< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ المستعمل في رفع الحدث الأكبر\ الأدلة
 كان الكلام بالنسبة للمستعمل في رفع الحدث الأكبر من الماء القليل وذكرنا رواية في ذلك وهناك روايات اخرى
 منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ( سألته عن ماء الحمام فقال أدخله بإزار ، ولا تغتسل من ماء آخر ، إلّا أن يكون فيهم ( فيه ) جنب ، أو يكثر أهله ، فلا يدرى : فيهم جنب أم لا ) [1] حيث دلّت على المنع من استعمال الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر في رفع الحدث ثانيا .
 ووجه الدلالة: أنّ الاستثناء من النهي يثبت وجوب المستثنى ، كما أنّ الاستثناء من الوجوب يثبت حرمة المستثنى ، ولَمَّا كان الاغتسال من ماء آخر غير الحمام منهيًّا عنه إذا لم يوجد جنب فمعناه وجوب الاغتسال من الماء الآخر إذا وجد جنب في الحمام ، ويترتب على ذلك الاغتسال بماء الحمام إذا كان فيه جنب .
 وفيه: أنّ الاستثناء من النهي لا يثبت وجوب المستثنى ، بل غايته ارتفاع النهي عن المستثنى ، وقد يكون مباحا ، كما أنّ الاستثناء من الوجوب لا يدلّ على حرمة المستثنى ، بل غايته ارتفاع الوجوب عنه .
  هذا كله بناء على استفادة الحرمة من النهي عن الاغتسال بالماء الآخر إذا لم يوجد الجنب في الحمام .
  ولكنّ الانصاف أنّ النهي عن الاغتسال بالماء الآخر لا يدل على الحرمة قطعًا ، للتسالم بين الأعلام على جواز الاغتسال من الماء الآخر إذا لم يوجد جنب في الحمام .
 وعليه

فالنهي محمول على الكراهة ، أو الإرشاد إلى ما هو الأصلح للشخص الذي يريد الاغتسال .
 وعليه

فلا تدلّ الصحيحة على عدم جواز استعمال الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر في رفعه ثانيا ، وذلك لأنّ الماء الموجود في الحمام :
  إمّا أن يُراد به ما هو الموجود في الحياض الكبيرة - أي ماء الخزانة - أو يراد به ما في الحياض الصغار ، أو المراد به الغسالة الجارية على وجه الأرض .
 أمّا الأوّل : ففيه :
 أوَّلًا: أنّه لم يتعارف الاغتسال منه قديما وحديثا .
 وثانيا: أنّ ماء الخزانة عادة يكون أكثر من الكرّ بكثير ، وقد عرفت أنّ الاغتسال بالماء الكثير لا يمنع من استعماله ثانيا ، وثالثا ، في رفع الحدث .
  وأمّا الثاني - أي إذا أُرِيد به ما في الحياض الصغار - : فالمعروف أيضًا أنّها متصلة بالمادة الجعلية ، أي ماء الخزانة الكثير ، فالاغتسال فيها كالاغتسال بالجاري ، فلا يمنع من استعماله بعد ذلك في رفع الحدث ثانيا ، وثالثا ، وهكذا ، هذا أوّلًا .
  وثانيًا: أنّه لم يُتعارف الاغتسال في الحياض الصغار ، إنّما المتعارف هو الاغتسال حولها ، بأخذ الماء منها ، وأما القطرات المنتضحة الواقعة في الحياض فلا يضرّ ، لاستهلاكها بماء الحياض .
  وقد تقدّم أيضًا في بعض الأخبار ما يدل على عدم البأس بما يُنتَضح من قطرات ماء الغسل في الإناء .
  وأمّا الثالث - أي ماء الغسالة الجارية على وجه الأرض - : بما أنّه لا يُغتسل به عادة ، بل لم يُعهد عن أحد أنّه اغتسل به فلا يمكن تنزيل الصحيحة عليه .
  وقد تبين من خلال ذلك أنّه لا يمكن النهي عن استعمال الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر في رفعه ثانيا ، وثالثا .
  إن قلت: كيف تفسّر النهي الوارد في الأخبار الكثيرة عن الاغتسال بماء الحمام ؟ ، ففي موثقة ابن أبي المتقدّمة عن أبي عبد الله قال: ( وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي ، والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم ... ) [2] .
 قلت: إنّ النهي عن الاغتسال بالحمام في حال وجود الجنب ، أو المشرك ، أو الناصبي ، وغيرهم ، إنّما هو لأجل اشتمال بدن الجنب على النجاسة الموجبة لتنجس مَن يجتمع معه حول الحوض الصغير ، الذي كان أخذ الماء منه متعارفًا في ذلك الوقت .
 وعليه

فيتعسّر حصول الغسل الصحيح إذا اغتسل حول الحوض الصغير ؛ ومن هنا كان الأمر بالاغتسال من ماء آخر حتّى يُحرز الغسل الصحيح .
  ثمّ لو تنزلنا عن كلّ ما ذكرناه ، وقلنا : إنّ صحيحة ابن مسلم دالّة على المنع ، إلّا أنّها معارَضة بصحيحته الأخرى قال: ( قلت لأبي عبد الله : الحمام يغتسل فيه الجنب ، وغيره ، أغتسل من مائه ؟ ، قال : نعم ، لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ، ثمّ جئت فغسلت رجلي ، وما غسلتهما إلّا ممّا لزق بهما من التراب ) [3] .
  ومن جملة أدلّة المانعين : رواية ابن مسكان قال: ( حدثني صاحب لي ، ثقة ، أنّه سأل أبا عبد الله ع عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ، فيريد أن يغتسل ، وليس معه إناء ، والماء في وهدة ، فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء ، كيف يصنع ؟ ، قال : ينضح بكفّ بين يديه ، وكفًّا من خلفه ، وكفًّا عن يمينه ، وكفًّا عن شماله ، ثمَّ يغتسل ) [4] .
 ولكنّها ضعيفة ، لتردد ابن مسكان - الوراد في السند - بين عبد الله الثقة ، ومحمد الضعيفان ، ورواها المحقّق رحمه الله في "المعتبر" ، نقلًا من كتاب "الجامع" لأحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله ، ورواها ابن إدريس في آخر "السرائر" من كتاب "نوادر البزنطي" عن عبد الكريم عن محمد بن ميسر مثله ، ولكنّها أيضًا ضعيفة لاشتراك عبد الكريم بين جماعة ، فيهم الثقة والضعيف ، كما أنّ محمد بن ميسر مشترك بين الثقة والضعيف .
 أضف إلى ذلك أنّها مرسلة لعدم ذكر المحقّق رحمه الله طريقه إلى "جامع البنزنطي" ، وكذا ابن إدريس ، وعليه

فالتعبير عنها بالصحيحة ، كما عن أكثر الأعلام في غير محلّه .
  هذا بالنسبة للسند وأما الاستدلال يأتي
 


[1] - الوسائل باب 7 من أبواب الماء المضاف ح 5
[2] - الوسائل باب 11 من أبواب الماء المضاف ح 5
[3] - الوسائل باب 7 من أبواب الماء المضاف ح 2
[4] - الوسائل باب 10 من أبواب الماء المضاف ح 2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo