< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المطر\ الأدلة
 كان الكلام في الأدلة على اشتراط الجريان مطلقا وذكرنا الدليل الأول
 الدليل الثاني: صحيحة علي بن جعفر الأولى عن أخيه موسى عليه السلام قال: ( سألته عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة فقال إذا جرى فلا بأس به، قال وسأله عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خرم فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله؟ فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا بأس به ). [1]
 الدليل الثالث: صحيحة علي بن جعفر الثانية عن أخيه موسى عليه السلام قال: ( سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أيصلى فيه قبل أن يغسل؟ قال إذا جرى به المطر فلا بأس ). [2]
 الدليل الرابع: رواية عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر وهي نفس الصحيحة الأولى لعلي بن جعفر مع زيادة: ( وسألته عن الكنيف يكون فوق البيت فيصيبه المطر فيكف فيصيب الثياب أيصلى فيها قبل أن تغسل؟ قال إذا جرى من ماء المطر فلا بأس ). [3]
 قيل هذه الرواية ضعيفة لأن عبد الله بن الحسن مهمل ولكن الإنصاف أن هذه الرواية وإن كانت ضعيفة بهذا السند إلا أن صاحب الوسائل رواها أيضا عن علي بن جعفر في كتابه ومن المعلوم أن صاحب الوسائل له طريق صحيح إلى كتاب علي بن جعفر، وعليه فتكون الرواية صحيحة.
 إذا عرفت ذلك فنقول:
 أما حسنة هشام بن الحكم فلا مفهوم لها بحيث تدل على انفعال ما عدا الميزاب بالملاقاة، نعم هي مطلقة من حيث كون الملاقاة للبول حال نزول المطر أم بعده، وتقيد بحال النزول.
 وأما صحيحة علي بن جعفر الأولى فهي وإن دلت على اعتبار الجريان الفعلي إلا أنه لا إطلاق لها بحيث تشمل غير موردها، وذلك لظهورها في أن ظهر البيت أخذ مكانا للتبول عليه، فقوله يبال على ظهره مشعر بتكرر ذلك ومن المعلوم عادة أن المكان الذي يعد للتبول يكثر فيه البول، فإذا كان المطر قليلا لا يبلغ حد الكثرة والجريان يتغير بالبول فينجس به لا بالملاقاة وعليه فاعتبار الجريان لئلا يتغير بوصف النجاسة فلا يفهم منها نجاسة الماء إذا انتفى الجريان.
 وأما صحيحة علي بن جعفر الثانية فأمرها أوضح لأن السائل فرض وجود العذرة في المكان الذي يجري فيه المطر ومن المعلوم أن الماء القليل يتغير بها فينجس بالتغير لا بالملاقاة، وأما إذا لم يقف الماء وجرى فلا يتغير بها وعليه فلا إطلاق له.
 وأما رواية علي ين جعفر الأخيرة لا تدل أصلا على اعتبار الجريان في اعتصام ماء المطر، وذلك لأن السائل فرض السيلان في الكنيف فجواب الإمام عليه السلام يكون احتراز عن ماء الكنيف أي أن ما فرض جريانه إن كان من ماء المطر لا من الكنيف فهو طاهر.
 هذا وحمل العلامة رحمه الله الجريان الوارد في الروايات على النزول من السماء، وفيه ملا يخفى إذ بعد السؤال عن إصابة المطر لا معنى للاشتراط بالنزول من السماء، اللهم إلا أن يكون المراد منه التعليل لا لشرط أي لا بأس به لأنه جرى من السماء وحمل بعض الأعلام الجريان مثل الفاضل الأصبهاني على مثل جريان الماء في الطهارة على الأعضاء من انتقال الأجزاء بعضها على مكان بعض، وإن لم يسل من الميزاب ونحوه. وفيه أنه خلاف الظاهر فيحتاج إلى قرينة.
 وقيل أيضا أن أقصى ما تدل عليه الأخبار هو ثبوت البأس في حالة عدم الجريان وهو أعم من الحرمة والكراهة، فيجوز أن يكون التوضؤ به الوارد في صحيحة علي بن جعفر الأولى قبل الجريان مكروها وقيل أيضا أنه لو سلم كون المراد من البأس هو المنع إلا أنه أعم من النجاسة.
 والإنصاف أن هذه الاحتمالات البعيدة لسنا بحاجة إليها بعد ما عرفت المراد من هذه الأخبار. ومما يؤيد عدم اشتراط الجريان هو أنه يستبعد جدا القول بنجاسة المياة الكثيرة المجتمعة من الأمطار الغزيرة في الأرض المستوية إذا لاقت النجاسة بل هو معلوم البطلان. كما إن لازم ما ذكره الشيخ من اعتبار الجريان في الميزاب هو نجاسة المياه الكثيرة الغزيرة وإن جرت في الأراضي المنحدرة بل وإن صارت كالأنهار العظيمة، وهو واضح البطلان بل هذا يكشف على أن مراد الشيخ من ذكر الميزاب إنما هو لمجرد التمثيل ومما ذكرنا اتضح لك حال بقية الأقوال والخلاصة إلىهنا أن ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح والله العالم.
 ثم إنه ينبغي التنبيه على بعض الأمور:
 الأول: إن النازل من السماء لا بد أن يكون كثيرا بحيث يصدق عليه ماء المطر فلو كان النازل قطرات يسيرة فلا يكفي في ترتب الحكم لعدم صدق اسم ماء المطر عليه، وعليه فإذا صدق أن النازل من السماء ماء المطر فيكفي حينئذ في تطهير المتنجس قطرات بل قطرة واحدة وهذا لا ينافي ما قدمناه من عدم الاكتفاء بالقطرات لأن المراد منعدم الاكتفاء هناك إنما هو في أصل مسمى المطر لا بالنظر إلى ما يصيب المتنجس بعد تحقق الاسم وفرق واضح بين الصورتين.
 وقال الشهيد الثاني في روض الجنان: ( كان بعض من عاصرناه من السادة الفضلاء يكتفي في تطهير الماء النجس بوقوع قطرة واحدة عليه وليس ببعيد وإن كان العمل على خلافه ). انتهى.
 وفيه: إن كان مراده من الاكتفاء بالقطرة الواحدة بالنظر إلى ما يصيبه بعد تحقق الاسم فلا بأس به، وأما إن كان مراده الاكتفاء بالقطرة الواحدة في التطهير وفي تحقق الاسم فهو باطل لعدم صدق الاسم بالقطرات اليسيرة فضلا عن القطرة الواحدة.
 
 
 


[1] الوسائل،باب 6 من أبواب الماء المطلق، ح2
[2] الوسائل، باب 6 من أبواب الماء المطلق، ح9
[3] الوسائل، باب 6 من أبواب الماء المطلق، ح3

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo