< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ الماء المستعمل في رفع النجاسة \ أدلة الطهارة
 كان الكلام في ما ذكره السد المرتضى وابن ادريس من انه يشترط ان يكون الماء وارد على النجاسة وقد ذهب الى الطهارة
 وأجاب العلامة في "المختلف" عن دليل السيّد المرتضى بالمنع من الملازمة ، قال : ( فإنّا نحكم بطهير الثوب ، والنجاسة في الماء بعد انفصاله عن المحل ).
 وفيه: أنّه لا وجه للقول بنجاسته بعد الانفصال ، فإذا كان طاهرًا حين الاتصال ، وحين كونه في المحل ، فما الذي أوجب نجاسته بعد انفصاله عن المحلّ ؛ نعم مقتضى كلام السيد المرتضى عدم نجاسة الماء بوروده على النجاسة مطلقًا ، سواء في ذلك ما يُزال به النجاسة ، وغيره ، ولا يختصّ كلامه بالماء المستعمل في إزالة الخبث
  والخلاصة

أنّ السيد المرتضى يقول بالطهارة مطلقًا ، سواء في الغسلة الأولى والثانية ، بشرط ورود الماء على النجاسة .
  والإنصاف هو القول بالطهارة مطلقًا من غير فرق بين الغسلة الأولى والثانية ، ذهب إليه جماعة من الأعلام ، منهم الشيخ في "المبسوط" ، بل في "اللوامع" أنّ عليه المرتضى وجلّ الطبقة الأولى وفي "جامع المقاصد" الأشهر بين المتقدمين أنّه غير رافع ، وفي "مفتاح الكرامة" عن كشف الالتباس أنّ عليه فتوى شيوخ المذهب ، كالسيد ، والشيخ ، وبني إدريس وحمزة ، وأبي عقيل ، وممّن ذهب إلى هذا القول صاحب الجواهر وأصرّ عليه ، وصاحب المدارك حيث عرفت أنه يميل إلى ما ذهب إليه السيد المرتضى .
  كما أنّ المصنف في "الذكرى" يميل في ظاهر كلامه إلى القول بالطهارة مطلقًا ، وحُكي عن المحقق الكركي في بعض فوائده اختياره .
 وممّا يدل على القول بالطهارة مطلقًا من غير فرق بين الغسلة الأولى والثانية ، وبين ورود الماء في المتنجس وبالعكس ، عدة أمور :
  الأوَّل: ما ذكرناه سابقًا في مبحث الماء القليل من أنّ الماء القليل لا ينفعل بملاقاة المتنجّس .
  الثاني: على تقديرِ الانفعال ، كما ذهب إليه المشهور ، إلّا أنّه لا يوجد عموم ، أو إطلاق أحوالي ، وعليه فلا دليل على نجاسة الماء القليل الملاقي للمتنجس في حال كونه غسالة .
 الثالث: لو سلّمنا وجود العموم أو الإطلاق - أي إنّ كل ماء قليل ينفعل بالملاقاة - إلّا أنّ هذه القاعدة معارضة بقاعدة "أنّ المتنجس لا يطهر" ، وهي مقدمة على القاعدة الأولى ، وذكرنا الوجه في التقديم عند الاستدلال للقول بالنجاسة مطلقا ، فراجع .
  الرابع: ما ذكره الشيخ الطوسي في المبسوط من أنّ ما يبقى في الثوب جُزء منه ، وهو طاهر بالإجماع ، فيكون المنفصل أيضًا كذلك ، وحاصله أنّه لا يعقل ماء واحد المنفصل منه نجس ، والباقي في الثوب طاهر .
  ولكن يرد عليه

أنّ ما يبقى في الثوب هو الباقي في المرة الثانية ، أو الأعم ، فإن كان الثاني فالإجماع ممنوع ، وإن كان الأوّل فلا يثبت به تمام المدّعى ، إذ اللازم منه طهارة ماء الغسلة الثانية ، لا مطلقا .
 الخامس: لزوم العسر والحرج ، فإنّ في التحرز عن الغسالة حرجًا في أغلب الأحيان .
  ومن هنا قال صاحب الجواهر: ( ولو تأمّل الناظر في عمل القائلين بالنجاسة ، وكيفيّة عدم تحرزهم عنها ، لقطع بأنّ عملهم مخالف لما يفتون به ، بل لو اتفق أنّ بعض الناس صبّ على فمه ، وبقي يهزّ رأسه لقطع ماء الغسلة المتخلّف في شعر شاربه ، ولحيته ، ومنخره ، لعدّوه من المجانين ، بل من المخالفين لشريعة سيد المرسلين ، بل هؤلاء الحاكمون بالنجاسة لا ينتظرون شيئًا من ذلك ، ويبقى يتقاطر على ثيابهم ، بل لعلّ المتخلّف الذي يتساقط عليهم أكثر من الذي انفصل بمراتب شتّى ).
 وفيه: أنّ المراد من العسر والحرج المنفيين هما العسر والحرج الشخصيين لا النوعيين ، وعليه فهذا يختلف باختلاف الأشخاص ، والأحوال ، والأزمان ، ولا يمكن نفي الحكم كليّة ، وقد عرفت أنّ مشهور المتأخرين ذهب إلى النجاسة ، ولم يكن عليهم عسر ولا حرج في التحرّز عن الغسالة .
  وأمّا ما ذكره من الإشكال - بما يتقاطر على الثوب والبدن بعد تحقق الغسل
 ففيه: أنّ ظاهر المشهور القائل بالنجاسة هو طهارة الباقي في المحلّ بعد تحقق الغسل ، فلا إشكال فيما يتقاطر على الثياب ، والبدن ، بعد تحقق الغسل .
  السادس: صحيح ابن مسلم قال : ( سألت أبا عبد الله عن الثوب يصيبه البول ، قال : اِغسله في المركن مرتين ، فإن غسلته في ماء جارٍ فمرة واحدة ) [1]
 ولا يخفى أن تطهيره بذلك لايتمّ إلّا على القول بطهارة الغسالة ، إذ المراد بالمركن الإناء الذي يغسل به الثياب ، وبناء على نجاسة الغسالة لا ريب في نجاسة الثوب بالإناء المباشر بماء الغسالة ، فلا يمكن تطهيره حينئذٍ ، وهذا الدليل لا بأس به .
 

السابع: صحيحة الأحول المتقدّمة عن أبي عبد الله قال: ( قلت له : أستنجي ثمّ يقع ثوبي فيه ، وأنا جنب ، فقال : لا بأس به ) [2]
 إذ يحتمل إرادة السائل اختلاط الماء المستعمل في إزالة الجنابة بماء الاستنجاء فيكون ترك الاستفصال دليلًا على العموم .
  وفيه: - مع قطع النظر عن دعوى ظهور الصحيحة في الاستنجاء من الغائط ، والبول ، ويكون ذكر الجنابة لتوهم سراية النجاسة المعنوية الحدثية إلى الماء - : أنّه لو تمّ ترك الاستفصال دليلًا لاقتضى طهارة المستعمل في إزالة العين ، كما في ماء الاستنجاء من البول ، والغائط ، مع أنّ القائل بطهارة الغسالة لا يقول : بطهارة الماء المستعمل في إزالة


[1] - الوسائل باب2 من أبواب النجاسات ح1 .
[2] - الوسائل باب13 من أبواب الماء المضاف ح4 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo