< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ موت الثعلب والأرنب
 قال المصنف: ( وأربعين للثعلب ، والأرنب ، والكلب والخنزير والسنَّور والشاة)
 قال الشيخ المفيد في "المقنعة" : ( إذا ماتت فيها شاة ، أو كلب ، أو خنزير ، أو سنّور ، أو غزال ، أو ثعلب ، وشبهه في قدر جسمه ... إلخ ) [1] ، ومراده شبه كل منها ،.
  وفي "الذكرى" ( وموت الكلب ، وشبهه ، والسنّور ، في الأظهر - ثم قال بعد ذلك : - والثعلب والأرنب ، والشاة ، للشبه المذكور ) [2] .
  ثمّ إنّ ما ذكره المصنف - رحمه الله - من وجوب الأربعين ، للأمور المذكورة ،
 هو مذهب المشهور منهم "الشيخان" والسيد المرتضى ، وقال "الصدوق" في "الفقيه" ( في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السنّور سبْعُ دلاءٍ ، وفي الشاة ، وما أشبهها ، تسع دلاء إلى عشرة ) ، ويظهر من "ابن إدريس" في "السرائر" أنّ نزْح الأربعين للكلب من المسلَّمات .
  أقول: الأخبار الواردة في المقام مختلفة اختلافًا عظيمًا ، بحيث يصعب على الفقيه الجمع بينها جمعا عرفيًّا ، بناء على القول بالنجاسة .
  وإليك هذه الأخبار :
  منها: خبر عليّ قال: ( سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الفأرة تقع في البئر ، فقال : سبع دلاء ، قال : وسألته عن الطير ، والدجاجة ، تقع في البئر ، قال : سبع دلاء ، والسنّور عشرون ، أو ثلاثون ، أو أربعون دلوًا ، والكلب وشبهه ) [3]
  وهو ضعيف لأنّ الظاهر أنّ المراد بـ ( عليّ ) هو ابن البطائني الضعيف ، وأنّ المراد بالقاسم هو القاسم بن محمد الجوهري المجهول ، قال "الشيخ" : ( قوله - عليه السلام - الكلب ، وشبهه ، يريد به في قدر جسمه ، وهذا يدخل فيه الشاة ، والغزال ، والثعلب ، والخنزير ، وكلّ ما ذُكر ... إلخ ) ، ويقصد بـ ( كلّ ما ذكر ) ، أي ما ذكره الشيخ المفيد في "المقنعة" .
 ومنها: موثقة سُماعة قال: ( سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الفأرة تقع في البئر - إلى أن قال : - وإن كانت سنّورًا ، أو أكبر منه ، نُزحت منها ثلاثين دلوًا ، أو أربعين دلوًا ؛ وإن أنتن ، حتى يوجد الريح النتن في الماء ، نُزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء ) [4]
 وهاتان الروايتان مستند المشهور .
 ومنها: صحيحة أبي مريم قال: ( حدثنا جعفر ، قال كان أبو جعفر - عليه السلام - يقول إذا مات الكلب في البئر نُزحت ... إلخ ) [5] (1)
 والرواية صحيحة لأنّ الظاهر أنّ المراد بأبي مريم هو أبو مريم الأنصاري .
  ومنها: موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: ( سُئل عن بئر يقع فيها كلب ، أو فأرة ، أو حنزير ، قال : تُنزح كلّها ) [6] (2) .
  يحتمل أن تكون كلمة ( كلّها ) منصوبة على الظرفيّة ، فتكون الموثقة صريحة في نزح الكل ، ويحتمل أن تكون مرفوعة على الابتداء ، والخبر محذوف ، أي كلّها كذلك ، فلا تكون صرحية في نوح الكل ، نعم هي ظاهرة في ذلك .
 وقال صاحب الجواهر : (لم أرَ أحدًا عمل بها - رواية أبي مريم ، ورواية عمار - فهما معرَض عنهما بين الأصحاب ... إلخ ) [7] .
  وفيه: أنّ عدم العمل بهما لعلّه للتعارض بينهما ، وبين غيرهما ، من الأخبار مع ترجيح غيرهما ، لا لأجل الإعراض عنهما .
  ومنها: رواية أبي بصير قال: ( سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عمّا يقع في الآبار - إلى أن قال : - فإن سقط منها كلب ، فقدِرت أن تنزَح ماءها فافعل - الرواية - ) [8]
  وهي ضعيفة لتردد ابن سنان بين محمد الضعيف ، وعبد الله الثقة .
  ومنها: صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر - عليه السلام - قال: ( سألته عن البئر تقع فيها الحمامة ، والدجاجة ، أو الكلب أو الهرة ، فقال : يجزيك أن تنزح منها دلاء ، فإن ذلك يطهرها - إن شاء الله تعالى - ) [9] .
 ومنها: صحيحة الفُضلاء المتقدّمة ( في البئر تقع فيها الدابة ، والكلب والخنزير ، والطير، فيموت، قال : يخرج، ثمّ يُنزح من البئر دلاء - الرواية ) [10] (2) .
 ومنها: رواية البقباق قال: (قال أبو عبد الله - عليه السلام - في البئر يقع فيها الفأرة ، أو الدابة ، أو الكلب ، أو الطير ، فيموت ، قال : يُخرج ، ثم ينزح من البئر دلاء ، ثمّ يشرب منه ، ويتوضأ ) [11] (3)
 ضعيفة بجهالة القاسم .
  ومنها: صحيحة أبي أسامة زيد الشحّام عن أبي عبد الله - عليه السلام - ( في الفأرة ، والسنّور ، والدجاجة ، والكلب ، والطير ، قال : فإذا لم يتفسّخ ، أو يتغيّر طعم الماء ، فيكفيك خمسُ دلاء ، وإن تغيّر الماء فخذ منه حتى يذهب الريح ) [12] (4) .
  قال "المحقق" في "المعتبر" : ( إن رواية أسامة قوية السند ، لكنها متروكة بين المفتين ) ، وقال المصنف في "الذكرى" : ( إنّها نادرة لا تعارض المشهور ) ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - أنّ الإنصاف هو العمل بها ، بناء على القول بالنجاسة .
  ومنها: رواية عمرو بن سعيد بن هلال المتقدمة قال: ( سألت أبا جعفر عليه السلام عمّا يقع في البئر ما بين الفأرة والسنور إلى الشاة ، قال : كل ذلك نقول سبع دلاء ... إلخ ) [13]
  ولكنّها ضعيفة بجهالة عمرو بن سعيد بن هلال .
  ومنها: معتبرة إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه - عليه السلام - ( أنّ عليًّا - عليه السلام - كان يقول : الدجاجة ، ومثلها ، تموت في البئر يُنزح منها دلوان ، أو ثلاثة ، فإذا كانت شاة ، أو ما أشبهها ، فتسعة أو عشرة ) [14]
  وسيأتي إن - شاء الله تعالى - قريبًا وجه التعبير عنها بالمعتبرة .
  والإنصاف بعد هذا الاختلاف الشديد في الأخبار هو الأخذ بالقدر المتفق عليه بين جميع الأخبار ، ويُحمل الزائد على الاستحباب ، لما عرفت من أنّ شدّة الاختلاف بين الأخبار قرينة على الاستحباب ، إلا في القدر المتفق عليه ، وهو خمسة دلاء ، لما في صحيحة أبي أسامة ، أو أقلّ ما ينطبق عليه لفظ الدِلاء ، ولكنك عرفت أنّ دلاء جمع كثرة وأقلّه عشرة ، هذا كله بناء على القول بالنجاسة .
 
 
 
 
 
 


[1] - المقنعة الشيخ المفيد ص 66
[2] - الذكرى الشهيد ج 1 ص 95
[3] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 3
[4] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 4
[5] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 1
[6] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 8
[7] - جواهر الكلام ج 1 ص 235
[8] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11
[9] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 2
[10] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 5
[11] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 6
[12] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7
[13] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 5
[14] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 3

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo