< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء الغسالة\ أدلة الطهارة
 لا زال الكلام في الاستدلال على طهارة الغسالة مطلقا
 الدليل الثامن: قد استُدل للطهارة بالتعليل المتقدّمة في ماء الاستنجاء في رواية يونس بن عبد الرحمان عن رجل عن العيزار عن الأحول حيث ورد في الذيل ( أوَ تدري لِمَ صار "لا بأس به" ، قلت : لا ، واللهِ ، فقال : إنّ الماء أكثر من القذر ) [1] .
  وفيه:
 أوَّلًا: ضعيف بالإرسال ، وبجهالة العيزار .
 وثانيًا: أنّ الأخذ بعموم التعليل يستوجب البناء على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجس ، كما هو مذهب ابن أبي عقيل ¬ .
  أضف إلى ذلك أنّ هذا الدليل لو تمّ لدلّ على طهارة المستعمل في إزالة عين النجاسة ، باعتبار أنّ مورده ماء الاستنجاء ، لأنّ المراد من القذر في الرواية هو البول ، أو العذرة الموجودة في محلّ النجو .
  الدليل التاسع: ما روي عن أبي هريرة ( أنّ أعرابيًّا بال في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وآله صبّوا عليه سجالًا من ماء ( أو قال : ذنوبًا من ماء ) [2]
  السجل : الدلو الصخمة المملوءة ماء ، والذنوب الدلو العظيمة ، وحُكي عن الشيخ في "الخلاف" أنّ النبي صلى الله عليه وآله لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيده نجسا ، فيلزم أن يكون الماء باقيًا على طهارته .
 وفيه:
 أوّلًا: أنّ روايها أبو هريرة ، وما له معلوم ، كما أنّ في السند بعض الأشخاص الضعاف .
 وثانيًا: أنّها قضية في واقعة مجملة ، إذ يحتمل أن يكون الأمر بصبّ الذنوب بعد جفاف البول ، أو حتى تجففه الشمس .
 الدليل العاشر: أصالة الطهارة ، إذ لو فرض عدم الدليل الاجتهادي على الطهارة ، فإن الأصل يقتضيها ، بعد ما لم يثبت القول بالنجاسة .
 إن قلت: إنّ غير الدليل الأوّل ، والثاني ، من هذه الأدلّة يدلّ على طهارة الغسلة التي يتعقّبها طهارة المحلّ ، ولا يدلّ على طهارتها مطلقًا .
  قلت: يظهر أنّ كلًا من الغسلتين سبب ، والطهارة تحصل بالمجموع، والله العالم بحقائق أحكامه.
 قال المصنف

( والأولى أن ماء الغسلة كمغسولها قبلها )

 يظهر من هذه العبارة كما أشرنا إليه سابقًا أنّ المصنف قائل بالنجاسة لكن لا على سبيل الجزم
  ثم إنّه ينبغي التنبيه على أمرين :
  الأمر الأول: بناء على القول بالطهارة هل يرفع به الخبث ، والحدث ، أم لا ، قال صاحب "المدارك" : (اختلف القائلون بعدم نجاسة الغسالة في أنّ ذلك هل هو على سبيل العفو - بمعنى الطهارة دون الطهورية - أو تكون باقية على ما كانت عليه من الطهورية ، أو يكون حكمها حكمُ رافعِ الحدث الأكبر فقال : بكل قائل ، وقال في "المعتبر" : أنّ ما يزال به النجاسة لا يرفع به الحدث إجماعًا )
 والمراد من القول الأوّل هو أنّ الماء طاهر ، ولكنّه لا يرفع الحدث ، ولا الخبث ، والمراد من القول الثاني هو رفع الحدث والخبث ، والمراد من القول الثالث هو رفع الخبث دون الحدث .
  ومهما يكن قد استُدل لعدم رفعه للحدث بالإجماع المدّعى من المحقّق والعلّامة، وبمعتبرة ابن سنان المتقدمة الناهية عن التوضؤ من الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل به الرجل من الجنابة .
  وفيه: أمّا الإجماع المنقول بخبر الواحد فقد عرفت حاله ، مضافًا إلى احتمال أن يكون الوجه في عدم رفع الحدث هو ذهابهم إلى نجاسة الغسالة ، أو احتمال أن يكون المدرك لإجماعهم رواية ابن سنان ، وغيرها ، فلا يكون حينئذٍ إجماعًا تعبديًّا كاشفًا عن رأي المعصوم ، وأمّا معتبرة عبد الله سنان فقد تقدم الكلام عنها ، وأنّها لا يستفاد منها ما ذكروه .
  والإنصاف

أنّه يجوز رفع الحدث والخبث به لأنّه ماء طاهر فتشمله إطلاقات أدلّة الغسل بالماء .
 وأمّا دعوى انصرافها عن مثل هذا الماء فعهدتها على مدّعيها ، والله العالم .
 الأمر الثاني: اختلف الأعلام في ملاقي الغسالة ، بناء على نجاستها على أقوال ثلاثة :
  أحدها: الاكتفاء بغسل ما أصابه مرّة واحدة ، سواء أكان من الغسلة الأولى أم الثانية ، وحُكي هذا القول عن صاحب "المعالم" ، وحُكي أنّه نقله عن بعض المعاصرين ، وفي "مفتاح الكرامة" أنّه قواه الأستاذ ، وستعرف - إن شاء الله تعالى - أنّ هذا الإنصاف بناء على نجاسة الغسالة .
 والحمد لله رب العالمين
 


[1] - العلل 1 : ص287 ، الوسائل باب 13 من أبواب الماء المضاف ح2
[2] - مستدرك الوسائل باب 54 من أبواب النجاسات ح 4

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo