، قال : أرقه )
[1]
.
الثانية: موثّقة سُماعة قال: ( سألت أبا عبد الله عن جرّة وُجد فيه خنفساء قد مات ، قال : ألقه ، وتوضّأ منه ، وإن كان عقربا فأرق الماء ، وتوضأ من ماء غيره )
[2]
.
وفيه: أنّهما محمولتان على استحباب إراقة الماء ، واستحباب التوضّؤ من ماء غيره ، وذلك جمعًا بينهما ، وبين غيرهما من الأدلّة
الأدلة المعارضة
منها: موثّقة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله قال: ( سئِل عن الخنفساء ، والذباب ، والجراد ، والنملة ، وما أشبه ذلك ، يموت في البئر ، والزيت ، والسمن وشبهه ، قال : كلّ ما ليس له دم فلا بأس به )
[3]
والمراد بما ليس له دم ما لا نفس سائلة .
وفي خبر ابن مسكان قال: ( قال أبو عبد الله: كلّ شيء يسقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس ، وأشباه ذلك ، فلا بأس )
[5]
.
ولكنّه ضعيف لأنّ ابن سنان الوارد في السند هو محمد الضعيف لا عبد الله الثقة ، ولا أقلّ من التردد بينهما ، منها: خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر قال: ( سألته عن العقرب ، والخنفساء ، وأشباههن ، تموت في الجرّة والدنّ ، يُتوضأ منه للصلاة ؟ ، قال : لا بأس به )
[6]
.
وهو ضعيف أيضًا ، لأنّ عبد الله بن الحسن الرواي عن جدّه علي بن جعفر مهمل .
والخلاصة: أنّ ما ذهب إليه المشهور إليه هو الصحيح ، وأمّا كراهة سؤره فهو المشهور بين الأعلام ، وقد يُستدل لهم بمرسلة الوشّا المتقدّمة ، وبموثقتَي أبي بصير ، وسُماعة ، المتقدمين ، أمّا مرسلة الوشّا فهي ضعيفة بالإرسال ، وقد تقدّم الكلام عنها سابقًا عند الكلام عن سؤر الجلّال وغير مأكول اللحم .
وأما الموثّقتان فالمستفاد منهما هو استحباب إراقة الماء لا كراهة السؤر ، اللهم إلّا أن يُقال : إنّ الأمر بالترك يُستفاد منه ذلك ، أو يُقال : إن ترك المستحب مكروه ، وفيهما ما لا يخفى ، والله العالم .
قال المصنف:
( ويُحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به في الطهارة )
( ويُحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به في الطهارة )
قال المصنّف في "الذكرى": ( يُحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به ، في الطهارة مطلقًا لعدم التقرب بالنجاسة ... )
وقال في الجواهر ( وهل المراد بعدم الجواز الإثم ، أو عدم الاعتداد ؟ ، صرّح العلّامة في "القواعد" بالأول ، وعنه في "نهاية الأحكام" تفسير الحرمة بعدم الاعتداد ، ولا يبعد القول بالأوّل في خصوص الطهارة الحدَثيّة .
أمّا حيث يكون تشريعًا فواضح ، وأما حيث لا تشريع ، كما إذا كان عالِمًا بالفاسد ، وليس من ذوي الأتباع ، وقلنا : بعدم حصول التشريع في ذلك فللنواهي الكثيرة عن الوضوء بالماء القذر المفيد حرمة ذاتية المستلزمة للفساد ، بل هو الظاهر منهم في مسألة الإنائين ، بناء على جريانها على القاعدة، إذ لو كان الحرمة فيه تشريعية لأمكن القول بالاحتياط وعنده يسقط التشريع...) .
أقول: لا إشكال في كون المراد من عدم الجواز في استعماله هو الحرمة الذاتية بالنسبة للشرب ، وأما بالنسبة لاستعماله بالطهارة الحدثيّة فيمكن أن يكون المراد من عدم الجواز هو الفساد أو الحرمة التشريعية ، وأمّا الحرمة الذاتيّة فهي بعيدة كلّ البعد ، بل ذكرنا سابقًا أنّه لا يوجد عندنا حرمة ذاتية في العبادات المنهي عنها ، إلّا في مورد أو موردين .
وقد ناقشنا في كلّ منهما واخترنا الحرمة التشريعيّة فيهما .
وبالجملة
: فإنّه لما استُعمل الماء النجس في الطهارة الحدثيّة بقصد التطهير به ، وهو يعلم
: فإنّه لما استُعمل الماء النجس في الطهارة الحدثيّة بقصد التطهير به ، وهو يعلم
[1] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح5
[2] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح6
[3] - الوسائل باب10 من أبواب الأسآر ح1
[4] - الوسائل باب10 من أبواب الأسآر ح2
[5] - الوسائل باب10 من أبواب الأسآر ح3
[6] - الوسائل باب10 من أبواب الأسآر ح5