< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المضاف\ حكمه
 كان الكلام في المضاف وقلنا ما لا يتناوله إطلاق الماء وبقي الكلام في حكمه
 قال المصنف: ( طاهر، وينجس بالملاقاة وإن كثر )
 لا إشكال في طهارته مع طهارة أصله ، ويدلّ عليه - مضافًا للتسالم
 موثقة عمّار المتقدّمة عن أبي عبد الله ( في حديثٍ قال: كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنّه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك ) [1] (1)
 وأمّا إذا كان أصله نجسًا فهو نجس ، كما إذا عصرنا فاكهة متنجّسة ، فإن الماء الحاصل منها نجس .
 قال المحقّق في "المعتبر": ( هذا مذهب الأصحاب ، لا أعلم فيه مخالفًا )
 وقال العلّامة في "المنتهى": ( لا خلاف بيننا أنّه ينجس بالملاقاة وإن كثر ، سواء كانت النجاسة قليلة ، أو كبيرة ، وسواء غيّرت أحد أوصافه ، أو لم تغيّره )
  وقال في "الجواهر" ( إجماعًا منقولًا نقلًا يُستفاد منه التحصيل ... )
 وذكر المحقّق الهمداني ( أنّ الإجماعات المنقولة مستفيضة ، بل متواترة معتضدة بعدم نقل الخلاف في المسألة ).
  أقول: يظهر أنّ المسألة في الجملة متسالم عليها ، ولم يُخالف فيها أحد ، وإنّما الكلام في نجاسة الكثير منه بالملاقاة ، فهل ينجس المضاف بالملاقاة إذا كان كثيرا ؟ .
  أقول: لا بدّ من ذكر الأدلة الواردة في المسألة ، وهي كثيرة :
 الأدلة
 منها: الإجماع .
  وفيه: - بعد التسليم أنّه نقل بالتواتر - : أنّه دليل لبّي يُقتصر فيه على القدر المتيقن ، وهو القليل ، اللهم إلّا أن يُدعى الإطلاق في معقد الإجماع ، وهو غير واضح .
 ومنها: ما ذكره المحقّق في "المعتبر" بأنّ المائع قابل للنجاسة ، والنجاسة موجبة لنجاسة ما لاقته فيظهر حكمها عند الملاقاة ، ثمّ تسري النجاسة بممازجة المائع بعضه بعضًا ، قال في "المدارك" : وهو حسن ، ولكن في الواقع لا حسن فيه ، إذ لا يوجد دليل يدلّ على نجاسة جميع المايعات بملاقاة النجاسة ، أو المتنجس بأيّ نحو كان .
  ومنها: صحيح زرارة عن أبي جعفر قال : ( إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت ، فإن كان جامدًا فألقها ، وما يليها ، وكلّ ما بقي ، وإن كان ذائبا فلا تأكله ، واستصبح به ، والزيت مثل ذلك ) [2] .
  وقد استشكل بعض الأعلام بأنّ مورد الصحيحة ليس ممّا نحن فيه ، فإنّ المضاف في اصطلاحهم لا يشمل مثل الدهن والزيت .
  ولكنّ الانصاف أنّ هذا الإشكال في غير محلّه ، لأنّ الظاهر كون الذوبان ، والميعان ، علّة لنجاسة الكل ، فيستفاد منه عموم الحكم للمضاف ، وكلّ مائع ؛ نعم لا يظهر من الصحيح أنّه شامل للكثير ، بل ظاهره القلّة ، لأنّها المتبادِر من هكذا استعمالات ز
 ومنها: معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه: ( أنّ عليًّا سئِل عن قِدر طبخت ، وإذا في القِدر فأرة ، قال : يُهرق مرقها ، ويُغسل اللحم ، ويُؤكل ) [3] .
  واستشكل بعضهم كالمحقّق الخونساري بعدم ظهورها في النجاسة
  وفيه: أنّ الأمر بإهراق المرق ، وغسل اللحم ، ظاهر جدًّا في كون ذلك للنجاسة ، فلا إشكال حينئذٍ ؛ نعم يرد عليها ما ذكرناه في صحيح زرارة من عموم ظهورها في الشمول للكثير ، بل المتبادِر منها لقليل .
 ومنها: رواية زكريا بن آدم قال: ( سألت أبا الحسن عن قطرة خمر ، أو نبيذ مسكر ، قطرت في قِدر ، فيه لحم كثير ، ومرق كثير ، قال : يهراق المرق ، أو يطعمه أهل الذمة ، أو الكلب ، واللحمُ اغسله وكُله ) [4] وهي ظاهرة في كون السبب في إهراق المرق وغسل اللحم النجاسة ؛ وأمّا احتمال أن يكون السبب اشتمالها على المحرم مدفوع باستهلاك الأعيان المحرمة .
  لا يقال: إنّها ظاهرة جدًّا في شمولها للكثير ، لقوله في الرواية : ( ومرق كثير )
 فإنّه يُقال: إنّ المراد بالكثرة هي الكثرة العرفية لا الشرعية ، بقرينة عطفه على اللحم الكثير ، وهو ظاهر في الكثرة العرفية .
  والذي يهون الخطب في المقام أنّها ضعيفة بجهالة الحسين بن مبارك ، والموجود في الوسائل الحسن بن مبارك ، ولكنّ الصحيح هو الحسين ، لأنّ الحسن غير معنون عند الرجاليين ، وممّا يُؤيّد ذلك أنّ صاحب "الوسائل" ذكر هذه الرواية في باب الأشربة المحرمة عن الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن موسى عن الحسين بن المبارك عن زكريا بن آدم ، وهي في هذا السند ضعيفة أيضًا بمحمد بن موسى ، فإنّه مشترك بين عدّة أشخاص ، منهم الضعيف والمجهول .
  والخلاصة إلى هنا أنّه لا دليل على تنجّس المضاف الكثير بالملاقاة ، فإنّ هناك تسالم بينهم على ذلك ، وإلا فقد عرفت ما هو الصحيح ، والله العالم


[1] - الوسائل باب 37 من أبواب المضاف ح 4
[2] - الوسائل باب 5 من أبواب المضاف ح1
[3] - الوسائل باب 5 من أبواب المضاف ح 3
[4] - الوسائل باب 38 من أبواب النجاسات ح 8

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo