< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء الاستنجاء\ أدلة الطهارة
 لا زال الكلام في شرائط طهارة ماء الاستنجاء ذكرنا أربع شروط
 الأمر الخامس: عدم التعدّي الفاحش على وجه لا يصدق معه الاستنجاء ، وهو واضح ، إذ مع عدم الصدق يخرج عن محل الكلام ، لأنّ الموضوع البحث هو ماء الاستنجاء .
  الأمر السادس: ما ذكره بعضهم من اشتراط سبق الماء اليد، فلو سبقت اليد تنجّست ، وكانت كالنجاسة الخارجيّة .
 وفيه: أن ترك الاستفصال يقتضي المساواة في الحكم ، نعم العفوّ عن نجاسة اليد إنّما هو من حيث كونها آلة للغسل ، فلو تنجّست بما في المحلّ لفرض آخر غير الغسل كانت في معنى النجاسة الخارجية .
  الأمر السابع: ما ذكره المصنّف رحمه الله في "الذكرى" ، من اشتراط عدم زيادة وزنه ، والمراد وزنه قبل الاستنجاء به ، وبعده فإن كان زائدًا بعد الاستنجاء فهو نجس .
  وفيه: ما لا يخفى ، لا سيما مع عدم انضباطه ، والله العالم .
  إذا عرفت ذلك
 فنقول: إنّه لا ينبغي الإشكال - بعد القول : بطهارته - في جواز شربه ، وإزالة الخبث به ، لأنّ الأصل في الأشياء الطهارة ، والإباحة .
  ويدلّ على جواز إزالة الخبث به
 الإطلاقات ، لأنّ الأوامر إنّما وردت بالغسل بالماء الطاهر ، وهذا يصدق عليه أنّه ماء طاهر ، وأمّا رفع الحدث به فقدِ ادّعى جماعة كثيرة الإجماع على عدم جواز استعماله في رفع الحدث ، منهم العلامة في "المنتهى" ، و"التحرير" .
 وفيه: أن الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وإن كثر ناقله ، فهو غير حجّة على ما عرفت ، لاسيّما مع احتمال أن يكون مدرك إجماعهم هي معتبرة عبد الله بن سنان المتقدّمة ، ومع هذا الاحتمال لا يكون الإجماع تعبديًّا كاشفًا عن رأي المعصوم .
 وقد يُستدل لعدم جواز رفع الحدث به
 معتبرة عبد الله بن سنان المتقدّمة عن أبي عبد الله حيث ورد فيها ( الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل به الرجل من الجنابة ، لا يجوز أن يُتوضأ منه وأشباهه ... ) [1] .
  وفيه: أنّ الاستدلال مبني على جواز التعدي منه إلى المقام لأن مورد المعتبرة غسل الثوب ، وكلامنا في ماء الاستنجاء .
 ولعلّ عدم جواز الوضوء في مورد المعتبرة لأجل نجاسة الغسالة ، كما ذهب المشهور إلى نجاستها ، فكيف يمكن أن نعدّيه إلى ماء الاستنجاء الذي قد عرفت طهارته ؟! .
  ومن هنا نقول

: إنّ ما ذهب إليه صاحب "الحدائق" و"المستند" ، وفاقًا للمحكي عن الأردبيلي ، من جواز رفع الحدث به ، هو الصحيح ، والله العالم .
 قال المصنف:

( ولا فرق بين المخرجين )

 قال المصنّف رحمه الله في الذكرى : ( ولا فرق بين المخرجين ، للشمول ) [2] ، وفي "المدارك" ( وإطلاق النص ، وكلام الأصحاب ، يقتضي لا فرق في ذلك بين المخرجين ) [3] .
  ولكنّ الإنصاف أنّه وإن لم ينقل عن أحد التصريح بالفرق بين المخرجين إلّا أنّ هذا لا يكشف عن شمول لفظ الاستنجاء لما يُغسل به من البول ، لأنّ الاستنجاء في الأصل غسل موضع النجو وهو الغائط ؛ نعم عن جماعة من الأعلام منهم صاحب "الجواهر" التصريح بشموله لغسل مخرج البول .
  وعليه

فإن قلنا: بالشمول فلا إشكال في المقام ، وإن لم نقل به فيمكن إلحاق البول بالغائط من
 جهة الملازمة العرفيّة ، فإنّ الغالب في الاستنجاء من الغائط أن يكون معه استنجاء من البول ، وقلّ ما ينفكّ عنه ، فترك الاستفصال في الأخبار يفيد العموم والمساواة في الحكم ، ويبقى حكم صورة انفراد البول ، فتلحق بذلك من باب عدم القول بالفصل .
  ثم المعروف بين الأعلام عدم الفرق بين المخرج الطبيعي وغيره ، إذا كان معتادًا ، بحيث يصدق عليه اسم النجو ، والانصراف إلى خصوص الطبيعي بدويّ ، منشؤه نُدرة الوجود ، فلا يضرّ بالإطلاق ، وأمّا إذا لم يكن معتادًا ، بحيث كان الخروج اتفاقًا ، فلا يشمله الحكم ، لعدم صدق الاستنجاء ، والله العالم .
 قال المصنف:

( ولا بين المتعدي وغيره، وفي إزالة النجاسة نجس إن تغير ، وإلّا فنجس في الأولى على قول )

 أما التعدي قد عرفت سابقًا أنّه لا فرق بين المتعدّي وغيره ، ما لم يخرج عن صدق اسم الاستنجاء عليه عرفًا ، والله العالم .
 وأما الماء المستعمل في غسل الأخباث فلا إشكال في نجاسته مع التغيّر بأحد أوصاف النجاسة ، وفي "المدارك" ( أمّا نجاسته مع التغيّر فبإجماع الناس ، قاله في المعتبر ... )
  ولا يخفى أنّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام ؛ نعم يختصّ الحكم بالتغيّر بالنجاسة ، فلا تشمل ما لو تغيّر بالمتنجس كما تقدّم .
  وأمّا إذا لم تتغيّر فقد اختلف الأعلام في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسة الحكميّة - بعد اتفاقهم ظاهرًا على نجاسته في النجاسة العينيّة - على أقوال كثيرة أنهاها بعضهم إلى تسعة ، ونحن نتعرض للأقوال التي ذكرها المصنّف رحمه الله ، ثمّ نذكر ما هو المختار .


[1] - الوسائل باب9 من أبواب الماء المضاف ح13
[2] - ذكرى الشيعة ج 1 ص 83
[3] - مدارك الأحكام ج 1 ص 124

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo