< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ التطهير بالنزح
 إذا عرفت ذلك فهل ينحصر تطهير البئر المتنجس بالملاقاة بالنزح أم يمكن تطهيره بمطهر سائر المياه المتنجسة ؟.
  ذهب جماعة من الأعلام إلى الأول ، منهم المحقق في "المعتبر" ، وذهب المصنف هنا ، وفي "الذكرى" ، وغيره في غيرهما ، إلى الثاني ، وأنه يطهر بالامتزاج بالجاري والكثير ، ولا يهمنا تحقيقه .
 وقيده المصنف في "الذكرى" بما إذا كان مايعًا بالأصالة للاتفاق على عدم نجاسة الجامد بالأصالة ، ثم يظهر من عبارة المصنف - رحمه الله - عدم الفرق بين قليل المسكر وكثيره ، وبه صرح كثير من الأعلام ، خلاف للصدوق - رحمه الله - في "المقنع" ، حيث أوجب في القطرة من الخمر عشرين دلوًا ، ثم اعلم أنه لا يوجد رواية دالة على نزح الجميع للمسكر ، وإنما الأخبار وردت في الخمر ، وهي كثيرة .
  منها:

صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله - عليه السلام - ( في البئر يبول فيه الصبي أو يصب فيها بول أو خمر ، فقال : ينزح الماء كلّه ) [1] .
 ويرد عليها: مخالفة لما عليه الأصحاب في حكم البول ، إذ المعروف بينهم أنه ينزح لبول الرجل أربعون دلوًا ، ولبول الصبي سبع .
  ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله - عليه السلام - ( قال: إن سقط في البئر دابة صغيرة ، أو نزل فيها جنب ، نُزح منها سبع دلاء ، فإن مات فيها ثور ، أو صبّ فيها خمر نزح الماء كله ) [2]
 ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال : ( إذا سقط في البئر شيء صغير ، فمات فيها ، فانزح منها دلاء ، وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء ، وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلتنزح ) [3]
 ورواها الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب ، وزاد فيها ( فلينزح الماء كله ) ، وإذا تأملت في الصحاح المتقدمة تجد أ، المذكور فيها لفظ "الصبّ" ، وهو يدلّ على كثرة الخمر .
  وعليه ، فشمولها لقليل الخمر ، لاسيما القطرة منها ، غير واضح ، اللهم إلا أن يقال : إنّ المراد من الصبّ هو مطلق الوقوع في البئر ، وفيه

، ما لا يخفى ، ولعله لعدم شمول الروايات لقليل الخمر ذهب الصدوق - رحمه الله - إلى القول بنزح العشرين دلوًا لقطرة الخمر.
  منها: خبر زرارة قال : ( قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر قال : الدم ، والخمر ، والميّت ، في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا ، فإن غلب الريح نزحت حتى تطيب ) [4]
 ويرد عليه:
  أوّلًا: أنه ضعيف السند ، لأن الظاهر أن المراد من نوح بن شعيب الوارد في السند هو الخراساني المجهول ، بقرينة رواية أبي إسحاق عنه ، والتي هي كنية إبراهيم بن هاشم ، ولو لم نسلم الظهور ، فيبقى مرددا بينه وبين البغدادي الثقة ، وحيث لا مميّز في البين ، فيكون مجهولا ، أضف إلى ذلك أن الخبر ضعيف أيضا بجهالة بشير الواقع في السند .
 ثانيا: ضعيف الدلالة فقد يستشكل فيها أيضًا بأنّ مورد السؤال في الخبر ، وإن كان عن حكم القليل ، إلا أن الجواب بعم الكثير أيضا ، انظر إلى قوله - عليه السلام - : ( فإن غلب الريح نزحت ... إلخ ) ، ومن الواضح أن القطرة لا تغلب الريح منها ، اللهم إلا أن يقال : إن الرواية اشتملت على الخمر والميت ولحم الخنزير ، فيمكن أن يكون غلبة الريح من الميت أو لحم الخنزير ، لا من القطرة ، والذي يهوّن الخطب أنها ضعيفة السند ، مع عدم الجابر لها ، حتى لو التزمنا بأن عمل المشهور جابر لضعف السند ، فإن المشهور أعرض عنها .
  منها: وقد يستدل

للصدوق - رحمه الله - أيضا بخبر كردويه قال : ( سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن البئر يقع فيها قطرة دم ، أو نبيذ مسكر ، أو بول ، أو خمر ؟ ، قال : ينزح منها ثلاثون دلوا ) [5] .
 ويرد عليه:
 أوّلًا: أنه ضعيف بجهالة "كردويه"
 ثانيا: أن هذا الخبر عليه ، لا له ، حيث أوجب فيه نزح الثلاثين ، والصدوق - رحمه الله - قائل بالعشرين .
  والذي يقتضيه الإنصاف أن حكم قليل الخمر داخل فيما لا نص فيه ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - حكمه ، وإن كان الاحتياط يقتضي نزح الجميع له ، والله العالم .
 


[1] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح4
[2] - الوسائل باب 15 من أبواب المطلق ح1
[3] - الوسائل باب 15 من أبواب المطلق ح6
[4] - الوسائل باب 15 من أبواب المطلق ح3
[5] - الوسائل باب 15 من أبواب المطلق ح2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo