الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/05/27
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ الأسئار\ السؤر يتبع الحيوان طهارة ونجاسة\سؤر الحائض
كان الكلام في سؤر الحائض والانصاف:
أوَّلًا: أنّه لا يوجد في الأخبار نهي مطلق عن سؤر الحائض ، وإنّما الموجود ما عرفته من التقييد بالوضوء .
وثانيًا: أنّه يوجد في جملة من الأخبار التصريح بنفي البأس عن الشرب .
وعليه: فمقتضى الصناعة العلمية هو الاقتصار في الكراهة على الوضوء من سؤر الحائض غير المأمونة ، إذ لا دليل على التعميم إلّا الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وفيه ما لا يخفى .
بقي في المقام شيء ، وهو أنّ جماعة من الأعلام هم المصنّف في "البيان" ألحق بالحائض النفساء والمستحاضة المتّهمة ، بل كلّ متهم .
وفيه: أنّه لا دليل على الإلحاق ، إلّا أن يُفهم من التقييد بغير المأمونة أنّه علّة للحكم فيكون المناط في الكراهة كلّ غير مأمون من التحفّظ عن النجاسة ، فيشمل مَن وجد فيه هذا المناط .
والانصاف: أنّ ما ذكره المصنّف في "البيان" ، وغيره في غيره ، لا يخلو من قوّة ، لما يُفهم عرفًا من كون التقييد بذلك علّة للحكم يدور الحكم مدارها ، ولذا نفينا الحكم بالكراهة عن الحائض المأمونة ، والله العالم بحقائق أحكامه .
قال المصنف: ( والدجاج )
ذهب جماعة من الأعلام إلى كراهة سؤر الدجاج منهم العلّامة حيث علّل الكراهة بعدم انفكاك منقارها عن النجاسة غالبًا ، وحكى المحقّق في "المعتبر" عن الشيخ في "المبسوط" أنّه يُكره سؤر الدجاج على كلّ حال ثمّ قال المحقّق : ( وهو حسن إن قصد المهملة ، لأنّها لا تنفكّ من الاغتذاء بالنجاسة ... ) .
أقول: لا دليل معتدّ به على ثبوت الكراهة ، بل الروايات العامّة ، والخاصّة ، دلّت على نفي البأس عن التوضّؤ والشرب من سؤرها .
أمّا الروايات العامة :
فمنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال : (لا بأس أن تتوضّأ ممّا شرب منه ما يؤكل لحمه )
[1]
وما يؤكل لحمه يشمل الدجاج .
ومنها: موثّقة عمّار بن موسى عن أبي عبد الله قال: ( سئِل عمّا تشرب منه الحمامة ، فقال : كلّ ما أُكل لحمه فتوضّأ من سؤره ، واشرب ، وعن ماء شرب منه باز ، أو صقر ، أو عقاب ، فقال : كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّا شرب منه ، إلّا أن ترى في منقاره دمًا ، فإن رأيت في منقاره دمًا فلا توضّأ منه ، ولا تشرب )
[2]
.
والاستدلال في هذه الموثّقة من جهتين :
الأولى: قوله : (كل ما أكل لحكمه ... ) ، فإنّه يشمل الدجاج .
الثانية: قوله : (كلّ شيء من الطير ... ) ، والدجاج من الطيور ، اللهم أن يُقال : إن الطيور منصرف إلى غير الدجاج .
وأمّا الروايات الخاصة :
فمنها: موثّقة عمّار المتقدّمة حيث ورد في ذيلها على نسخة "التهذيب" و"الاستبصار" ( وسئِل عن ماء شربت منه الدجاجة ، قال : إن كان في منقارها قذر لم يتوضّأ منه ، ولم يشرب ، وإن لم يُعلم أنّ في منقارها قذرًا توضّأ منه ، واشرب )
[3]
ولكنّ نسخة الكليني الخالية عن هذا الذيل أضبط ، وحتّى لو تساويتا فالأصل عدم ثبوت هذه الزيادة ، إذ لم تُحرز أنّ الرواية نُقلت إلينا مع الزيادة أو بدونها .
والحمد لله رب العالمين
[1] - الوسائل باب 5 من أبواب الأسآر ح1
[2] - الوسائل باب 4 من أبواب الأسآر ح2
[3] - الوسائل باب 4 من أبواب الأسآر ح3